سورة الرحمن

سورة الرحمن



دخلَ عبدُ العزيز مسرعاً إلى المنزلِ، فتَحَ المُصْحَفَ وراحَ يقرأُ على عجلٍ

الأب: ما الأمرُ يا عبدَ العزيز؟ لم أعْهَدْكَ تدخُل دونَ أن تُسَلِّمَ.

عبد العزيز: أنا آسفٌ! السلامُ عليكم ورحمةُ الله.

الجميع: وعليكُم السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

الأم: أَخْبِرْنا لمَ دخلْتَ مسرعاً، وفتَحْتَ المصحَفَ؟

عبد
العزيز: قرأَ علينا إمامُ المسجدِ قصَّةً مؤثِّرةً عن عبدِ الله بن مسعود
من تفسيرِ القُرطبيَِّ جعلَتْني أتلهَّفُ لقراءةِ سورةِ الرحمن.

الأب: اقرأ علينا ما سَمِعْتَه.

عبد
العزيز: أولُ من جهَرَ بالقرآن بمكَّةَ بعدَ النبيِّ صلى اللهُ عليه
وسلَّم: ابنُ مسعود؛ وذلك أنَّ الصَّحابة قالوا: ما سَمِعَتْ قريشٌ هذا
القرآنَ يُجهَرُ به قطُّ؛ فمن رجلٌ يُسْمِعْهُمُوه؟ فقالَ ابنُ مسعود: أنا،
فقالوا: إنَّا نَخْشى عليكَ، وإنَّما نريدُ رجلاً له عشيرةٌ يمنعونَه،
فأبى ثمَّ قامَ عندَ المقام فقال: بسم الله الرحمن الرحيم* الرحمن* علَّم
القرآن ". ثمَّ تمادى رافعاً بها صوتَه وقريشٌ في أَنْدِيَتِها، فتأمَّلوا
وقالوا: ما يقولُ ابنُ أمِّ عبدٍ؟ قالوا: هو يقولُ الذي زعمَ محمدٌ أنه
أُنْزِلَ عليه، ثمَّ ضرَبوه حتى أثَّروا في وجهه.

حسان: حقاً إنَّ عبدَ الله بن مسعودٍ لرجلٌ شجاعٌ..

الأب: تعالوا لنقرأْ جميعاً سورةَ الرحمن، ثمَّ سأحدِّثُكم المزيدَ عنها.

((أمسكَ كلُّ واحدٍ منهم مصحفَه، وراحَوا يقرؤون سورةَ الرحمن)).


الأم: كلُّنا آذانٌ صاغيةٌ يا أبا عبد العزيز.

الأب: سورةُ الرحمن مدنيَّةٌ وهي ثمانٌ وسبعونَ آيةً.

وهي فاتحةُ ثلاثِ سورٍ إذا جُمِعْنَ كنَّ اسماً من أسماءِ الله تعالى: ((سورة الر، وسورة حم، وسورة ن)).

ونزلَت
سورةُ الرحمن جواباً لأهلِ مكَّة َحين قالوا: إنَّما يعلِّمُه بشرٌ، وهو
رحمن اليمامةِ، ويَعْنونَ بذلك: مسيلمةَ الكذَّاب؛ فأنزلَ اللهُ تعالى:
(سورة الرحمن).

حسان: لقد كتبتُ بعضَ المفرداتِ التي لم أفهَم معناها، أرجو أن تشرحَها يا أبي.

الأب: حسناً, هاتِ الورقةَ.

(النَّجْمُ): النباتُ الذي لا ساقَ له.

(ذو العصف): التِّبْنُ أو الورقُ اليابسُ.

(آلاء ربِّكما): نِعَمِهِ.

(مارج): لهبٌ لا دخانَ فيه.

(الثَّقلان): الإنسُ والجنُّ.

(مُدهامَّتان): شديدَتا الخُضْرَة.

الأبناء: شكراً لك يا أبي، وبارك الله فيك.

الأب: أشكركُم يا أبنائي على حِرْصِكم على تعلُّمِ القرآنِ الكريم، فقد قالَ رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلَّم: " خيرُكُم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَه". [1].

وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم: " مثلُ الذي يقرأُ القرآنَ مثل الأترجَّة: طعمُها طيِّبٌ، وريحُها طيِّب. ومثلُ المؤمنِ الذي لا يقرأُ القرآنَ مثلُ التمرةِ: طعمُها طيبٌ، ولا ريحَ لها. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة: ريحها طيب، وطعمها مرٌّ. ومثَـلُ المنافقِ الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثلِ الحنظلـَةِ: طعمُها مرٌّ، ولا ريحَ لها " . [2].

عبد العزيز: لقد شوَّقَنا هذا الحديثُ للإكثارِ من تلاوةِ القرآن..

الأب: وفقكُم اللهُ يا أبنائي، ونفعَني وإياكم بالقرآنِ العظيم وما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيم..





المراجع:

1- صحيح البخاري.

2- رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري.