يرقص بعرس أمه
[right]في مسرحية عراقية قديمة اسمها الخيط والعصفور يفاجأ اهل العروسين في احد الافراح برجل يرقص بشكل غير طبيعي واكثر من الجميع حتى وصفه احدهم بأنه يرقص وكأنه في عرس امه ( وهو مثل عراقي للتعبير عن الشخص الذي يظهر سعادة غير طبيعية ) وبعد ان تيقن الجميع بأنه ليس من أقارب العروس ولا من أقارب العريس يسالونه عمن يكون فيجيب بأنه بانه إبن عم الخياط الذي خاط بدلة العريس وسط تعجب الجميع بان الخياط نفسه غير
مدعو للعرس
في خضم الويلات التي تجتاح العالم بأسره من كارثة التسونامي والتلوث الاشعاعي في اليابان والثورات والاضطرابات التي يشهدها العالم العربي تاركة الاف القتلى
والجرحى والمدن المهدمة وصولا الى الازمة الاقتصادية التي مازالت تعصف بالعالم دون هوادة جاء زواج الامير وليام حفيد ملكة بريطانيا وكيت ميدلتون ليكون الحدث الابرز بين كل الاحداث التي ذكرتها حتى انه طغى على الكثير منها فالقنوات العربية تتسابق لاعطاء افضل تغطية للحدث الاعظم ناسية او متناسية ان العالم العربي كله يغلي وحري بنا ان نفكر بمشاكلنا السياسية والاقتصادية والطائفية والتهديدات التي تواجهنا من الشرق والغرب والجنوب والشمال اكثر مما نفكر بزواج الامير وليام الذي لا يتعدي حفل زواجه نسخة عن حفل زواج ابيه تشارلز من الاميرة ديانا الذي انتهى بعد بضع سنوات بالفضائح والطلاق واخيرا .
مقتل الاميرة في حادث مأساوي
أنا أفهم حاجة بريطانيا لهذا الزفاف كأكبر حدث دعائي اجتذب ملايين السياح من اصحاب الجيوب المنتفخة الى بريطانيا مما يدر المليارات على اقتصادها المتهالك ونوع من العلاقات العامة التي تغطي على الفشل السياسي والعسكري لبريطانيا في العراق وافغانستان وتلميع صورة العائلة المالكة التي اصبحت مملة بوجود الملكة التي اصبحت اقدم من الاثار الفرعونية وولدها شارلز الذي لايصلح باي شكل لان يكون ملكا ولكن ما لا افهمه هو اهتمام العرب المبالغ فيه بهذا الزفاف على الصعيدين الرسمي والشعبي فالزعماء يتبارون لحضور الزفاف والشعوب تسمرت منذ الان امام شاشات التلفزة لمشاهدة الزفاف واصحاب الملايين العرب طبعا كلهم موجودين في لندن الان
هل نسينا القنابل التي تسقط في ليبيا وسوريا هل نسينا فلسطين المغتصبة والعراق المحتل والسودان المقسم واليمن الذي يوشك ان يلحق به والصومال الممزق والفتنة
التي تعيشها منطقة الخليج العربي حتى يصبح زواج حفيد ملكة بريطانيا همنا الاول والاكبر ؟قد يقول البعض دع الناس تستمتع في عالم من الخيال الاسطوري
دعهم ينسون الهم والغم ولايفكرون سوى بعربة الملكة التي تجرها الاحصنة وفستان العروس الطويل والامير الوسيم وبزعمائنا الذين يتهافتون كي تلتقطهم الكاميرات اثناء الزفاف خصوصا وان كل منهم قد قدم هدية زفاف قيمتها بالملايين للعروسن الشابين ادام الله سعادتهما وهنائهما
انا لست ضد الزفاف ولا حجمه ووسعته ولا المبالغ التي صرفت عليه والتي لدي شعور غريب باننا بنحو ما سنكون من يسددها ولكني اقول كفانا احلاما ودعونا نعمل لواقعنا وحاضرنا كي نعطي مستقبل لابنائنا على الاقل وليتمكنوا من العيش بحياة افضل من ان يكون جل اهتمامها زواج امير غريب لايمت لنا باي صلة لا من قريب او بعيد