قال امرؤ ألقيس :
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ .....بِسِقْطِ الِّلوَى بيْنَ الدَّخولِ فَحَوْمَلِ
فتُوضِحَ فالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها.............لِمَا نَسَجَتْها مِنْ جَنوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها............................وقِيعانِها كأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأنِّي غَداةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلوا...............لَدَى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ
وُقوفاً بِها صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُمُ.................يَقولون لا تَهْلِكْ أَسىً وتَجَمَّلِ
وإنَّ شِفائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ.........................فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَها........................وجارَتِها أُمِّ الرَّبابِ بِمَأْسَلِ
إذا قامَتا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُما..................نَسيمَ الصَّبا جاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُموعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَاَبةً...........عَلَى النَّحْرِ حتَّى بَلَّ دمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صالِحٍ.........................ولاَ سِيَّما يَوْمٍ بِدارَةِ جُلْجُلِ
ويَوْمَ عَقَرْتُ للعَذَارَي مَطِيَّتي........................فيَا عَجَبا مِن كُورِها المُتَحَمَّلِ
فَظَلَّ العَذارَى يَرْتَمينَ بِلَحْمِها....................وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَثلِ
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ................فقالَتْ لَكَ الويْلاتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
تقولُ وقَدْ مالَ الغَبِيطُ بِنا مَعًا................عَقَرَتَ بَعِيري يا امْرأَ القَيْسِ فانْزِلِ
فقُلْتُ لَها سِيرِي وأَرْخِي زِمامَهُ.......................ولا تُبْعِديني مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّلِ
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قد طَرَقَتُ ومُرْضِعٍ....................فَأَلْهَيْتُها عَنْ ذي تمائِمَ مُحْوِلِ
إذا ما بَكَى مِن خَلْفِها انْصَرفَتْ لَهُ...................بِشَقٍّ وتَحْتي شِّقُها لم يُحَوَّلِ
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيبِ تَعَذَّرَتْ.....................عَلَيَّ وآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ
أفاطِمَ مَهْلا بَعْضَ هذا التَّدَلُّلِ..........وإنْ كُنْتِ قد أجْمَعْتِ صَرْمِي فأَجْمِلِي
وإنْ تَكُ قد ساءتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ.....................فسُلِّي ثِيابِي مِن ثِيابِكِ تَنْسُلِ
أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قاتِلي........................وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القلْبَ يَفْعَلِ
وما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلاَّ لِتَضْرِبي..................بِسَهْمَيْكِ في أعْشارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ
وبَيْضَةِ خِدْرٍ لا يُرامُ خِباؤُها.................تَمَتَّعْتُ مِن لَهْوٍ بِها غيرَ مُعْجَلِ
تَجاوَزْتُ أحْراساً إليْها ومَعْشَراً..............عَلَّي حِراصاً لو يُسَرُّونَ مَقْتَلِي
إذا ما الثُّرَيَّا في السَّماءِ تَعَرَّضَتْ..................تَعَرُّضَ أثْناءَ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
فَجِئْتُ وقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيابَها...................لَدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ
فقالتْ يَمينُ اللهِ مَا لَكَ حِيلَةٌ..............وما إنْ أَرَى عَنْكَ الغَوايَةَ تَنْجَلِي
خَرَجْتُ بِها تَمْشي تَجُرَّ وَرَاءَنا..................عَلَى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
فَلَمَّا أجَزْنا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى.........بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
هَصَرْتُ بِفَوْدَىْ رَأْسِها فَتَمايَلَتْ...........عَليَّ هَضِيمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
مُهَفْهَفَةً بَيْضاءَ غَيرَْ مُفَاضَةٍ...........................تَرائِبُها مَصْقولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
كَبِكرِ المُقاناةِ البَياضَ بِصُفْرَةٍ.........................غَذَاها نَمِيرُ الماءِ غيرُ المُحَلَّلِ
تَصُدُّ وتُبْدِي عَن أسِيلٍ وتَتَّقِي..................بِناظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفلِ
وجِيدٍ كَجِيدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفاحِشٍ.....................إذا هِي نَصَّتْهُ ولا بِمُعَطَّلِ
