محسن صفار
يوميات معلم في بلد عربي
خرج أحمد من البيت مسرعاً وهو يتمتم يا ويلي راحت علي نومة وسأتأخر عن الدوام وحتى لم استطع تناول الفطور وانا جائع جدا نظر الى الساعة وقال لنفسه الأفضل أن آخذ سيارة تاكسي مع انها مكلفة فالباص سيجعلني أتاخر أكثر وراتبي مش حمل خصومات واستقطاعات اكثر من هيك.
وقف الى جانب الطريق ورفع يده وأشار الى سيارة أجرة توقفت السيارة وصعد أحمد وقال للسائق مدرسة الحظ السعيد من فضلك أجاب السائق تكرم عينك وإستطرد حضرتك معلم؟ أجاب أحمد بحسرة نعم , ردَّ عليه السائق يا سعدك ويا هناك ويا بختك أنك معلم والله ان الوالدة داعيتلك تعجب أحمد ورد: سعدي وهناي على ماذا يا حسرة؟ أجابه السائق يبدو لي أنك لم تسمع الأخبار اليوم فقد قررت الحكومة مضاعفة رواتب المعلمين 3 مرات تقديراً لدورهم في تربية الأجيال وصناعة مستقبل البلد .
لم يصدق أحمد أذنه وقال أنت تمزح معي عالصبح؟ رد السائق وحلف لا والله هي الحقيقة بعينها أقولها لك.
وصل أحمد الى المدرسة فرأى زملائه وهم يحتفلون ويوزعون الحلوى إحتفاءاً بهذا القرار السعيد وإستقبله أحد زملائه قائلاً والله صبرنا ونلنا يا أحمد تعب سنين مع الطباشير وصراخ الأولاد ما راحت ببلاش واليوم عيد وعطلة وفيك تروح البيت إذا أردت.
فرح أحمد وخرج وقرر أن يذهب الى المقهى بجوار المدرسة دخل وطلب فنجان قهوة واخذ يقرأ الجريدة وإذا برجل انيق وحسن المظهر يتقدم نحوه ويقول له: آسف على الازعاج حضرتك معلم؟ أجاب أحمد نعم أي خدمة؟ جلس الرجل وأخرج بطاقة تعريف من جيبه قدمها الى أحمد وقال أنا وليد معِّد برنامج مشاهير على الهواء التلفزيوني الذي سيعرض على قناتنا يوم الخميس الساعة العاشرة مساءاً تعجب أحمد وقال ولكن أليس هذا موعد بث مسلسل شباك الحارة؟ ردَّ عليه وليد صح ولكن الإحصاءات أظهرت أن المشاهد العربي لا يرغب في مشاهدة مثل هذه المسلسلات ويفضل مشاهدة البرامج الحوارية الهادفة ذات الطابع الثقافي ولذلك فقد ألغينا الجزء الرابع من مسلسل شباك الحارة وإستبدلناه بهذا البرنامج الثقافي.
هزَّ أحمد كتفيه بلا مبالاة وقال والله أنتم أحرار ما علاقتي أنا بالموضوع؟ أجابه وليد كيف ما علاقتك؟ من برأيك المشاهير الذين سيكونون ضيوف البرنامج؟ أجاب أحمد لا أدري ممثلون مطربات راقصات كالعادة يعني. أجابه وليد لا يا حبيبي زمن هؤلاء قد ولى اليوم المشاهد لا يريد مشاهدة راقصة تتحدث عن المايوه الذي إشترته اليوم المشاهد العربي يريد مشاهدة برامج يكون فيها الضيوف فيها مثقفين ومعلمين وكتاب وأدباء وأؤكد خصوصاً المعلمين فهؤلاء هم الأشهر وأصحاب الإعلانات يدفعون جيداً لأي برنامج يكون ضيفه معلم ولذلك نحن نريد أن تكون أنت ضيف هذه الحلقة وسندفع لك 000, 30 دولار مقابل مشاركتك ، بطاقتي فيها ورقم هاتفي فإذا قررت إتصل بي كي نرتب الموضوع إن شاء الله.
أصيب أحمد بالذهول وهو يراقب الرجل مبتعداً ونظر حواليه ليرى أي كاميرات فربما كان مقلباً من برنامج الكاميرا الخفية ولكنه لم يرى شيئاً.
جفل أحمد عندما رنَّ هاتفه المحمول وأجاب على المكالمة ليسمع صوتاً يقول أستاذ أحمد؟ أجاب نعم من معي لو سمحت؟ ردَّ الصوت أنا أبو الذهب الماسي التاجر المعروف أجابه أحمد ولو يا أستاذ أبو الذهب أنت أشهر من نار على علم أنت لديك أموال أكثر من المصرف المركزي تفضل كيف يمكن أن أخدمك؟ ردَّ عليه أبو الذهب والله هو موضوع محرج قليلاً أنا عندي بنت عمرها 23 سنة آية في الجمال متعلمة وست بيت درجة أولى وبدنا نجوزها تقدم لها أمراء ووزراء ورجال أعمال وأطباء ومهندسين بس هي راسها وألف سيف أنها ما راح تتجوز إلا معلم وأنا سألت عنك وعرفت أنك أعزب فقررت اكلمك وأعرض عليك أنك تتجوز بنتي وإذا وافقت راح أتكفل بكل مصاريف الفرح وأعطيك فيلا وسيارة كمان ما رأيك؟ موافق؟ الو الو الو....
أقفل أحمد الخط ورأسه يكاد ينفجر وأخذ يقول لا حول الله ماذا حدث في البلد اليوم؟ فجأة الكل عرفوا قدر المعلم وصاروا يحترموه؟ ما إحنا عشنا سنين بالبهدلة والرواتب اللي ما توكل خبز وإذا خطبنا بنت بيطردونا من الباب بس يسمعوا كلمة معلم سبحان الله اليوم صار التجار يخطبونا لبناتهم؟
دفع فاتورته وخرج من المقهى فرأى ناساً متجمعين أثار الأمر فضوله فإقترب فرأى المعجبين متجمعين حول إحدى نجمات الطرب وهم يطلبون اتوغرافات منها وفجأة رآه أحدهم وقال إنظروا هناك هذا أستاذ أحمد المعلم وفجأة ترك الحشد النجمة وإتجهوا حوله دون أن يعيروها أي إهتمام وإلتف المعجبون حول أحمد من كل جهة واحد يريد صورة واحد يريد توقيع وأخرى تريد قبلة غضبت النجمة التي بقيت وحيدة وأخذت تصرخ الله يخرب بيتكم يا معلمين حتى هذه أخذوتوها منا ؟ قطعتوا رزق كل الفنانين و الفنانات الله يقطع رزقكم . وانصرفت غاضبة الى سيارتها .
رفع المعجبون أحمد في الهواء وهو مسرور ويلوح بيديه للجماهير المحتشدة وفجأة فتح عينيه ليرى نفسه محمولاً على أيدي رجال الإسعاف وسائق التاكسي يقول لهم فجأة أغمي عليه وهو في التاكسي وأخذ يهلوس يبدوا لي انه جائع أو نسي دوائه.
نظر المسعف الى بطاقة أحمد الشخصية وعنما رأى المهنة قال هذا معلم منيح اللي لسة ما مات من الجوع أعطوه سندويش واتركوه على الرصيف خلونا نروح ونشوف أشغالنا بلا وجع راس.