ليوناردو دا فينشي (1452 - 1519 م)، يعد من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق وهو مشهور كرسام، نحات، معماري، وعالم. كانت مكتشفاته وفنونه نتيجة شغفه الدائم للمعرفة والبحث العملي، له آثار عديدة على مدارس الفن بإيطاليا امتد لأكثر من قرن بعد وفاته وإن أبحاثه العلمية خاصة في مجال علم التشريح، البصريات وعلم الحركة والماء حاضرة ضمن العديد من اختراعات عصرنا الحالي.
يعتبر النموذج المثالي الذي يمثل عصر النهضة بسبب مؤلفاته حيث أنه قام بتاليف ثلاثة كتب: الأول عن فن التصوير الزيتي والذي يعرف حاليا باسم "نظرية التصوير"، والكتاب الثاني عن التشريح والكتاب الثالث في الميكانيكا، ولكن الكتاب الثاني والثالث مفقودان الآن ولم يصل لنا منهما سوى بعض الصفحات، أما كتاب "نظرية التصوير" فهو متوفر في جميع أنحاء العالم بجميع اللغات، ويظهر في هذا الكتاب مدى حب الفنان العبقري ليوناردو لفن التصوير الزيتي ونلاحظ ذلك في الفقرة 8 من هذا الكتاب وهي بعنوان "من يحط من قيمة التصوير، لا يحب الفلسفة ولا الطبيعة" والفقرة رقم 9 بعنوان "المصور سيد كل أنواع الناس والأشياء".
ولد ليوناردو في بلدة صغيرة تدعى فينشي قرب فلورنسا بتوسكانا.
ابن غير شرعي لعائلة غنية فأبوه كاتب العدل وأمه فلاحة تطلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة مماجعله يفتقد حنان الأم في حياته.
في منتصف القرن الرابع عشر استقرت عائلته في فلورنسا والتحق ليوناردو بمدارس فلورنسا حيث تلقى أفضل مايمكن أن تقدمه هذه المدينة الرائعة من علوم وفنون (فلورنسا كانت المركز الرئيسي للعلوم والفن ضمن إيطاليا).
كان ليوناردو يحرز مكانة اجتماعية مرموقة بشكل مثير ولافت، فقد كان وسيما لبق الحديث ويستطيع العزف بمهارة إضافة إلى قدرة رائعة على الإقناع. حوالي سنة 1466 التحق ليوناردو في مشغل للفنون يملكه أندريا دل فروكيو (Andrea del Verrocchio) الذي كان فنان ذلك العصر في الرسم والنحت مما مكن ليوناردو من التعرف عن قرب على هذه المهنة ونشاطاتها من الرسم إلى النحت.
في سنة 1472 أصبح عضوا في دليل فلورنسا للرسامين، وفي سنة 1476 استمر الناس بالنظر إليه على أنه مساعد "فيروكيو" حيث كان يساعده في أعماله الموكلة إليه منها لوحة (تعميد السيد المسيح) حيث قام بمساعدة "فيروكيو" برسم الملاك الصغير الجاثم على ركبتيه من اليسار 1470 يوفوزاي فلورنسا (Uffizi، Florence).
سنة 1478 استطاع ليوناردو الاستقلال بهذه المهنة وأصبح معلم بحد ذاته. عمله الأول كان رسم جداري لكنيسة القصر القديم أو كما يدعى بالإيطالية "بالالزو فيكيو" (Chapel of the Palazzo Vecchio) التي لم يتم انجازها. وأول أعماله الهامة كانت لوحة توقير ماغي (The Adoration of the Magi) التي بدأ بها سنة 1481 وتركها دون إنهاء، التي كانت لدير راهبات القديس سكوبيتو دوناتو فلورنسا.لوحة العشاء الأخير
كانت باكورة أعماله وأخذت منه جهد جبار وهي عبارة عن لوحة زيتية جداريه في حجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه غراتسيه ميلانو (Maria delle Grazie).
للأسف فإن استخدامه التجريبي للزيت على الجص الجاف الذي كان تقنياً غير ثابت أدى إلى سرعة دمار اللوحة، وبحلول سنة 1500 بدأت اللوحة فعلا بالإهتلاك والتلف.
جرت محاولات خلال سنة 1726 لإعادتها إلى وضعها الأصلي إلا أنها باءت بالفشل.
سنة 1977 جرت محاولات جادة باستخدام آخر ماتوصل إليه العلم والحاسوب آنذاك لإيقاف تدهور اللوحة وبنجاح تم استعادة معظم تفاصيل اللوحة بالرغم من أن السطح الخارجي كان قد بلي وزال.
خلال إقامته الطويلة في ميلانو قام ليوناردو برسم العديد من اللوحات إلا أن أغلبها فقد أو ضاع كما قام بإنشاء تصاميم لمسارح وتصاميم معمارية ونماذج لقبة كاتدرائية ميلانو.
إلا أن أضخم أعماله في ذلك الوقت كان النصب التذكاري لـ فرانشيسكو سفورزا (Francesco Sforza) وهو والد "لودوفيكو" ضمن فناء (قلعة سفورزيكو) كانون الأول ديسمبر 1499. لكن عائلة سفورزا كانت قد اقتيدت على يد القوى الفرنسية العسكرية وترك ليوناردو العمل دون إكمال حيث حطم بعد استخدامه كهدف من قبل رماة السهام الفرنسيين فعاد ليوناردو إلى فلورنسا سنة 1500.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]