وفَرْعٍ يَزينُ المتْنَ أسْوَدَ فاحِمٍ.....................أثيثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
غَدائِرُهُ مُسْتَشْزِراتٌ إلَى العُلاَ...............تَضِلُّ العِقاصُ في مُثَنَّى ومُرْسَلِ
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كالجَديلِ مُخَصَّرٍ.............وساقٍ كَأَنْبوبِ السَّقِّيِ المُذّلَّلِ
وتُضْحِي فَتِيتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِها.....نَئُومُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
وتَعْطَو بِرَخْصٍ غيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ..............أَسارِيعُ ظَبْيٍ أو مَسَاويكُ إِسْحِلِ
تُضيءُ الظَّلامَ بِالعِشاءِ كَأَنَّها..........................مَنارَةُ مُمْسَى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ
إلى مِثْلِها يَرْنُو الحَليمُ صَبابَةً..................إذا ما اسْبِكَرَّتْ بيَن دِرْعٍ ومِجْوَلِ
تَسَلَّتْ عَماياتُ الرِّجالِ عَنِ الصِّبا.............ولَيْسَ فُؤَادي عَنْ هَواكِ بِمُنْسَلِ
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيك أَلْوَى رَدَدْتُهُ.....................نَصيحٍ عَلَى تَعْذالِهِ غَيْرِ مُؤْتَلِ
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدولَهُ.....................عَلَيَّ بِأَنْواعِ الهُمومِ لِيَبْتَلِي
فقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمطَّى بِصُلْبِهِ..........................وأرْدَفَ أَعْجازاً وناءَ بِكَلْكَلِ
ألا أيُّها الَّليلُ الطَّويلُ ألا انْجَلِي...............بِصُبْحٍ وما الإصْباحُ منِكَ بِأَمْثَلِ
فَيا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجومَهُ ...................بِكُلِّ مُغارِ الفَتْلِ شُدَّتْ بِيَذْبُلِ
كأنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ في مَصامِها....................بِأمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ
وقِرْبَةِ أقْوامٍ جَعَلْتُ عِصَامَها....................عَلَى كاهِلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ
ووادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ...............بِهِ الذِّئْبُ يَعْوي كالخَليعِ المُعَيَّلِ
فقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَى إنَّ شَأْنَنا...................قَليلُ الغِنَى إنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ
كِلانا إذا ما نالَ شَيْئا أَفاتَهُ .............ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْزِلِ
وقد أغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها.....................بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوابِدِ هَيْكَلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً.............كَجُلْمودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كَمَيْتٍ يَزِلُّ الِّلبْدُ عَنْ حالِ مَتْنِهِ..................كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بِالمُتَنَزِّلِ
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِزامَهُ.............إذا جاشَ فيهِ حَمْيُهُ غَلْيُّ مِرْجَلِ
مَسْحٍ إذا ما السَّابِحاتُ عَلَى الوَنَى...........أثَرْنَ الغُبارَ بالكَدِيدِ المُرَكَّلِ
يَزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَن صَهَواتِهِ...............ويُلْوي بأثْوابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرَّهُ......................تَتابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
لهُ أيْطَلا ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعامَةٍ................وإِرْخاءُ سِرْحانٍ وتَقْريبُ تَتْفُلِ
ضَليعٍ إذا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ.........بضافٍ فُويْقَ الأرْضِ ليْسَ بأَعْزَلِ
كأنَّ عَلَى المتْنَيْنِ مِنْهُ إذا انْتَحَى........مَداكَ عَروسٍ أو صَلايَةَ حَنْظَلِ
كأنَّ دِماءَ الهادِياتِ بِنَحْرِهِ...................عُصارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجِّلِ
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنَّ نِعاجَهُ.................عَذارَى دَوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ المُفَصَّلِ بِيْنَهُ............بِجيدٍ مُعَمٍّ في العَشيرَةِ مُخْوَلِ
فألْحَقَنا بِالهادِياتِ ودُونَهُ...................جَواحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ
فعادَى عِداءً بيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجةٍ...........دراكاً ولم يَنْضَحْ بِماءٍ فيُغْسَلِ
فظَلَّ طُهاةُ الَّلحْمِ مِن بيْنِ مُنْضِجٍ....صَفِيفَ شِواءٍ أو قَديرٍ مُعَجَّلِ
ورُحْنا يَكادُ الطِّرْفُ يَقْصُرُ دونَهُ......مَتَى ما تَرَقَّ العَيْنُ فيهِ تَسَفَّلِ
فَباتَ عَليهِ سَرْجُهُ ولِجامُهُ .............وباتَ بِعَيْني قائماً غيرَ مُرْسَلِ