المسلة عمود رباعي الأضلاع يتناقص مقطعه تدريجيا، لينتهي في أعلاه بشكل هرمي.
وقد ارتفعت المسلات في هليوبوليس والفيوم وتانيس في الدلتا وبمعبدي الأقصر والكرنك
أو تركت بمكانها الأصلي في أسوان، حيث كان المصريون القدماء يقومون بقطع صخور
من قطعة واحدة ضخمة من محاجر الجرانيت، ثم ينقلونها إلى حيث يتقرر أن تقام؛
ويصقلونها وينقشونها ثم يرفعونها بدقة على قواعدها. وانطوت هذه الأعمال جميعا على
مهارات فائقة.
ومن المرجح أن عملية إقامة مسلة في موضع محدد أمام صرح (بيلون) أو بوابة معبد،
كانت تبدأ بكومة عالية من الرمال أو الرديم أعدت سلفا قريبا من المكان المقرر للمسلة.
ثم تسحب المسلة أفقيا فوق الكومة إلى موقعها أمام بوابة المعبد. وفي هذا الوضع تواجه
قاعدة المسلة الأساس الذي يعد في شكل صندوق من كتل حجرية متينة، وفق أبعاد قاعدة
المسلة. ويكون الصندوق مفتوحا من أعلاه، وممتلئا بالرمال. وعندما تصل الحافة السفلية
الثقيلة للمسلة المسحوبة إلى القاعدة، يبدأ العمال في إزالة الرمل من فتحة في قاع الصندوق
فتتحرك المسلة تدريجيا إلى أسفل داخل الصندوق، بداية من القاعدة الثقيلة إلى أن تنصب.
وعندئذ يمكن إزالة الصندوق، ثم يبدأ صقل ونقش المسلة؛ باستخدام سقالات حولها.
وفي النهاية يوضع هريم مغطى بالإلكتروم (خليط من الذهب والفضة)، ومزين بمشاهد للأرباب
والفرعون الذي كرسها، أعلى القمة. وأما المسلات المقامة في لندن وباريس ونيويورك، فإنها
نقلت ورفعت بوسائل ميكانيكية حديثة.
كلمة مسلة مشتقة من اللغة الإغريقية وتعني خنجر، فالمسلات أعمدة ضخمة تكون قاعدتها
كبيرة ثم تضيق باتجاه الأعلى حتى تنتهي بحافة مدببة لذلك تبدو كالخناجر، والمسلات فن
معماري رائع وجميل حيث كان يغطى طرف المسلة بمعدن براق ثمين كالذهب أو الفضة
حتى يعكس ضوء الشمس لمسافات بعيدة، ولكن هذه المعادن تعرضت للنهب منذ زمن بعيد
ولم يبق سوى الأعمدة المصنوعة من الحجارة، وكان جلب الحجارة الخاصة بها من كهوف
بمدينة أسوان، وكانت بعض المسلات تحمل على جدرانها الكثير من النقوش والرسومات
الهيروغليفية، وهي اللغة المصرية القديمة، وقد خلّدت هذه الكتابات الحضارة الفرعونية
ونقلت ملامحها عاصمة مصر، وقد أقيمت منذ أكثر من 4 آلاف عام، وأطول مسلة موجودة
في أسوان (مدينة في صعيد مصر) ويبلغ ارتفاعها 39 متراً.
ولعل أشهر تلك المسلات المصرية القديمة هي التي كانت قائمة في معبد الكرنك الأثري
والتي أقامها الملك تحتمس الأول وكان عددها 13 مسلة ولم يبق منها الآن إلا ثلاثة.
أما أشهر مسلتين فهما مسلتان توأمان وقد أطلق عليهما اسم (إبرة كليوباترة) وهي ملكة مصرية
قديمة، وقد شيدتا منذ أكثر من 3500 عام وتوجد إحداهما في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة
الأمريكية، بينما توجد الأخرى بالقرب من نهر التايمز بإنكلترا وقد أهداهما نائب البلدة بمصر
عام 1819 إلى بريطانيا
تاريخ مصر – منقول