مصطفى كريم
(يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك).
الحسن البصري
هل تشعر دائماً بقلة الوقت؟ هل تشعر بأن لديك الكثير لتعلمه؟
هل تشعر بأنك مدفون تحت أكوام من الأعمال الورقية معظم الوقت؟
هل تود الحصول على مزيد من الوقت لأداء ما تقوم به؟
تعمل غالباً وقتاً إضافياً، في المساء، أو في عطلة نهاية الأسبوع لأداء ما لم تتمكن من أدائه خلال ساعات الدوام الرسمي؟
هل تشعر بالتوتر بسبب الأعمال التي لم تؤدها؟
هل أنت عاجز عن التركيز على تحسين حياتك وعملك على المدى الطويل بسبب أزمة العمل المستمرة أو كثرة الأعمال؟
هل تشعر فعلاً أنك حققت ما تريده على صعيد عملك وحياتك؟
هل ترغب في نتائج أفضل لقاء وقتك وجهدك اللذين بذلتهما في عملك؟
هل ترغب في الاسترخاء والاستمتاع بالإجازات لمرات أكثر؟
عند توجيه هذه الأسئلة، فإن معظم الأشخاص يجيبون بكلمة "نعم"، فإن كانت إجابتك أنت أيضاً بـ"نعم"، فأمامك مفاجأة سارة: باستطاعتك التغلب على هذه المشاكل، ويمكنك إنجاز ما هو أكثر أهمية لعملك ولذاتك، وستجد مزيداً من الوقت للانتباه لنفسك، ولعائلتك، وللأشياء التي تحب أنت تعملها، ولذا سافر معنا في رحلتنا لتنجز أهدافك في أقل الأوقات، عبر مجموعة من الأسرار الهامة، فهيا بنا.
السر الأول: افعله الآن:
بمعنى أن نقول للتسويف وداعًا، يقول الشيخ السعدي رحمه الله: (ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال، والتفرغ في المستقبل؛ لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل).
وهذه هي وصية الله تعالى في كتابه، حين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران: ١٥٩].
ويقول أحد الحكماء: (أشعر هذا اليوم بالتردد، وسيتكرر الأمر ذاته غداً، ويزداد سوءاً في اليوم التالي)، فإن كل تردد في اتخاذ القرار يتسبب، في التأخير، وتضيع الأيام حسرة على الأيام، هل أنت جاد؟ استغل هذه الدقيقة بالذات، فقط ابدأ بالعمل فورًا.
أنا لا أتحدث عن الأشياء التي لا تستطيع فعلها الآن، أو حتى الأشياء التي لا ينبغي أن تفعلها الآن.، بل أقصد جميع الأشياء التي تستطيع أن تفعلها ويجب أن تفعلها ولكنك لم تفعلها، لا تضيع يومك في أشياء لن تفعلها، بدلاً من ذلك انتقل إلى الأشياء التي تنوي فعلها وافعلها الآن.
تخلص من التأجيل والتسويف:
إليك الخطوات الثمان التالية التي تساعدك في التغلب على عادة التأجيل:
1. افعل الشيء مرة واحدة:
إن القراءة غير الضرورية لكل شيء في مكتبك أو في بريدك الإلكتروني قبل أن تبدأ بالتنفيذ لا يحقق لك شيئاً، فأنت من خلال قراءتك الأولى لرسالة شكوى من الزبون ستعرف المراد منها، فقراءتها للمرة الثانية يضاعف وقت القراءة وتبقى الرسالة دون جواب، أجب على الرسالة فور قراءتها في المرة الأولى - افعله الآن – وبذلك توفر الوقت وتبدأ خطواتك نحو إرضاء الزبون، وإنجاز المهمة التي تمنعك من إنجاز الأشياء المهمة.
