سلسلة الإســـــلام للأطفـــال
الإسلام - الشهادتان - الصلاة - الزكاة - الصوم - الحج - الإيمان بالله وبالملائكة - بالكتب السماوية - بالأنبياء - بالقدر - الإيمان باليوم الآخر
الإســـــــــــــلام
الإسلام يعنيالاستسلام لله- تعالى- والخضوع له والانقياد لأوامره، وإخلاص العبادة لله وحده، واتباع شريعته .
وقد أرسل الله "محمدًا" - صلى الله عليه وسلم - بدين الإسلام ، وكانت رسالته خاتمة لجميع الرسالات، وهى رسالة موجهة لكل البشر، فى كل زمان ومكان، وقد تكفل الله بحفظها وحمايتها من التحريف والتبديل والتشويه، وعماد هذه الرسالة الخاتمة القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى :
"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه"ِ(الصف : 9) وقال أيضًا : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (سبأ 28)
وقد اشتمل الإسلام على ما يصلح حياة الناس وما يضمن عيشهم في حب وسلام ومودة ورحمة وعدل وإنصاف وتعاون وتكافل، وكان هذا هدفًا من أهداف الإسلام العظيمة وقد عبر عن هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
· الحاجة إلى الإسلام :
كان العالم في الوقت الذي ظهر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما يكون إلى الإسلام، فالعالم آنذاك تتقاسمه قوتان رئيستان هما "فارس" و"الروم"، وبينهما حروب طاحنة عانت الشعوب الخاضعة لهما من ويلاتها، كما عانت أشد المعاناة من الظلم والاستبداد .وفى الوقت نفسه كان يسود العالم مفاهيم ومعتقدات دينية خاطئة، انحرفت عن وحي السماء، وعمت الأديان الخرافة والأباطيل .
ولم تكن الحياة الاجتماعية في هذه الفترة بأفضل حال من غيرها ، فقد ساد الاستبداد والظلم والقهر والطغيان وسفك الدماء وإهدار كرامة الإنسان ، وانحراف الأخلاق .
وفى وسط هذا الجو المظلم جاءت رسالة الإسلام لتصحح مسيرة البشرية، وتردها إلى الصلاح، وتربطها بوحي السماء المعصوم، وتجعلها تستهدى بنور الله تعالى، وتأخذ بيدها إلى الخير والسعادة .
· الإسلام دين الحرية :
وكان أول شيء قام به الإسلام هو تحرير الإنسان من العبودية لغير الله تعالى وتخليصه من الظلم الواقع عليه، فهو ينادى بأن الناس جميعًا أمة واحدة من أب واحد وأم واحدة، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ولا فضل لأبيض على أسود إلا بمقدار التزامه بشرع الله .
ولذلك دخل في الإسلام الضعفاء والمساكين والعبيد ووجدوا فيه خلاصهم، فرفعهم الإسلام، وساوى بينهم وبين غيرهم من السادة والرؤساء، وفتح لهم مجال النبوغ والتفوق كل حسب قدراته، فكان منهم بلال الحبشي مؤذن الرسول، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي .
· الإسلام دين العدل :
ونشر الإسلام العدل بين الناس، فهم سواسية كأسنان المشط، ولم يعط لأحد امتيازات ويحرم منها غيره، وطبق الرسول -صلى الله عليه وسلم - الأحكام على الناس جميعًا، فحين سرقت امرأة من قبيلة بنى مخزوم القرشية وهى قبيلة كبيرة، طبق الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليها حد السرقة، وغضب من الذين توسطوا عنده لإسقاط العقوبة عنها، وقال قولته المشهورة : لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها .
· الإسلام دين الرحمة :
والإسلام دين الرحمة فقد عمل على نشرها بين الناس، وقد وصف الله نفسه في مواضع كثيرة بالرحمن والرحيم، وجعل هاتين الصفتين متلازمتين في كل موقف يبدأ فيه المسلم بالبسملة فيقول : "بسم الله الرحمن الرحيم" سواء في الصلاة أو في غيرها .
