ما هى العمارة الخضراء ؟
مقال: أحمد أمين عرفات العمارة الخضراء مصطلح قد لا يفهمه الكثيرون ولكنه فكر جديد بدأ يغزو عالم العمارة في مصر, وفي الفترة الأخيرة عقد المركز القومي للإسكان والبناء مؤتمرا عن العمارة الخضراء دعا إليه خبراء عالميين, كما شهد العديد من الأبحاث المصرية في هذا المجال..
فما العمارة الخضراء؟
وما الفرق بينها وبين المباني التقليدية ؟
وما الذي يمكن أن تضيفه لمجال العمارة في مصر ؟
في البداية يقول الدكتور مصطفي الدمرداش رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء: يقصد بالعمارة الخضراء استخدام تصاميم للبناء بشكل أفضل وتنفيذها بمواد بناء معينة لها خاصية العزل بحيث تجعل استهلاك المبني للطاقة بأقل قدر ممكن.. وفي نفس الوقت تكون صديقة للبيئة وذلك من خلال طرق وأساليب تكنولوجية حديثة تعتمد علي إعادة تدوير الأشياء فمثلا قمنا بعمل مشروع يعتمد علي تجميع مخلفات المباني وطحنها من خلال ماكينة تم اختراعها لهذا الغرض, وإعادة استخدامها مرة أخري كمواد للبناء مما أدي إلي توفير في مواد البناء بجانب التخلص من هذه المخلفات لما لها من أضرار بيئية وصحية علي المحيطين بها.. كما تم أيضا تصنيع نوع معين من الطوب ومواد البناء من قش الأرز بعد إعادة تدويره بطريقة مبتكرة..
والعمارة الخضراء تعد في الوقت الحالي وفي ظل الظروف التي تحيط بنا مطلبا رئيسيا وليس نوعا من الرفاهية خصوصا مع ما نعانيه من أزمات مالية واقتصادية ونقص في المواد الخام مثل الطاقة والبترول الذي أوشك الاحتياطي منه علي النفاد علاوة علي ما يسببه من تلوث في البيئة وفي ظل وجود مشاكل في المناخ بفعل الاحتباس الحراري واذابة الجليد وهو ما دفع الدول المتقدمة وغيرها مثل الصين والهند إلي تبني فكر العمارة الخضراء كفكر جديد في بناء مشاريع غير تقليدية ووصل الأمر في دول مثل أمريكا وإنجلترا واليابان أن أصبحت لديها مؤسسات كبري مهمتها الأساسية تقييم المباني فيما يتعلق بمدي مطابقتها لمواصفات لعمارة الخضراء وتصنيفها وفقا لدرجات ومعايير معينة وتقوم هذه المؤسسات بإعطاء شهادات بذلك.. كما أن كل ناطحات السحاب والمدن الكبيرة والأسواق التجارية في الدول المتقدمة خضراء.. وفي كاليفورنيا علي سبيل المثال لا يمكن الترخيص بإنشاء أي مبني إلا إذا كان باعتماد من العمارة الخضراء.. وفكر العمارة الخضراء هو الذي نعمل عليه في الوقت الراهن وقد اتخذنا فيه خطوات جادة حيث قمنا بتأسيس المجلس الأعلي للعمارة الخضراء والذي يتبع وزارة الإسكان ومن أهم وظائفه رسم خريطة للعمارة الخضراء في مصر وعمل الكودات الخاصة بها, كما أن هذا المجلس سوف يشارك مع الهيئات والمؤسسات العالمية بما يتوافق مع الطبيعة المصرية.. علاوة علي ما سيقوم به من نشر مفهوم العمارة الخضراء وتوعية المواطنين به, وكذلك العمل علي تدريسه في الجامعات.. ليس هذا فحسب بل إننا بدأنا في عمل قرية صديقة للبيئة بعد الحصول علي موافقة وزير الإسكان والتي ستعتمد علي الأبنية الخضراء التي توفر طاقة عالية بتكلفة تشغيل وصيانة أقل وذلك من خلال استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية بتحويلها إلي كهرباء وإعادة تدوير المياة بحيث يحدث اكتفاء ذاتي كامل دون تحميل الدولة أي عبء علاوة علي ما ستقوم به من توفير لفرص العمل ما يعني مساهمتها في حل مشكلة البطالة, فالعمارة الخضراء تجعلك تعيش حياتك فيها دون احتياج لأحد خارجها, لأنها كفيلة بتجديد طاقتها وإعادة تدوير مالديها فالاستمرارية هي أساس العمارة الخضراء.
