قريبة إلى القلب، مفعمة بالتفاصيل، لا تكتفي بالنظر إليها، تدمن الغوص في أدق تفاصيلها إلى أن تقع في لحظة شك "أهي الصغيرة أم أنك العملاق". إنها الأعمال الفنية للفنان السوري متعب سليمان، الذي يحترف صنع "المصغرات الفنية"، وهو أحد الفنون القديمة، التي تقوم على تشكيل مجسمات صغيرة بتفاصيل دقيقة، لأشكال يختارها مهما بلغ حجمها في الواقع.
اهتم متعب (34عاماً) منذ الصغر بالرسم والتشكيل والحفر على الخشب، منعته ظروفه خلال فترة المراهقة من متابعة تعليمه، لكنّه واصل تعلّم أحدث التقنيات وبرامج الحاسوب المتعلقة بالرسم، واحترف مجال التصميم الثلاثي الأبعاد وتعديل الصور، وعمل بها.
انعدام فرص العمل وسوء الأوضاع الأمنية في سورية، دفع متعب للنزوح إلى لبنان، مع زوجته وولديه يوسف وفاطمة، بدأ هناك رحلة مضنية في البحث عن عمل، اضطر خلال هذه الفترة للعمل كعامل بناء لتأمين التكاليف المعيشية لأسرته الصغيرة، ثم انتقل للعمل بتركيب السيراميك والبلاط.
يقول سليمان "كنت أفكر في هذا الفن في كل لحظة خلال العمل، في كل ورشة عمل كانوا يتلفون الكثير من المواد والأدوات، بالنسبة لي كانت ذات قيمة، كنت أختبرها، وأفكر مطولاً كيف سأصنع منها قطعاً فنية".
بعد فترة، انتقل متعب للرسم ثلاثي الأبعاد، وبدأ بعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي، واستطاع من خلالها اجتذاب كثير من المتابعين، لكنه لم يتوقف عندها، يقول "كانت تغريني جميع الأنواع الفنية المرتبطة بالتشكيل البصري الفني، بدأت بتخطيط الأسماء وابتكار طرق جديدة في الرسوم ثلاثية الأبعاد، ثم بدأت الرسم والتنقيط على الحصى البحرية، صرت أنزل يومياً إلى الشاطئ أبحث عن الحصى لأعمل عليها".
ويستطرد "ذات مرّة وخلال استعراضي لأعمال فنية عالمية، تعرفت على فن المصغّرات، أسرتني هذه القطع الصغيرة، أردت أن أصنع منها على الفور، تذكرت كل ما اختبرته على المواد المتلفة في ورشات العمل، واستفدت منه لأبدأ جولة فنية جديدة".