ومدح الله نبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى :
"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران : 159)
وامتدح المؤمنين بهذه الصفة، فقال تعالى :
"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا"(الفتح : 29 )
ولم تقتصر رحمة الإسلام على الإنسان بل امتدت إلى الحيوان، فنهى عن تعذيب الحيوان أو تجويعه، وجاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل ما تلقاه في الأرض، وأن رجلاً دخل الجنة لرحمته بكلب عطشان، سقاه في نعله، لأنه لا يستطيع الشرب من البئر.
· الإسلام دين التكافل :
ودعا الإسلام إلى التكافل بين جميع أفراد المجتمع المسلم وحرص على أن يكون المجتمع قويًا ومترابطًا، لا يشيع فيه الحسد والحقد، ففرض الزكاة على الأغنياء والقادرين، لينفق منها على الفقراء والمحتاجين، ولتسد حاجاتهم، وتقضىمصالحهم.
· مزايا الإسلام :
ولما جاء الإسلام أحدث تغيرًا في العالم نحو الخير والصلاح، وأسس مدينة عادلة، وحضارة زاهرة، ومجتمعًا مستقيمًا، وكان ذلك بفضل خصائص وسمات تميز بها الإسلام، أعطته القدرة على تغيير واقع العالم المضطرب إلى الأفضل والأحسن وأكسبته مقومات البقاء، والانتصار على الديانات المحرفة .
فالإسلام أنزله الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يصنعه بشر ولم يضعه مخلوق، وإنما مصدره الأوحد هو وحي الله الذي تكفل بحفظه ، فقال تعالى :
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر : 9)
· الإسلام دين الله :
فعقائد الإسلام، وعباداته، وآدابه، وأخلاقه، وشرائعه، ونظمه كلها من عند الله تعالى، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى، ولا يتعبدون إلا بما شرعه الله لهم من صلاة وصوم وزكاة وحج .
· الإسلام دين لكل البشر :
والإسلام دين شامل للناس جميعًا، لا يخص أمة دون غيرها، ولا جنسا دون سواه، ولا يرتبط بزمان معين أو مكان محدد، فهو للناس جميعًا، وصالح لكل زمان ومكان، ومن مظاهر شموله أنه جاء بعقيدة واضحة قائمة على التوحيد، وعبادات تربط الإنسان بخالقه، وأخلاق تقوى الصلة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وتشريعات تنظم المجتمع وتقيمه على أساس من العدل والإحسان .
· الإسلام دين الوسط :
والإسلام دين الاعتدال والوسط، فهو يحقق للإنسان خير الدنيا وسعادة الآخرة، فهو يعتني بالروح كما يعتني بالجسد، ويهتم بالفرد كما يهتم بالجماعة، ويبيح للناس الطيبات النافعة، ويحرم عليهم الخبائث الضارة .
· الإسلام دين واضح :
يتميز الإسلام بأن أصوله وقواعده في العقائد والشعائر والأخلاق والآداب واضحة لا غموض فيها، فالقرآن الكريم ميسر للذكر، وقريب من نفس المسلم يلجأ إليه في كل وقت يستمد منه الهداية والإصلاح، والسنة النبوية تشرح القرآن وتفصل أحكامه، وتمثل النموذج العملي لأحكام الإسلام، وأهداف الإسلام واضحة في تكوين الفرد الصالح والأسرة الصالحة، والأمة الصالحة، وإشاعة قيم الحقبين الناس .
· الإسلام كرم المرأة :
وقد كرم الإسلام المرأة بعد أن عانت من الظلم والاضطهاد وكانت المجتمعات في المشرق والمغرب تنظر إلى المرأة نظرة دونية وتسلبها حقوقها وإنسانيتها فجاء الإسلام فرفع شأن المرأة، وحافظ على كرامتها ووضع من التشريعات ما يحفظ حقوقها وساوى بينها وبين الرجل في الواجبات والتكليفات، في الصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات، وجعل لها ذمة مالية خاصة بها تتصرف في أموالها حسبما تشاء، وحافظ على اسمها فهي تنسب إلى أسرتها لا أسرة زوجها، وجعلها راعية لزوجها ولأولادها .
