الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد ان محمداً
عبده ورسوله النبي الأمين ،
اخوانى وأخواتى فى الله
، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه فيما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلام، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
عن عائشة قالت :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ـ يعتكف ـ في العشر الأواخر من رمضان ، ويقول : " تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان "
فعلينا أن نجتهد ونخلص العمل لله تعالى رجاء الحصول على ليلة القدر ، فمن وفق فيها للقيام والعمل الصالح ، ومن ثم نالها فقد وقع أجره على الله تعالى ، بمغفرة ما تقدم من ذنوبه ، وكل ابن خطاء ، وكل الناس صاحب خطأ وزلل ، وذنب وخطيئة ، فعلينا أن نصبر ونصابر ونرابط في هذه الليالي المباركات ، لعلنا أن ندرك ليلة القدر ، فيغفر الله لنا ما تقد من ذنوبنا ، فنفوز برضى الرب تبارك وتعالى ..
أولاً / ليلة القدر :
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها أفضل الرسل والأنبياء وخاتمهم وأخرهم ، وجعلها خير الأمم
علامات ليلة القدر :
1ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان البر بعيداً عن الأنوار .
2ـ زيادة النور في تلك الليلة .
3ـ الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ،
فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي .
4ـ أن الرياح تكون فيها ساكنة أي :
لاتأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل يكون الجو مناسباً .
5ـ أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ،
كما حصل ذلك لبعض الصحابة .
6ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي .
7- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ،
صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ،
ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال :
" أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
أنها تطلع يومئذ لاشعاع لها " [ أخرجه مسلم ] .
فضائل ليلة القدر :
1ـ أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ،
قال تعالى :
{ إنا أنزلناه في ليلة القدر } .
2ـ أنها ليلة مباركة ،
قال تعالى :
{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة } .
3ـ فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ،
قال تعالى :
{ ليلة القدر خير من ألف شهر } .
5ـ تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة و الرحمة والمغفرة ،
قال تعالى :
{ تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } .
6ـ فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عزوجل ،
قال صلى الله عليه وسلم :
" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "
ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة ، فإنها فرصة العمر ،
والفرص لاتدوم ، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله ، فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فإن المحروم من حرم الثواب ،
أيها العاصي تب إلى الله واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة ،
ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة.
يا من أعتقه مولاه من النار!
إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار،
أيبعدك مولاك عن النار
وأنت تتقرب منها؟
وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟ !
فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمه:
( فاستكثروا فيه من أربع خصال:
خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما.
فأما
الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والإستغفار.
وأما اللتان لا غناء لكم عنهما
فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار ).
غداً تُوفّى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
* وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
اللهم اجعلنا ممن صام رمضان ايمانا واحتسابا فغفر الله ما تقدم من ذنبه..
اللهم بلغنا ليلة القدر واجعلنا ممن يقيمونها..
اللهم لا تدع لنا يا ربنا في هذه الأيام المباركة ذنبا إلا غفرته.. ولا مريضا إلا شافيته.. ولا ميتا إلا رحمته.. ولا دعاءً إلا استجبته.. ولا تائباً إلا قبلته.. ..