رابعة العدوية
تكنى بأم الخـير، عابدة و متصوفة تاريخية و أحد الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، تعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي و هو مذهب العشق الألهي.
أصلها و نشأتها
هي رابعة بنت إسماعيل العدوي، ولدت في مدينة البصرة ويرجح مولدها حوالي عام (100 هـ -718م)، كانت لأب عابد فقير ، و كانت الأبنة الرابعة لوالدها لهذا يرجع اسمها رابعة. توفي والدها و هي طفلة دون العاشرة و لم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة و اخواتها أنفسهن بلا عائل يُعينهن علي الفقر و الجوع و الهزال فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسباب العيش لها سوى قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد أنهار البصرة كما ذكر المؤرخ الصوفي ]فريد الدين عطار في (تذكرة الأولياء).
كانت رابعة تخرج لتعمل مكان أبيها ثم تعود بعد عناء تهون عن نفسها بالغناء و بذلك أطلق الشقاء عليها و حرمت من الحنان و العطف الأبوي ، بعد وفاة والديها غادرت رابعة مع أخواتها البيت بعد أن دب بالبصرة جفاف و قحط أو وباء وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها و بين أخواتها، وبذلك أصبحت وحيدة مشردة ، أدت المجاعة إلى انتشار اللصوص و قُطَّاع الطرق، خطف رابعة أحد اللصوص و باعها بستة دراهم لأحد التجار القساة من آل عتيك البصرية ، أذاقها التاجر سوء العذاب، لم تتفق آراء الباحثين على تحديد هوية رابعة فالبعض يرون أن آل عتيق هم بني عدوة لذا سميت العدوية.
شخصية
رابعة العدوية
أختلف الكثيرون في تصوير حياة و شخصية العابدة رابعة العدوية فقد صورتها السينما في الفيلم السينمائي المصري الذي قامت ببطولته الممثلةنبيلة عبيد و الممثل فريد شوقي في الجزء الأول من حياتها كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية و الخمر والشهوات قبل أن تتجه إلى طاعة الله و عبادته، في حين يقول البعض أن هذه صورة غير صحيحة و مشوهة لرابعة في بداية حياتها، فقد نشأت في بيئة إسلامية صالحة و حفظت القرآن الكريم و تدبَّرت آياته و قرأت الحديث و تدارسته و حافظت على الصلاة و هي في عمر الزهور، و عاشت طوال حياتها عذراء بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخطبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان و التعبُّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج و الولد.و يفند الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في كتابه شهيدة العشق الآلهي أسباب أختلافه مع الصورة التي صورتها السينما لرابعة بدلالات كثيرة منها الوراثة و البيئة، بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي. و كان جيران أبيها يطلقون عليه العابد، و ما كان من الممكن و هذه تنشئة رابعة أن يفلت زمامها، كما أنها رفضت الزواج بشدة.
رسالة رابعة لكل إنسان كانت: أن نحب من أحبنا أولاً و هو الله.
أنعم الله علي رابعة بموهبة الشعر و تأججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عن ما يختلج بها من وجد و عشق لله و تقدم ذلك الشعر كرسالة لمن حولها ليحبوا ذلك المحبوب العظيم.
من أشعارها في أحد قصائدها التي تصف حب الخالق تقول:
عرفت الهوى مذ عرفت هواك
و اغلقت قلبي عمن سواك
و كنت اناجيك يا من ترى
القلوب و لسنا نراك
احبك حبين حب الهوى
و حبا لانك اهل لذاك
فاما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواك
و اما الذي انت اهل له
فكشفك للحجب حتى اراك
فلا الحمد في ذا و لا ذاك لي
و لكن لك الحمد في ذا و ذاك
أحبك حبين.. حب الهوى
و حبا لأنك أهل لذاك
و اشتاق شوقين..شوق النوى
و شوق لقرب الخلي من حماك
فأما الذي هو شوق النوى
فمسرى الدموع لطول نواك
و أما اشتياق لقرب الحمى
فنار حياة خبت في ضياك
و لست على الشجو أشكو الهوى
رضيت بما شئت لي في هداك
من أدعية رابعة العدوية
اللهم اجعل الجنة لأحبائك... و النار لأعدائك..أما أنا فحسبي أنت.
اللهم إن كنت أعبدك خوفا من نارك فاحرقني بنار جهنم و إذا كنت أعبدك طمعا في جنتك فاصرفني منها.. أما إذا كنت أعبدك من أجل محبتك فلا تحرمني من رؤية وجهك الكريم.
إلهي.. إن رزقي عندك و ما ينقصني أحد شيئا و لا يسلبه مني إلا بقضائك.. و الرزق منك.. فاللهم أسألك الرضا بعد القضاء.
إلهي.. هذا الليل قد أدبر.. و النهار قد أسفر.. فليت شعري.. هل قبلت مني ليلتي فأهنأ أم رددتها على فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني.
وفاتها
توفيت رابعة و هي في الثمانين من عمرها سنة تقول دائرة المعارف الإسلامية في الجزء11 من المجلد التاسع: " رابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد و نساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، كما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده.المصدر: الموسوعة الحرة ويكيبيديا