· جبريل يعلمنا ديننا :
يقوم الإسلام على أركان خمسة هي الشهادتين ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت . وتقوم العقيدة الإسلامية على أركان ستة، وهى المعروفة بأركان الإيمان، وهى تشمل الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة الذين خلقهم الله من نور، وليسوا ذكورًا ولا إناثًا ولا يأكلون ولا يشربون .
والإيمان بالكتب المنزلة من السماء كالتوراة والإنجيل والإيمان بالرسل والأنبياء، والإيمان باليوم الأخر، يوم البعث والجزاء والإيمان بالقدر الذي يسير عليه نظام الكون .
فعن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه قال : "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد . حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيهووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد ! أخبرني عن الإسلام فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال : صدقت قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال : فأخبرني عن الإيمان قال : "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر . وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال : صدقت قال : فأخبرني عن الإحسان قال : "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" قال : فأخبرني عن الساعة، قال : "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" قال : فأخبرني عن أماراتها . قال : "أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة، العالة، رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان" قال : ثم انطلق فلبثت مليًا ثم قال : لي "يا عمر! أتدرى من السائل ؟" قلت الله ورسوله أعلم قال : "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" .
· انتشار الإسلام :
قامت دعوة الإسلام منذ البداية على أنها للناس كافة، وقد عمل المسلمون على تبليغ تلك الدعوة وتوصيلها إلى أرجاء الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يكد يمر نصف قرن حتى استقرت للإسلام دولة قوية، وأقبل الناس على الدخول في الإسلام طوعًا ودون إكراه، بعد أن رأوا ما فيه من رحمة وعدل وأخوة ومساواة، ولمسوا فيه ما يحقق نفعهم وسعادتهم، وينظم شئون حياتهم، وقد انتشر الإسلام في المشرق والمغرب، فوصل إلى حدود الصين شرقًا والمحيط الأطلسي غربًا، ووصل إلى جنوب أوربا ووسط أفريقيا، ولا توجد الآن منطقة في العالم إلا وبها مسلمون، ولا يزال الإسلام- على الرغم مما يتعرض له من حرب شرسة- أكثر الأديان انتشارًا في العالم، وتتزايد أعداد الداخلين فيه يومًا بعد يوم .
الشهادتــــــــان
الشهادتان هما أول ركن من أركان الإسلام .. والإيمان بالشهادتين والنطق بهما هما الطريق إلى الإسلام وبهما يكون الإنسان مسلمًا موحدًا لله .
وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :
"بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" (رواه البخاري)
وقد ظل النبي – صلى الله عليه وسلم- مدة بعثته يدعو الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده وترك الشرك وعبادة الأوثان، وإلى الإيمان بأنه رسول الله ، وأن الله قد بعثه إلى الناس جميعًا لهدايتهم وإرشادهم إلى الطريق المستقيم .
وكان النطق بالشهادتين هو المفتاح الذي أدخل الصحابة جميعًا إلى الإسلام، فعل ذلك "أبو بكر الصديق"، و"عمر بن الخطاب"، و"عثمان بن عفان"، و"علي بن أبى طالب"، و"خديجة بنت خويلد"، وغيرهم من الصحابة الكرام، وسيفعله كل من يريد أن يدخل إلى الإسلام من البشر جميعًا ممن ليسوا على ملة الإسلام .
وأصل الشهادة أن تؤمن بأنه لا معبود بحق إلا الله تعالى ، وأنه مطاع في كل ما يأمرنا به وينهانا عنه، وهذه هي الغاية التي بعث الله من أجلها الرسل ، ولذلك يدعو القرآن إلى حقيقة لا إله إلا الله في أكثر من موضع , قال تعالى:
"إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا "(طه: 98)
وقال تعالى:
"هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"(الحشر 22)
· الإيمان بوجود الله :
يشهد الكون الفسيح بما فيه من إنسان وحيوان وطير ونبات، وأنهار وبحار ومحيطات، وجبال وسهول وهضاب، ونجوم وكواكب، يشهد بأن وراء كل ذلك إلهًا قادرًا مدبرًا هو لله .
