ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – آدابًا كثيرةً للمجلس منها:
1- ذِكْرُ الله، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم في المجلس: في الحديث الصحيح: [مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ عَلَى ذِكْرٍ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ إِلَّا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ] رواه الحسن بن سفيان.
وقال عليه الصلاة والسلام: [ مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فَيَقُومُونَ حَتَّى يُقَالَ لَهُمْ:قُومُوا قَدْ غَفَرَ الله لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَبُدِّلَتْ سَيَّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ]رواه الطبراني والضياء في المختارة.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَانَ مَجْلِسُهُمْ تِرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]رواه أبوداود والترمذي وأحمد. يعني حسرة و ندامة.
2- عدم التفريق بين اثنين إلا بإذنهما: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا] رواه أبوداود والترمذي وأحمد. فلا يجوز لك أن تدخل مجلسًا، فتجلس بين اثنين إلا بعد أن تستأذن منهما فإن أذنا لك وإلا فاذهب واجلس حيث ينتهي بك المجلس .
3- من السنة أن يجلس الإنسان حيث انتهى به المجلس: ولا يأتي ويقيم إنسانًا، ويجلس مكانه فهذا فيه نهي صريح عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ]رواه البخاري ومسلم.
4- عدم الإخلال بأمانة المجلس: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ]رواه أبوالشيخ في 'التوبيخ والتنبيه'، والخطيب في 'تاريخ بغداد'. فأحيانًا يدعوك إنسان إلى مجلس ويكون في هذا المجلس سر من أسرار هؤلاء القوم، فلا يجوز لك بأي حال من الأحوال أن تذهب وتفشي سر هذا الرجل وبيته؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ]. فيلزم فيها الستر على ما يقال مادام لا يضر المسلمين .
5- استحباب توسيع المجلس ما أمكن: في الحديث الصحيح: [خَيْرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا]رواه أبوداود وأحمد. فلذلك يستحب توسيع المجلس؛ لأنه اكرم للضيف، وأصلح لحاله، و أروح له في قيامه وقعوده وسيره، ويختلف هذا باختلاف أحوال الناس، وعلى غناهم وفقرهم؛ فانه متى كان مستطيعَا فيستحب له توسعة مجلسه .
6- التفسح في المجالس: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ...[11]}[سورة المجادلة] .ولابد من إيجاد الفسحة في القلب قبل إيجاد الفسحة في المكان فمتى وجدت الفسحة في القلب لأخيك المسلم ومحبته فإنك ستفسح له تلقائيًا.
7- لابد من ذكر كفارة المجلس إذا قام الإنسان: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ- حصلت منه أخطاء وزلات في الكلام- فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ]رواه الترمذي وأحمد. فمن رحمة الإسلام أنه يعطيك مجالًا لتصحيح الأخطاء، مجال لغفران الذنوب التي حصلت منك.. كلمات قليلة تقولها، فتمحى الذنوب {...وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[4] [سورة الجمعة]. إن الله يتفضل علينا بهذه الكفارات البسيطة ونحن لا نرعى ولا نهتم بها .
8- ومن آداب المجلس كذلك: ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا لقيه أحد من أصحابه قام معه، فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناوله إياها، فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه، وإذا لقي أحدًا من أصحابه، فتناول أذنه ناوله إياها لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه. رواه ابن سعد وهو في صحيح الجامع .
وأخيرًا.. فالاهتمام بأمر المجالس له دور عظيم، وله خطورة كبيرة : إذا صلح مجلسك؛ صلحت أنت، وصلح جلساؤك، وسترجع من المجلس إلى بيتك وأنت ممتلئٌ إيمانًا، وفائدة، وعلمًا، ماخرجت به من ذلك المجلس فينعكس هذا على أهلك، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم.
من خطبة:'كيف تكون مجالسنا إسلامية' للشيخ/ محمد صالح المنجد
منقوووووووووول للعلم والفائدة