السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولكـــــــن فيه بدعـــــة أو فيه ضــــلالة أو من المصرين على البدعة، معاند، مكابر، ولا يريد الحق ولا يريد السنة ولا يريد المنهج الصحيح، هل نترك العدل أيضاً حتى في هذه الحالة؟
الجواب: لا، نحن أمة لا تترك العدل على الإطلاق في أي موقف من المواقف! ومقتضى أمر الله ورسوله في هذه الحالة أن هذا الإنسان يعامل المعاملة الشرعية من الهجر، والزجر، والنهي عن مجالسته، إلى آخر ما يفصل في أحكام أهل الابتداع، لكن كيف يقع الخلل؟
يقع عندما تطبق هذه الأحكام بغض النظر عن الواقع العام التي تعيشه الدعوة ككل!! كيف يكون هذا؟
علينا أن نقدر بدعة هذا المبتدع وخطرها وضررها على الدين بالقدر الصحيح، ونقدر الأعداء الآخرين أيضاً كل بقدر بدعته، وبقدر خطره على الإسلام وعلى الدين، ونتعامل معهم بحسب تأثيرهم، وعلى قدر ضررهم بالإسلام تكون العداوة، أو نقول بالعكس: بحسب قربه من المنهج الصحيح أو من السنة، يكون القرب منه في الصفح، وفي العفو، وفي التعامل، وفي المودة، التي لا تعني بأي حال من الأحوال أن أجامله وأداهنه في الحق، هذه قاعدة ومعيار دقيق؛ فلا أجامل ولا أداهن في ديني فأكرم أهل البدع: [[ من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ]] هكذا علمنا السلف الصالح ؛ ولكن نقدر بدعته بضررها.
مثلاً: بدعة الخوارج بدعة خطيرة شنيعة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتالهم، وقَتَلَهم الصحابة، لكن لما ظهرت بدعة الرافضة -غلاة الشيعة- حكموا بأن بدعة الرافضة أشد، وكذلك بدعة الجهمية أشد من بدعة المعتزلة .
فيجب أن يكون حكمي على كل شيء بحسب خطره وبحسب ضرره، ونظرتي إليه لا بد أن تكون عادلة منصفة، فأضعه من العداوة في موضعه الصحيح بحسب قربه أو بعده، فأعداء الله الذين يحاربون الإسلام ليلَ نهار هم بلا شك أبعد مني وأبعد عن منهج السنة من داعية يدعو إلى الله، ولكن في دعوته بدعة من البدع، وصاحب البدعة هو أقرب ممن يدعو إلى الشرك الصريح -والعياذ بالله- هذا الذي لا لقاء معه أبداً؛ لكن مع ذلك كله لا مجاملة فيما نص عليه الشرع من معاملاتهم ولا تهاون فيه، ولكن في موضعها الصحيح الذي يجب أن تكون فيه، وكما كانت سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
فلو كان الدعاة كذلك لانتفى ما نعانيه اليوم من اختلاف وتنازع؛ مرجعه في بعض الأحيان -إن لم يكن في أكثر الأحيان- إلى اختلاف وجهات النظر، وإلى اختلاف التربية، وإلى اختلاف الطباع، وإلى أمور ليست بالضرورة أن تكون سبباً لهذا الاختلاف، ولا سيما بين من يدعون إلى الكتاب والسنة بالجملة!! وإن كان فيهم من يكون قد قصر في علمها، أو فقهها، أو ما أشبه ذلك.
وأيضاً نجد أن التهاون في أمر الله عز وجل وفي تطبيق سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه في معاملة أهل البدع والضلال، وأعداء الدين من المنافقين أو الكافرين أن ذلك -أيضاً- مما يؤدي إلى الاختلاف؛ فبعضهم يضع اللين مع من يوجب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يعامل بالقوة، وبعضهم يضع القوة مع من تكون الحكمة أن يعامل بالرفق وباللين، ولا بد أن نفرق بين الداعية إلى البدعة وهو رأس من رءوس الضلالة، وبين التابع الأعمى الذي لا يفقه شيئاً، فلابد أن نضع كل ذلك في حسباننا وأن نضعها في اعتبارنا، وأن تكون أخلاقنا مبنية ومؤسسة عليها.