وقد دعانا الله إلى النظر في الكون الهائل ، قال تعالى:
"إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)"(الجاثية:3- 5)
وقال تعالى:
"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)"(البقرة:164)
وذات يوم سأل أحد الملاحدة الإمام "الشافعي" أن يأتي له بدليل على وجود الله , فقال له: ورقة التوت , لا يختلف طعمها ولونها وريحها في ورقة عن ورقة أخرى ، لكن تأكلها دودة القز فتخرج الحرير, وتأكلها الشاة فتربي اللحم وتخرج اللبن ,وتأكلها الظباء فتغذيها وتكِّون بداخلها المسك , فمن الذي جعل هذه الأشياء متنوعة الإفرازات , والغذاء واحد ؟ إنه الله سبحانه وتعالى.
· الله واحد :
وما دام لهذا الكون إله خالق مدبر، فلا بد أن يكون إلهًا واحدًا، ولا يمكن أن يكون لهذا الكون إلهان أو آلهة متعددة ..ويتضح ذلك من التناسق البديع الموجود في الكون، والنظام الدقيق الذي يحكم حركة الكون منذ ملايين السنين ، والأدلة على وحدانية الله كثيرة، منها :
- خلق السموات والأرض: بأبعادها الهائلة , وآفاقها الواسعة , وعوالمها المختلفة وكواكبها التي تسير في مدارات ثابتة لا تتغير.
- شروق الشمس من الشرق، وغروبها من الغرب , وتحركها المنضبط في المدار المحدد لها ، فلا تقترب من الأرض فتهلك بحرارتها ما على الأرض من حياة ، ولا تبتعد عنها فيعم البرد والصقيع، فتتجمد الكائنات الحية من إنسان وحيوان وطير وزروع، وبذلك تنتهي الحياة على سطح الأرض .
- اختلاف الليل والنهار في الطول والقصر , والنور والظلمة وتعاقبهما المنضبط والمستمر .
فالنظام المنضبط الذي يسير عليه هذا الكون العظيم يشهد بأن خالق هذا الكون إله واحد لا شريك له، ويستحيل أن يكون هذا الكون قد خلق نفسه، أو أوجده شريكان أو أكثر، ولو كان كذلك لاختلف الشريكان، وتحطم الكون واختل نظامه .
قال تعالى :
"مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)"(المؤمنون 91)
·الله قادر على كل شيء :
ويتضمن معنى الشهادة الإيمان بأن الله قادر على كل شيء، وليس عنده شيء صعب وشيء سهل، وإنما إذا أراد شيئًا فإنهيقول له كن فيكون .
والله تعالى هو الذي يدبر أمورنا ويصرف شؤوننا ، ويحي ويميت، ويعطي ويمنع، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، لأنه القادر على كل شيء فلا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه شيء، والمسلم لا يستعين إلا بالله، لأنه هو القادر على أن يعينه، قال تعالى :
"لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)"(المائدة 120)
· الله هو الرازق :
ويترتب على الإيمان بالله الواحد الإيمان بأنه هو الرازق، فقد تكفل الله برزق الكائنات جميعًا، وضمن لهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب، والإيمان بأن الله يعطى الناس من فضله ويرزقهم حسب مشيئته، ولا يمنع رزقه عن أحد، سواء كان مؤمنا أو كافرا.
والمسلم يؤمن بأن طاعة الله وعبادته والقيام بالأعمال الصالحة تزيد في الرزق، وفي الوقت نفسه عليه ألا يغضب إذا قل رزقه بل يصبر ويدعو الله أن يوسع عليه، قال تعالى:
"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)" (الروم:37)
· الله يعلم كل شيء :
ومن معاني الشهادة الإيمان بأن الله تعالى عليم خبير ، يعلم كل ما يحدث في الكون، سواء الأشياء التي نسمعها ونراها أو الأشياء التي لا نسمعها ولا نراها، ويعلم ما تخفيه الصدور، وما تفكر فيه العقول.
