العلاّمة الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان
ما الواجب على كل من الزوجين نحو الآخر؟
الجواب
قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] إن البيت المسلم يتكون أصله من الزوجين الصالحين ثم تكون الأسرة الصالحة، وهذا لا يتم إلا إذا تحقق حسن العشرة بين الزوجين بأن يؤدي كل منهما ما يجب عليه نحو الآخر. فللزوج على زوجته الطاعة بالمعروف وتمكينه مما أباح الله له من الاستمتاع والقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا بإذنه، ولما لابد لها من الخروج من أجله، وقيامها بشؤون البيت وتربية ما يقدر الله بينهما من الأولاد. ولها عليه من الحقوق مثل الذي له عليها إلا ما خص الله به الأزواج دون الزوجات قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] لها عليه الكسوة والنفقة والسكنى بالمعروف ولها عليه المعاشرة بالمعروف. قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء: 19] من المبيت عندها وإعفافها وإعانتها على القيام بواجباتها عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))([1]). وقوله صلى الله عليه وسلم : ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقًا))([2]). حتى لو كره الرجل من زوجته بعض الأخلاق التي تنقص دينها ولا تخدش عرضها فعليه أن يصبر عليها ويتحملها لما في ذلك من العواقب الحميدة، قال تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفْرُك مؤمنًا مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر))([3]). ومعنى: "يَفْرُك" يبغض. ومعنى ذلك أن يتغاضى عما لا يمس الدين أو الخلق مما لا يوافق رغبته نظير الكثير من الأخلاق المرضية فيها. إنها لا تتم السعادة الزوجية إلا بأن يؤدي كل من الزوجين ما يجب عليه نحو الآخر، لكن بعض الأزواج قد يتعسف في استعمال حقه على زوجته فلا يراعي كرامتها وإنسانيتها. فضلاً عن حقها في الإسلام فتجده يهين المرأة ويظلمها ويماطل في أداء حقها. وإذا تزوج أخرى مال إليها بكليته ولم يلتفت إلى الزوجة السابقة. وقد جاء في الحديث: ((من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل))([4]). وفي المقابل فإن بعض النساء تترفع على زوجها وتتمنع من أداء حقه عليها ولا تخضع لقوامته عليها فتخرج من بيته بغير إذنه، وقد تكون موظفة تقدم عملها الوظيفي على أداء حق زوجها بل ربما تكون معه في البيت كأنها رجل آخر يسكن معه ثم ينطلق كل منهما إلى عمله وتتعطل أعمال البيت وتضيع تربية الأطفال ويصبح هذا البيت أشبه ما يكون ببيت العزاب ـ إن هذا لا يرتضيه الإسلام ولا تتحقق معه المصالح الزوجية ولا تنشأ عنه في الغالب أسر صالحة فالواجب تعديل هذا الوضع والرجوع إلى التزام العشرة بالمعروف بين الزوجين ـ والله الموفق.