أشهر المغارات والكهوف في سورية ... مغارة الضوّايات.
للطبيعة فنونها العفوية المدهشة، وإذا كانت الغابات والمحميات والشواطئ والجبال تقدم آيات من السحر والروعة، فإن الماء والكلس قد لعبا لعبتهما الفنية الفريدة عبر ملايين السنين، ليرسما مجسمات فنية نادرة وغريبة داخل المغارات والكهوف تحت سطح الأرض وقريباً منه على هيئة صواعد ونوازل تسحر وتدهش وتجعل المرء يقف مشدوهاً أمامها لفرط جمالها والتماعها في الضوء، حيث تتحول ترسبات الكلس إلى ما يشبه الكريستال.
في سوريا أكثر من عشر مغارات تحفل بإبداع الطبيعة وسحرها الأخاذ، لكنها مغمورة إعلامياً وخاملة سياحياً، وإن كان بعضها معروفاً على الصعيد العالمي، ضمن دائرة المختصين والدوريات العلمية.
وتعتبر مغارة «الضوايات» أشهر مغارة سورية على الصعيد العالمي، وهي من أقدم المغر المعروفة، حيث اكتشفت عام 1914 على يد راعي غنم، عندما سقط أحد خرافه في فتحة ضوء من فتحاتها الطبيعية السبع، ثم اكتشفها العلماء عام 1956، ووصفتها مجلة فرنسية جيولوجية بأنها «أجمل مغارة غير مسكونة في العالم».
![أشهر المغارات والكهوف في سورية ... مغارة الضوّايات. Grotte_06](https://2img.net/h/adib.tiba.free.fr/galleries/Syrie/Mashta_Al_Helou/Grotte_06.JPG)
عشرون مليون سنة
سميت المغارة بالضوايات لوجود فتحات في سقفها تدخل منها أشعة الشمس، وهي تقع على مسافة 2 كيلو متر من مصيف مشتى الحلو في محافظة طرطوس، ورغم أن المستكشف منها حتى الآن لا يتجاوز عدة مئات من الأمتار المربعة، إلا أن الخبراء يقولون إنها تمتد عدة كيلومترات تحت الأرض، وتضم نبع «العطشان» ذي المياه الغزيرة والعذبة، وتمتاز الضوايات بمناخ معتدل صيفاً ودافئ في الشتاء، وهو ما جعل منها ملاذاً آمناً للثوار السوريين ضد المستعمر الفرنسي وملجأ للهاربين من ملاحقة الدولة العثمانية قبل ذلك.
![أشهر المغارات والكهوف في سورية ... مغارة الضوّايات. Grotte_11-398x330](https://2img.net/h/www.fotoartbook.com/wp-content/uploads/2014/08/Grotte_11-398x330.jpg)
وتعتبر هذه المغارة تحفة فنية أبدعتها يد الخالق عز وجل، حيث تتدلى من سقوفها النوازل (ترسبات كلسية) كما ترتفع من أرضيتها الصواعد والأعمدة الكلسية في تشكيل معجز وخلاب يكاد يخطف الأبصار، فكأنه كريستال طبيعي يمزج الضوء بالسحر، فيقف المشاهد أمام هذا المنظر الرائع وهو مدهوش من روعة ما يرى، ومأخوذ بافتتان بقطرات الماء التي تتدلى على النوازل.
وقدر الخبراء عمر هذه المغارة بعشرين مليون سنة، أي أنها بدأت تتشكل في الدور الجيولوجي الرابع، وهي مشكلة من ترسبات الكالسيوم الذائبة في الصخور بفعل الأمطار، حيث إن تشكل كل سم مكعب واحد يحتاج إلى عشرة آلاف سنة، أي أن الطبيعة قدمت أجمل لوحاتها الإبداعية على مدى عشرين مليون سنة. وتعادل الضوايات في عمرها الجيولوجي مغارتي جعيتا وقاديشا اللبنانيتين الشهيرتين، وإن كانت تعد الأجمل بين مغارات العالم المشابهة والأكبر مساحة بعد توسيعها لتمتد عدة كيلو مترات تحت سطح الأرض، وسط بيئة طبيعية تعتبر من أجمل مناطق الاصطياف في سوريا، وظلت المغارة زمناً طويلاً طي النسيان لم يدخلها أحد سوى المجاورين لها، وافتتحت للزائرين قبل سنوات قليلة، وأصبحت مقصداً لرواد الظواهر الطبيعية العجيبة والمدهشة.
إلى جانب مغارة «الضوايات» التي أصبحت الأشهر، هناك نحو تسع مغارات طبيعية قد لا تقل عنها جمالاً، وإن كان بعضها أقدم منها في سنة التشكل.