والله- تعالى - يعلم عدد النجوم في السماء، وعدد حبات الرمال في الصحراء، وقطرات الماء في البحار والمحيطات، وأعداد الكائنات جميعًا من إنس وجن وحيوانات وطيور وأشجار ونباتات .. يعلم الله ما مضي منهم، وما سيأتي، قال تعالى :
"وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59)"(الأنعام 59)
· الله يسمع كل شيء و يراه :
والله سبحانه- تعالى - سميع بصير، يسمع كل الأصوات، البعيدة والقريبة، القوية والضعيفة، وما يتلفظ به الإنسان جهرا وما يخفيه في نفسه سرًا ، فالله يعلم سرنا وجهرنا , ظاهرنا وباطننا , وكما يسمعنا الله فهو يسمع الحيوانات والطيور والحشرات، وكل ما نعرفه من الكائنات وما لا نعرفه .
والله- تعالى - بصير يرى كل الأشياء الكبيرة والصغيرة، الظاهرة والمختفية، ما نراه بعيوننا وما لا نراه، ويرى الله كل شيء سواء في الضوء أو في الظلام، على سطح الأرض ، أو في قاع البحار .
وإذا ترسخت هذه المعاني في نفس المسلم فإنه لن يفعل ما يغضب الله، لأنه- تعالي- مطلع عليه, يسمع كل شيء، ويبصر كل شيء، ولا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
· شهادة أن محمدً رسول الله :
شهادة أن "محمدًا" رسول الله هي الجزء الثانى من الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله، ولا يقبل إسلام أي شخص دون إتمام الشهادتين . والمسلم يؤمن بأن "محمدًا" – صلى الله عليه وسلم- رسول الله إلى الناس جميعًا، وقد بعثه الله إلى كل الأمم والشعوب، وليس إلى قومه خاصة مثل غيره من الرسل، وأنه آخر الأنبياء والمرسلين، فلا رسول بعده، ولا نبي يأتي خلفه، قال تعالى :
"مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)" (الأحزاب 40) وقد أنزل الله الوحي على نبيه "محمد" – صلى الله عليه وسلم- وهو في الأربعين من عمره، وكان منذ صباه معروفًا بالصادق الأمين .
وظل النبي- صلى الله عليه وسلم- في "مكة" ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى التوحيد وعبادة الله الواحد، فآمن بدعوته عدد قليل تحملوا معه إيذاء قريش وعنادهم، ثم هاجر إلى "المدينة" واستقر بها عشر سنوات، انتشرت خلالها دعوته، واستقرت دولته، وازداد عدد المسلمين، ودخل الناس في دين الله أفواجًا حتى بلغ عدد المسلمين الذين كانوا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة أكثر من مائة ألف مسلم.
ورسالة النبي- صلى الله عليه وسلم- عامة إلى جميع الناس من كل جنس ولون، على اختلاف أوطانهم وتعدد لغاتهم، سواء من كانمنهم معاصرًا للنبي- صلى الله عليه وسلم- أو من جاء بعد وفاته حتى تقوم الساعة، فرسالته عامة إلى الناس إلى يوم القيامة؛ لأن فيها ما يصلح حياتهم ومعيشتهم، وينظم أمور دينهم ودنياهم من صلاة وصوم وزكاة وحج ومعاملات مالية، وآداب وسلوك . وقد أشار القرآن إلىعموم رسالة النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فقال :
"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)" (الأعراف 158)
وقد أنزل الله القرآن على رسوله "محمد"- صلى الله عليه وسلم- عن طريق ملك الوحى "جبريل"- عليه السلام، وهو آخر الكتب السماوية، اشتمل على الأحكام والتشريعات التي تسعد الناس فى حياتهم، وترشدهم إلى الفلاح فى الدنيا والآخرة، وقد تكفل الله بحماية كتابه الكريم من التحريف والتبديل إلى يوم الدين، قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)"(الحجر 9)
ولذلك فهو الكتاب الوحيد المنزل من عند الله الذي لم يتبدل ولن يتبدل أو يتغير .