الغيرة والحسد
في كل حياة اجتماعية هناك دوماً تنافس وصراع بين الأفراد على الموارد ومصادر العيش , وعلى مصادر القوة والسيطرة , وعلى السعي لتحقيق المكانة العالية . فالسعي للتفوق وتحقيق المكانة العالية بالتنافس والصراع هم أساس نشوء غريزة وانفعال الغيرة والحسد , والغيرة تحدث عندما يحدث الفشل ويتفوق الآخر .أن الغيرة والحسد انفعالان موجودان لدى بعض الحيوانات الراقية, وهما في الواقع نشآ نتيجة تأثير التنافس والصراع على مصادر العيش وأسباب أخرى, وهما قويان بشكل خاص لدى البشر, وهما من مولدات التنافس والصراع .
فكل منا يسعى ( وفي الواقع هذا مفروض عليه غريزياً واجتماعياً ) ليكون الأفضل , وعندما لا يتحقق ذلك ويظهر الفشل أو الخسارة بوضوح, عندها تحدث انفعالات الغيرة والحسد . وهنا يمكن أن يحدث توجه القوى والإمكانيات لإعاقة المتفوق أو الإضرار به ومنعه من متابعة تفوقه والاستفادة منه , أي عندما لا أكون أنا الأفضل فيجب أيضاً أن لا يكون غيري هو الأفضل .
أنا الأفضل نحن الأفضل والدوافع المشابهة ( الفردية والأنانية والعنصرية ) هي أهم مولدات التنافس والصراع لدى البشر . الكل يقول :أنا الأفضل, أنا الأحسن, أنا الأهم, أنا الأساس, أنا المرجع, أنا الموجود, أنا الأسمى. . . , وإذا كان الواقع غير ذلك , عندها تصبح نحن الأفضل , أصلي هو الأشر ف , أبني هو الأفضل , بلدي هو الأفضل , ديني هو الأصح, جنسي هو الأفضل. . . , وعندما يكون تفوق الآخرين واضحاً, يقال :هم أحسن في كذا وكذا , لكن هذا غير مهم و غير ضروري, فنحن أحسن في كذا وكذا وهذا هو المهم والضروري, وأهدافنا هي الأفضل , مبادئنا هي الأفضل , أصلنا هو الأفضل. . تبريرات كثيرة والمهم في النهاية أنا ونحن لا يمكن أن نكون سوى الأفضل " ما حدا بيقول عن زيته عكر" , فهذا ما نريده ونرغب به, ونريد أن نشعر به.
إن دافع أنا أو نحن الأفضل ( الانتماء ) , هو أصل ومرجع أغلب الصراعات والحروب والتنافسات والسباقات والسعي للتفوق على الآخرين , وبالتالي تكون الأنانية والعنصرية ناتجة عن هذا الدافع . ونحن نجد أن الإحساس والشعور بدافع أنا و نحن الأفضل موجودة لدى غالبية البشر إن لم يكن كلهم, فنحن مدفوعون إلى التفوق والتميز عن الآخرين .