الإضراب الستيني :حتى اللصوص قد شملهم الإضراب فانقطعوا عن صناعتهم!! .
في أوائل العام 1936 نفذ التجار الدمشقيون اضراباً أطلق عليه اسم الاضراب الستيني، احتجاجاً على سلطات الانتدا الفرنسي لاعتقالها عدد من أعضاء الكتلة الوطنية وعلى رأسهم الزعيم الدمشقي المحبوب فخري البارودي، حاولت السلطات الفرنسية بكل الوسائل فض هذا الاضراب ولكن دون جدوى، فما كان منها إلا أن لجأت إلى كسر أقفال المحال التجارية، وفتحت أبوابها وجعلتها عرضة للنهب والسرقة.
وفجأة ظهر أمام تلك المحلات شباب مفتولو العضلات كان يطلق عليهم في تلك الأيام لقب (زكرتية أو قباضايات) ظن الفرنسيون أنهم جاؤوا لينهبوها وفرحوا لنجاح خطتهم. إلا أن هؤلاء القباضايات وقفوا أمامها دون أن يدخلوها وأرسلوا وفداً منهم لمقابلة رجالات هذه الحركة الوطنية. ذهب الوفد إلى رجالات الحركة الوطنية وقال لهم: بإمكانكم أن تُطمئنوا التجار بأن محلاتهم لن تمس مهما طال الإضراب، ولن نسمح لفرنسا أن تكسر الإضراب مهما حصل. سر رجالات الكتلة الوطنية لحماس هؤلاء الشباب، وعندما ذهبوا تسائلوا إن كان أحد منهم يعرف هؤلاء القبضايات أو من أرسلهم، فالتفت أحدهم وقال: أنا أعرفهم جيداً، هؤلاء هم مجموعة من الحرمية وقطاع الطرق والظاهر أنهم قرروا يشاركوا بالحراك الوطني، فأعلنوا إضرابهم عن السرقة … وبالفعل انتهى الاضراب الذي استمر ستين يوماً في 8 آذار 1936 دون أن تسجل حادثة سرقة واحدة. ويذكر المرحوم علي الطنطاوي في مذكراته عن الإضراب مايلي: ” وعاش هذا الشعب الفقير على الخبز وطوى ليله جائعاً من لم يجد الخبز، ثم لم يرتفع صوت واحد بالشكوى …… ولم يُسمع أن لصاً قد مد يده إلى مال، حتى اللصوص قد شملهم الإضراب فانقطعوا عن صناعتهم!”