قصيدة حافظ إبراهيم ( اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها )بعد سقوط بغداد على أيدي التتار عاشت الأمة العربية سنين طويلة من اليأس والإحباط، ونسي أبناء الأمة ما كان عليه الآباء من تقدم وازدهار، في ذلك الوقت كانت أوروبا تسابق الزمن لبناء حضارتها الناشئة، التي بدأت من حيث انتهى المسلمون، وأخذت الاختراعات تتوالى، والأمة العربية تغط في نومها، وفجأة انتقلت كثير من تلك الاختراعات إلى بلاد العرب؛ لتتركهم في حيرة، ماذا يفعلون في تلك الأسماء الأجنبية، وبعد تفكير عميق توصل البعض إلى أن العيب ليس في الأمة النائمة، وإنما في اللغة العربية القاصرة عن وصف تلك الآلات.
فرد عليهم حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية قائلا:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي *** وناديت قومي فاحتسبت حياتي
ررموني بعقم في الشباب وليتني *** عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وولدت فلما لم أجد لعرائـــســـي *** رجـالاً وأكـفــاءً وأدت بـنـــاتي
وولدت فلما لم أجد لعرائـــســـي *** رجـالاً وأكـفــاءً وأدت بـنـــاتي
ووسعت كتاب الله لفظاً وغــايــة *** وما ضقت عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة ***وتنسيق أسماءٍ لـمخـتـرعــات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن*** فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني *** ومنكم، وإن عـز الـدواء، أسـاتـي
أيطربكم من جانب الغرب ناعب *** ينادي بوأدي في ربيع حياتي؟!
أرى كل يوم في الجرائد مزلقاً *** من القبر يـدنـيـني بغـيـر أناة!!
وأسمع للكتاب في مصر ضجةً *** فـأعـلــم أن الصائحـيـن نعاتي!!
أيهجرني قومي عفا الله عنهم *** إلى لـغــة لــم تـتـصل بـــرواة؟!
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى*** لُعَابُ الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوبٍ ضم سبعين رقعة *** مُشَكَّلَةَ الألـوان مـخـتـلـفــــــات
إلى معشر الكتاب والجمع حافل*** بسطت رجائي بعد بسط شَكَاتِي
فإما حياة تبعث الميت في البلى*** وتُبْنِتُ في تلك الرموس رفاتي
وإما مــمات لا قـــيــامــة بعـــده*** مــمات لعمري لم يُقَــسْ بممـات