هذه اصلاحات جائزة للشعب ام النظام ؟
بقلم محسن الصفار
في احد الايام وأثناء اقامتي في اوكرانيا قابلت احد معارفي من رجال الاعمال فسألته عن اخر اخباره فأجابني بانه الراعي الرئيس لمسابقة ملكة جمال اوكرانيا فسألته من باب الفضول عن الجائزة التي قدمها للفائزة فاجابني مبتسما بأن الجائزة عبارة عن رحلة الى ايطاليا لمدة 15 يوما برفقته !! فضحكت منه ساخرا وقلت لا أدري هل هي جائزة للفائزة ام جائزة لك انت !!
تذكرت هذه الواقعة وأنا اقرأ عن الاصلاحات المزعومة في مصر بعد ثورة شبابها واحتشادهم في ميدان التحرير في القاهرة مطالبين برحيل الرئيس ونظامه فكان الرد عبر تعيين رئيس جهاز المخابرات نائبا للرئيس , ولأن رجال المخابرات في العالم العربي معروفين بحبهم للديموقراطية واحترامهم للرأي الاخر وخصوصا الرأي المعارض وقلبهم الرحيم فمن المستغرب كيف ان المتظاهرين لم يقنعوا بهذا الاصلاح الكبير وتحول مصر من دولة بوليسية الى دولة مخابراتية ويشكروا ربهم ويعودوا لمزاولة حياتهم العادية .
وبعد ذلك اصلح النظام طريقة القمع من طائرات الاف 16 التي كانت تطير على علو منخفض فوق رؤوس المتظاهرين الى ارسال الخيول والجمال والبلطجية وهو لعمري اصلاح كبير جدا وينم عن وعي سياسي بالغ .
وبعد ذلك اقيل نظيف وجيئ بشفيق كي يقال ان الحكومة مشفقة على الشعب وتريد راحته ولكي يرتاح الشعب يجب ان تتوقف الاحتجاجات فورا , وطبعا هناك كم هائل من الراقصات والممثلات ولاعبي كرة القدم ذوي الباع الطويل في السياسة و(العولمة ) ممن يوافقون الحكومة الرأي ويطالبون بعودة الكل الى بيوتهم .
لا ادري ان كان ما حصل يعتبر حقا اصلاحات ام انها مثل جائزة صاحبنا لملكة الجمال عندما اخذها معه كي ترفه عنه في رحلة ايطاليا , فالسياسة نفس السياسة والقوانين نفس القوانين والتعسف نفسه وسلب حقوق الشعب المادية والمعنوية والسياسية مازال مستمرا بينما الرئيس ونائبه يغردان بصوتهما الجميل حول الاصلاحات المزعومة ووجوب عودة الجميع للحياة العادية .
واللطيف ان الرئيس يفاوض الشعب حول شروط رحيله ناسيا او متناسيا انه مجرد موظف عنده وقد انهى الشعب خدماته وابلغه بكل وضوح وبدون لبس ان خدماته غير مطلوبة وان قرار الفصل نافذ فورا وغير قابل للنقاش ولكن مع ذلك فهو جالس في مكانه متحديا ارادة الشعب ولايزال يحاول اقناعهم بانهم لايفهمون مصلحتهم وانهم في قرارة انفسهم يريدونه ويحبونه وأن هذه الاحتجاجات مجرد زعل حبايب سرعان ماسيتلاشى وتعود المياه الى مجاريها .
أما عملية محاسبة الوزراء السابقين على الفساد فتلك مسرحية جميلة جدا وتذكر بالمثل المصري الشعبي (سابوا الحمار ومسكوا في البردعة ) فبينما تفيد التقارير ان ثروة فخامته تجاوزت 70 مليار دولار هو وعائلته لم تفتح النيابة اي تحقيق في هذا الشأن .
اما مجلس الشعب الذي دخله نصف اعضائه بالتزوير فلم يتم حله بل ان هؤلاء الاعضاء يناقشون تعديل مواد دستورية هامة تتعلق بالانتخابات .
ان الحركة الشعبية في مصر لها الحق في الحصول على تغييرات جذرية نابعة من ارادة الشعب نفسه وليس كما يحاول بلطجي السياسة الخارجية ابو الغيط تصويرها على انها عميلة لايران او امريكا او اسرائيل فهذه الدول تحاول اكل نصيبها من كعكة الثورة المصرية ولكن ذلك لايعني ان لها اي تأثير في الشارع المصري ويبقى الشعب العربي المصري هو صاحب الكلمة الاخيرة في مصير مبارك وليس رغبات او تمنيات هذه الدولة او ذلك الزعيم .