إن ما يكشف عنه المؤلف في هذا الكتاب سيثير دهشة واستغراب القارئ. فهو يعلن وبصراحة بأنه شرع في العمل منذ عام 1911، مستهدفاً الوصول إلى كنه السر الخفي الذي منع الجنس البشري من أن يعيش بسلام وينعم بالخيرات الرغيدة التي منها الله له. والمؤلف لم يستطع النفاذ إلى حقيقة هذا السر حتى عام 1950، حيث عرف أن الحروب والثورات التي تعصف بحياة الإنسان والفوضى التي تسيطر على عالمه ليست جميعاً-دونما أي سبب آخر-سوى نتائج مؤامرة شيطانية مستمرة.
وهذه المؤامرة بدأت في ذلك الجزء من الكون الذي ندعوه "الفردوس" حين تحدى الشيطان الحق الإلهي في أن تكون كلمة الله هي العليا. وقد أخبرت الكتب المقدسة كيف انتقلت المؤامرة الشيطانية من جنات عدن إلى عالمنا الأرضي. وكانت الحقائق والبديهيات التي عثر عليها المؤلف في كل أرجاء العالم متقطعة الحلقات لا يمكن تنسيقها. واستمر ذلك حتى وصل إلى الحقيقة مدركاً أن معركة الجنس البشري ليست مع مخلوقات عادية من لحم ودم، بل مع القوى الروحية والفكرية التي تعمل في الظلام وتسيطر على معظم هؤلاء الذين يشغلون المراكز العليا في العالم بأسره. والمؤلف هنا يعترف بأن "الإنجيل" هو الذي أمده بالمفتاح الذي مهد له الوصول الجواب عن تساؤلاته السابقة الذي كشف عنها في هذا الكتاب.
وهذا توضيح للمخطط الموضوع لتدمير البشرية والذي سماه المؤلف بالمؤامرة ليتابع القارئ عملية تطبيق هذا المخطط بنفسه في هذا الكتاب. في عام 1784 وضعت مشيئة الله تحت حيازة الحكومة البافارية براهين قاطعة على وجود المؤامرة الشيطانية المستمرة وفيما يلي تفصيل هذه الواقعة وملابساتها: كان آدم وايز هاوبت أستاذاً يسوعياً للقانون في جامعة انفولد شتات، ولكنه ارتد عن المسيحية ليعتنق المذهب الشيطاني. وفي عام 1770 استأجره المرابون (اليهود) الذين قاموا بتنظيم مؤسسة روتشيلد لمراجعة وإعادة تنظيم البروتوكولات القديمة على أسس حديثة، والهدف من هذه البروتوكولات هو التمهيد لكنيس الشيطان للسيطرة على العالم، كما يفرض المذهب الشيطاني، وأيديولوجية على ما تبقى من الجنس البشري بعد الكارثة الاجتماعية الشاملة التي يجري الإعداد لها بطرق شيطانية طاغية، وقد أنهى وايز هاوبت مهمته في الأول من أيار/مايو 1776، ويستدعي هذا المخطط الذي رسمه وايز هاوبت تدمير جميع الحكومات والأديان الموجودة.
ويتم الوصول إلى هذا الهدف عن طريق تقسيم الشعوب، التي سماها الجوييم (لفظ بمعنى القطعان البشرية يطلقه اليهود على البشر من الأديان الأخرى) إلى معسكرات متنابذة تتصارع إلى الأبد حول عدد من المشاكل التي تتولد دونما توقف، اقتصادية وسياسية وعنصرية واجتماعية وغيرها. ويقتضي المخطط تسليح هذه المعسكرات بعد خلقها، ثم يجري تدبير (حادث) في كل فترة يكون من شأنه أن تنقض هذه المعسكران على بعضها البعض فتضعف نفسها محطمة الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية.
وفي عام 1776 نظم وايز هاوبت جماعة النورانيين لوضع المؤامرة موضع التنفيذ (وكلمة النورانيين تعبير شيطاني يعني (حملة النور) ولجأ إلى الكذب مدعياً أن هدفه الوصول إلى حكومة عالمية واحدة تتكون من ذوي القدرات الفكرية الكبرى مما يتم البرهان على تفوقهم العقلي، واستطاع بذلك أن يضم إليه ما يقرب الألفين من الأتباع من بينهم أبرز المتفوقين في ميادين الفنون والآداب والعلوم والاقتصاد والصناعة، وأسس عندئذ محفل الشرق الأكبر ليكون مركز القيادة السري لرجال المخطط الجديد، وتقتضي خطة وايز هاوبت المنقحة من أتباعه النورانيين اتباع التعليمات الآتية لتنفيذ أهدافهم:
1-استعمال الرشوة بالمال والجنس للوصول إلى السيطرة على الأشخاص الذين يشكلون المراكز الحساسة على مختلف المستويات في جميع الحكومات وفي مختلف مجالات النشاط الإنساني. 2-يجب على النورانيين الذين يعملون كأساتذة في الجامعات والمعاهد العلمية أن يولوا اهتمامهم إلى الطلاب المتفوقين عقلياً والمنتمين إلى أسر محترمة ليولدوا فيهم الاتجاه نحو الأهمية العالمية وتدريب هؤلاء مع الشخصيات التي تسقط في شباك النورانيين لاستخدامهم كعملاء بعد إحلالهم في المراكز الحساسة خلف الستار لدى جميع الحكومات بصفة خبراء أو اختصاصيين. 3-العمل على الوصول إلى السيطرة على الصحافة وكل أجهزة الإعلام الأخرى. ومن ثم تعرض الأخبار والمعلومات على الجوييم بشكل يدخلهم إلى الاعتقاد بأن تكوين حكومة أممية هو الطريق الوحيد لحل مشاكل العالم المختلفة. ولما كانت فرنسا وإنكلترا أعظم قوتين في العالم في تلك الفترة، أي نهاية القرن الثامن عشر، أصدر وايز هاوبت أوامره إلى جماعة النورانيين لكي يثيروا الحروب الاستعمارية لأجل إنهاك بريطانيا وإمبراطوريتها، وينظموا ثورة كبرى لأجل إنهاك فرنسا، وكان في مخططه أن تندلع هذه الأخيرة في عام 1789