لماذا ينام الرجال بشكل أفضل من النساء؟
كشفت الأبحاث على الذباب أن هناك بروتين يسمى (Taranis)، يعتقد بأنه يلعب دوراً رئيسياً في مقدار الحصول على النوم الجيد، ولذلك نأمل أن تحظى النساء بقدر وافٍ من هذا الجين بشكل خاص، لأنه وبكل صراحة، النساء سيئات جداً عندما يتعلق الأمر بالنوم، حيث وجدت دراسة أجرتها جامعة (ساري) أن حوالي واحدة من كل خمس نساء يعانين من مشاكل في النوم بما معدله خمسة أيام في الأسبوع، وذلك بالمقارنة مع 8% فقط من الرجال، وفي موضوع أهمية النوم وعلاقته بالجنس، تشير المدونة الشهيرة (أريانا هافينغتون) بأن النوم سيصبح قريباً المشكلة النسائية القادمة، كما أنها تنصح جميع النساء بأن يحاولن الحصول على أكبر قدر ممكن من النوم في أي وقت يستطيعن فيه القيام بذلك.
عند البحث في عادات النوم لدى كل من الرجال والنساء، سنُذهل من مدى سوء قدرة النساء على إغلاق أعينهن، وذلك على الرغم من حقيقية أن النساء يحتجن بالفعل إلى النوم لمدة أطول من الرجال، فبحسب للدكتور (جيم هورن)، وهو مدير مركز أبحاث النوم في جامعة لوبورو، فإن النساء يحتجن إلى 20 دقيقة إضافية من النوم يومياً مقارنة مع الرجال، وتبعاً له فإن هذا يعود في جزء منه إلى أن النساء يستخدمن عقولهن أكثر خلال اليوم، ولأن المهمة الرئيسية للنوم هي السماح للدماغ بأن يرتاح من كل تلك المهام المتعددة الإضافية التي تشغل النساء أنفسهن بها، و لهذا تحتاج النساء للنوم أكثر من الرجال.
وفقاً للاتحاد الوطني للنوم، فإن النساء عادة ما يسجلن نتائج أسوأ في جميع الاضطرابات الرئيسية المرتبطة بالنوم تقريباً، حيث أن هناك 63% من النساء يعانين من الأرق عدة مرات في الأسبوع، بالمقارنة مع 54% من الرجال، كما أن هناك 58% من النساء اللواتي يعانين من آلام أثناء النوم يمكن أن تؤدي إلى قطع وتيرة نومهن بمعدل ثلاث ليالي على الأقل في الأسبوع، بالمقارنة مع 48% من الرجال، وحتى أن تناول الوجبات الخفيفة في منتصف الليل (أو ما يعرف باضطرابات النوم المرتبطة بتناول الطعام الليلية) يؤثر على النساء أكثر من الرجال، حيث أن 66% من الذين يعانون من هذا الاضطراب هم من الإناث.
في الواقع، إن اضطراب النوم الوحيد الذي يؤثر على الرجال أكثر من النساء هو توقف التنفس أثناء النوم، حيث أن الرجال معرضون للإصابة بهذه الحالة أكثر بمرتين من النساء، ولكن مع ذلك، اقترح بعض الباحثين أن هذه الحالة قد تكون موجودة لدى النساء أيضاً ولكن بشكل مختلف، وهي مشكلة لا تقل أهمية عن تلك التي يعاني منها الرجال.
إذن، لماذا يوجد مثل هذا التفاوت بين الجنسين عندما يتعلق الأمر بالحصول على ليلة نوم هانئة؟
يبدو أن السبب يعود بجزء منه إلى سبب بسيط، وهو الدورة الشهرية لدى النساء، فالحيض وانقطاع الطمث يخلق نوعاً من التقلبات الهرمونية، وهذه التقلبات يمكن أن تؤثر بدورها على نوعية النوم لدى النساء، والشيء نفسه ينطبق على الحمل، ومن جهة ثانية، يبدو بأن نوم النساء يكون بشكل طبيعي أخف من الرجال، وبالتالي فهن أكثر عرضة للمعاناة من الاضطرابات أثناء الليل، وتشير إحدى النظريات إلى أن هذا يعود للمفهوم التطوري، حيث أن النساء كن منذ فجر التاريخ المسؤولات عن وقت إطعام الأطفال حديثي الولادة ليلاً، وهذا جعلهن أكثر تأثراً وتنبهاً للضوضاء في ساعات الليل.
ما يجب علينا جميعاً أن نعلمه هو مدى أهمية النوم لصحتنا، فالنوم يلعب دوراً كبيراً في معالجة الضرر الذي يصيب أجسامنا في كل يوم، وإذا لم نحصل على قسط كاف من النوم فإن مستويات الكورتيزول سترتفع في أجسادنا، وهذا يمكن أن يتسبب بزيادة الوزن وفقدان الكتلة العضلية، حيث أن هرمون الكورتيزول ينشّط استجابة الجوع في الدماغ، وهذا ما يجعل زيادة الوزن تصبح أكثر احتمالاً.
هناك أيضاً هرمونين آخرين يعتبران من العوامل الهامة التي تجعل النوم يؤثر على زيادة الوزن لدينا، وهما (الجريلين) و (اللبتين)، حيث أن وظيفة الجريلين تتمثل بإخبارنا بأننا بحاجة لتناول الطعام، وكلما قل نومنا، زادت الكمية التي يفرزها الجسم منه، أما وظيفة اللبتين فهي تقريباً عكس ذلك، حيث أن هذا الهرمون يعمل على إرسال إشارة إلى الدماغ لإعلامنا بأننا أكلنا بما فيه الكفاية، والمشكلة تكمن بأن قلة النوم تؤدي إلى قلة إنتاج هذا الهرمون.
إن زيادة الوزن لا تعتبر المشكلة الوحيدة التي ترتبط بقلة النوم، فالنوم ذو النوعية السيئة يرتبط بالإصابة بالاكتئاب، وارتفاع معدلات مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.
قد يتساءل البعض عن الكيفية التي يمكن من خلالها تحسين نوعية النوم؟ والجواب يكمن بالالتزام بعدد من القواعد الصحية للنوم، والتي تعمل بشكل جيد بشكل متساوي بين النساء والرجال.
قم بممارسة التمارين الرياضية في الصباح، حيث أثبتت الأبحاث أن القيام بالتمارين الرياضية في وقت متأخر من اليوم يعيق النوم، وإذا كنت تعاني من متلازمة تململ الساقين، أو آلام المفاصل أو عرق النسا، يمكن للسرير القابل للتعديل أن يساعد على تحسين الأمور قليلاً.
يمكن أيضاً لإطفاء الهواتف وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي ينبعث منها ضوء أن يساعد على زيادة مستويات هرمون الميلاتونين في الجسم، وهو الأمر الذي يعزز من أنماط النوم الصحية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحافظة على أناقة غرفة النوم يمكن أن يضيف ميزة نفسية، حيث أنه يهدئ العقل والحواس في الجسم.
وأخيراً، إذا كنت تلوم شريكك بأن شخيره المتواصل هو ما يسبب لك الأرق، فاجعله يخضع لفحص توقف التنفس أثناء النوم، فالعلاج الطبي قد يكون الحل للمشكلة، أما إذا لم تجدِ أي من الحلول السابقة نفعاً، فنأمل أن يكون جين (Taranis) هو الحل لهذه المشكلة.