وعن تكلفة العمارة الخضراء مقارنة بالمباني التقليدية وما إذا كان الأمر يقتصر فقط علي المباني الجديدة يواصل الدكتور مصطفي, قائلا: التكلفة قد تزيد علي تكلفة المباني التقليدية بنسبة تتراوح من10 إلي15% ولكن بالنظر إلي ما ستعود به من وفر في الطاقة تصبح هذه التكلفة ضئيلة جدا, ويؤكد ذلك أنه مع حدوث الأزمة المالية العالمية انخفضت أسعار كل العقارات إلا المباني التي لديها شهادة عمارة خضراء لأنها توفر الطاقة وتتميز بأن تكلفة تشغيلها أقل بالإضافة إلي رخص صيانتها, أما فيما يتعلق بما إذا كانت العمارة الخضراء مقصورة فقط علي المباني المنشأة حديثا فإنه يمكن اتباع ذلك مع المباني المنشأة منذ سنوات من خلال إعادة تدويرها وتغيير نظام الكهرباء ورفع مستواها باستخدام لمبات قليلة الطاقة ودهان الزجاج بشكل يقلل حرارتها بالداخل وغيرها من الأساليب التي تجعلها أكثر صديقة للبئية وتتفادي الآثار السلبية للمباني التقليدية مثل طرق توصيل الكهرباء وما تحتويه من أجهزة كهربائية ذات ترددات أثبتت الدراسات أنها تصيب بالأمراض والسرطانات.
ويضيف الدكتور عبد الرحمن عبد النعيم باحث بالمركز القومي لبحوث البناء قائلا: لقد قمت بعمل تصميم في مجال تطبيق مبادئ العمارة الخضراء حصل علي الجائزة الأولي ضمن مسابقة نظمها المركز القومي للإسكان والبناء وسيتم تطبيقه خلال شهرين علي مساحة عشرة أفدنة وقد راعيت في التصميم الذي توصلت إليه المتطلبات الوظيفية والإنسانية والاقتصادية ولم أهتم فقط بالشكل كما هي الحال في المباني التقليدية لأن المبني ليس حوائط فقط, ولكنه دراسة علمية حيث قمت بتصميم المباني بالشكل الذي يعمل علي توفير الطاقة وفقا للظروف البيئية ومراعاة ظروف المستخدمين لهذا المباني واحتياجاتهم من حيث الأداء والتهوية الفرعية واستخدام عناصر جديدة لتحسين مستوي الإضاءة من خلال مصادر طاقة بديلة للطاقة التفليدية مثل تحويل الطاقة الشمسية إلي طاقة كهربائية من خلال تكنولوجيا جديدة ودراسة تأثير المناخ علي المباني, حتي يمكن تحسين الأداء فيما يتعلق بالتهوية الطبيعية إلي جانب التهوية الصناعية, كما راعيت في التصميم عنصرا أساسيا لا يراعي في المباني التقليدية وهو عنصر الصيانة من خلال المحافظة علي الأداء بما يحافظ علي الثروة العقارية.
ومن الأبحاث المهمة هذا البحث الذي يتعلق بالطرق في العمارة الخضراء والذي قامت به الدكتورة لميس الجيزاوي, أستاذ الهندسة بجامعة المنصورة, وعنه تقول: تلعب الشوارع دورا رئيسيا في التصميم الحضري للمدن خصوصا في العمارة الخضراء, حيث تعتبر الشوارع الأسفلتية جزءا مهما من الكساء الأرضي للفراغات الحضرية متمثلة في ممرات السيارات والمشاة.. وقد ساعد اتساع عروض الشوارع نتيجة تطور تخطيط المدن حديثا في اتساع المساحة المعرضة للأشعة الشمسية وتقليل نسبة المساحات المظللة, وهو ما يؤدي إلي ارتفاع في درجة الحرارة علاوة علي أن الشوارع دائما تكون مغطاة بطبقة أسفلتية تقاوم الحركة اليومية للإنسان والآلة, ومن هنا حاولت من خلال بحثي الوصول إلي تقليل الشعور بالحرارة المشعة من الطبقة الأسفلتية خلال الحركة اليومية والوصول إلي إمكانية تقليل البث الحراري للشوارع والممرات المحيطة بالمباني السكنية عن طريق التغير اللوني للطبقة العليا للأسفلت, بدراسة تحليلية للخصائص الفيزيقية للطبقة العليا للأسفلت وإمكانية إضافة مواد لونية حديثة تساعد علي تقليل البث الحراري, وقد وصلت بالفعل إلي المعايير المناسبة لاختيار الألوان المناسبة لمادة الأسفلت والتي تؤدي إلي التحكم في قدرتها علي انبعاث الحرارة داخل الفراغات العمرانية.
نظريات, تقنية, أفكار و أراء