2. افرغ ذهنك:
من الواضح أن تحديد الأولويات جزء مهم من السيطرة على عملك، غير أن تحديد الأولويات يمكن أن يكون في حد ذاته أفضل عذر لعدم العمل، ويعني تحديد الأولويات تأجيل المهام "غير المهمة" إلى وقت لاحق وقد لا ترى النور أبداً، إن عدم أدائك لمهامك في الأوقات المحددة يفقدك القدرة على التركيز التي بين يديك بسبب الأصوات الموجودة في عقلك الباطن والتي تذكرك باستمرار بالمهام غير المكتملة.
إن أفضل طريقة للتقليل من حجم العمل هي التخلص من الأشياء الصغيرة التي تشعرك بضخامة العمل الذي ينتظرك وبالتالي تحول تفكيرك عن الأشياء المهمة، ورد أن كومار قال: (إن التركيز في صيغته الصادقة غير الخادعة يعني قدرة الفرد على التركيز على شيء واحد بذاته).
3. عالج المشاكل وهي صغيرة.
4. قلل من المقاطعات:
إن من فوائد التقليل من المقاطعات تحسين جودة العمل عندما تكون خالي الذهن من الأشياء الأخرى فتركز جُلَّ اهتمامك على عملك، وتصبح قادراً على إنجاز قدر أكبر من العمل في الفترة الزمنية نفسها نظراً لأنه بإمكانك العمل دون مقاطعة.
5. تخلص من الأمور المعلقة:
إذا كنت تريد السيطرة على تدفق العمل ولديك ـ في الوقت ذاته ـ أمور معلقة، فعليك أولاً إنهاء الأمور المعلقة حتى تتمكن من السيطرة على عملك. وتوجد خمس نقاط أساسية للتعامل مع الأمور المعلقة:
1. حدد الأمور المعلقة.
2. حدد الأولويات والبنود التي يجب إنهاؤها أولاً.
3. حدد وقتاً في جدولك الزمني اليومي لإنهاء إحدى هذه البنود، كل على حدة.
4. حدد سبب وجود المعلقات.
5. اتخذ الخطوات اللازمة للحيلولة دون تراكم المواد المعلقة ثانية ودون ازدياد البنود المعلقة الحالية.
6. ابدأ عملك بتوجهات للمستقبل وليس للماضي.
7. توقف عن القلق.
وماذا بعد الكلام؟
1. ابدأ. توجه إلى مكتبك – وبيدك هذا الكتاب عند الضرورة – وتمعن كل ورقة موجودة على مكتبك أو في أي مكان قريب من مكان عملك. التقط الورقة الأولى وقرر ما الذي يجب فعله لإنهائها. افعل كل ما هو مطلوب لإنجاز المهمة، وأبعد تلك الورقة عن مكتبك بحيث لا تحتاج لقراءتها ثانية. فإن كانت المهمة تتطلب عدة ساعات لإنجازها، أعدّ جدولاً زمنياً لذلك.
2. تصفح أي رسائل إلكترونية محفوظة، أو رسائل صوتية، أو رسائل الفاكس أو غيرها، واحدة في كل مرة وابدأ في التعامل مع كل واحدة حتى تنهيها. مرة أخرى، إن احتاجت إحداها إلى ساعات من العمل، فضع لها جدولاً زمنياً على خطتك الزمنية لفعلها في أنسب الأوقات بالنسبة لك.
3. حدد المهام الواجب تنفيذها وقرر ما الذي يجب فعله لإكمال كل منها. انقل المهمة بقدر ما تستطيع. فإن مررت بعقبة في طريقك. فكن ذكياً. اسأل "كيف لي أن أنفذها بطريقة أخرى؟ فإن قررت إعطاء هذه المهمة لشخص آخر لتنفيذها، فتذكر أن تتابعه.
خاتمة:
يقول ويليام جيمس صاحب الدراسات المشهورة حول سلوكيات الإنسان: (إنك إذا قمت بفعل الشيء ذاته كل يوم لمدة 30 يوماً، سيصبح الأمر عادة)، فجرب هذا المبدأ مع (افعله الآن).
أهم المراجع:
1. كيف تعمل أكثر في وقت أقل، كيري جلايسون.
2. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، السعدي.
3. سير أعلام النبلاء، الذهبي.