[center]من ينقذ جثة البحر الميت من التحلل ؟
مستوى البحيرة الصغيرة المحصورة بين الاردن وفلسطين ينخفض بمقدار متر سنوياً بسبب تحويل مسارات المياه التي تغذيه.
ساهمت املاح البحر الميت لعقود في علاج الناس لكن الخبراء يحذرون من ان هذه البحيرة الاكثر انخفاضاً وملوحة على وجه الارض تحتاج الى مساعدة العالم لتحافظ على وجودها.
وتتلاشى البحيرة الصغيرة المحصورة بين الاردن والضفة الغربية وفلسطين المحتلة شيئا فشيئا وينخفض مستواها بمقدار متر واحد سنوياً بسبب تحويل مسارات المياه التي تغذيها فضلاً عن الانشطة الصناعية والزراعية القريبة.
وبدأ الانخفاض في مستوى البحر الميت في ستينات القرن الماضي حين بدأت إسرائيل والاردن وسوريا بتحويل 95% من مياه نهر الاردن، الرافد الرئيسي للبحيرة للاستخدام الزراعي والصناعي.
وما فاقم المشكلة الانخفاض في مستوى المياه الجوفية الذي نجم عن قلة مياه الأمطار القادمة من الجبال المحيطة وذوبان الكتل الملحية التي كانت تمنع سابقا حدوث الحفر الانهدامية .
وأدى ذلك الى ظهور الحفر الانهدامية على شاطئ البحر الميت ما خلق مشاكل خطيرة للمزارعين.
ويقول المزارع عزت خنازرة (42 عاماً) وهو ينفخ الدخان من سيجارته، ان "الحفر الانهدامية دمرت مزرعتي التي تبلغ مساحتها دونمات قبل عشر سنوات واجبرتني على الانتقال والعمل لدى مزارعين آخرين".
ويضيف المزارع الاسمر النحيل وهو يقف قرب حفرة انهدامية قطرها 20 متراً وعمقها 40 متراً "لم يعوضني احد عن خسائري. امتلأت ارضي بالتصدعات وكان من المستحيل فعل اي شيء".
وتفيد تقديرات ان نحو مئة حفرة انهدامية في غور حديثة وحده يمكن ان تفتح في اي وقت وتبتلع كل ما فوقها مثل زلزال مدمر.
ويقول فتحي الهويمر الباحث الميداني في مجموعة "اصدقاء الارض-الشرق الاوسط" البيئية ان "هذه الحفر الانهدامية تعتبر قنابل موقوتة. تظهر في أي وقت وتأكل كل ما فوقها".
ويضيف ان "المزارعين لا يشعرون بالأمان ويتوقعون المزيد من المتاعب".
وتساهم الأنشطة الصناعية المقامة حول ضفاف البحر الميت أيضاً في المشاكل التي تواجهه.
وقد اقامت كل من اسرائيل والاردن برك ضخمة لتبخير مياه البحر الميت لاستخراج الفوسفات فيما اقيمت فنادق فخمة على الساحل، يتدفق عليها السياح للاستفادة من القدرة العلاجية لطين البحر والمعادن والاجواء في تلك المنطقة.
ويؤكد دريد محاسنة خبير المياه ورئيس سابق لسلطة وادي الاردن ان "تغير المناخ اثر على كل شيء".
واضاف انه "ليس هناك اي اجراء جدي لمعالجة تغير المناخ.نحن بحاجة ماسة الى الحلول المستدامة والمتكاملة".
ويؤكد وزير البيئة الاردني، خالد الايراني ان الاردن سيناقش مشاكل البحر الميت في قمة كوبنهاغن حول التغير المناخي التي تعقد هذا الشهر .
واوضح ان "الأردن تضرر بشدة وسنحث الدول المتقدمة على تخصيص مزيد من الموارد للمساهمة في إنقاذ البحر الميت".
ويعكف البنك الدولي حالياً على دراسة خطة تبلغ كلفتها عدة مليارات من الدولارات لبناء خط أنابيب من البحر الأحمر لتغذية مياه البحر الميت.
ويمول البنك دراسة اطلقت العام الماضي للأثر البيئي للمشروع كلفتها 15 مليون دولار وتجرى على مدى عامين.
ووافق الاردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية في 2005 على الخطوط العريضة للمشروع الذي يقضي بنقل ملياري متر مكعب من المياه سنوياً عبر قناة طولها 200 كلم لاعادة رفع مستوى البحر الميت وتوليد الكهرباء.
لكن بعض خبراء البيئة لديهم مخاوف من امكانية ان يضر المشروع بالبحر الميت وتركيبة مياهه الفريدة اذا ما اختلطت بمياه البحر الاحمر.
ويقول منقذ مهيار رئيس مجموعة اصدقاء الارض انه "ليس من الممكن تحديد الأثر البيئي للمشروع خلال عامين فقط فنحن نتعامل على الاقل مع نظامين بيئيين حساسين ومختلفين، وعلينا ان نتقبل بصدر رحب البدائل الممكنة".
اما الايراني الذي اختلف مع مهيار فيرى انه "من السابق لاوانه قول ذلك. دعونا ننتظر ونرى نتائج دراسة الأثر البيئي للمشروع".
واضاف "قد لا نمضي قدما في المشروع إذا كان سيؤدي الى فوضى كبيرة في النظام البيئي لكن اذا استطعنا جلب المياه الى البحر الميت والحفاظ على الجودة البيئية لمياهه، فلم لا".
من جهته، يرى محاسنة ان المشروع "لن يكون مهمة سهلة لاسباب سياسية واقتصادية" لكنه "خطة خلاص لانقاذ البحر الميت ولا يوجد اي خيار آخر".
وحذر محاسنة من ان "البحر الميت قد ينحسر في المستقبل ليصبح بركة صغيرة وهو امر بالغ الخطورة ولا احد يفعل اي شيء الآن لانقاذه وذلك يتجاوز قدرة الأردن".
واضاف ان "انقاذ البحر الميت هو قضية إقليمية وإذا اخذنا في الاعتبار الارث او الاهمية التاريخية والجانب البيئي او حتى الجغرافي، فهو قضية دولية".
وانخفض مستوى تدفق المياه في النهر خلال الاعوام الخمسين الماضية من أكثر من 1.3 مليار متر مكعب من المياه سنويا الى سبعين مليون متر مكعب، وفقا لجمعية لاصدقاء الارض.
ويقول خبراء المياه ان معظم الينابيع في وادي الأردن، والتي تتدفق مباشرة إلى البحر الميت اقيمت عليها سدود.
والاردن الذي يبلغ عدد سكانه نحو ستة ملايين نسمة مع زيادة سكانية سنوية بمعدل 5.3%، هو احد الدول العشر الاكثر افتقارا للمياه في العالم ويعتمد على كل قطرة من مياه الامطار لسد حاجاته للاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي.
وتحتاج المملكة الصغيرة التي تشكل الصحراء 92% من مساحتها الى 1.6 مليار متر مكعب من المياه سنوياً لتلبي حاجاتها عام 2015.
----------------------------------------------
المصدر :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]