**************
ويقال المثل :
خالِفْ تُعْرَفْ
قال المفضل بن سلمة: أول من قال ذلك الحُطَيئة،
وكان ورَد الكوفة فلقي رجلا فقال:
دُلَّني على أفتى المصر نائلا،
قال: عليك بعُتَيْبَةَ بن النَّهَاس العِجْلي، فمضى نحو داره. فصادفه،
فقال: أنت عتيبة؟
قال: لا،
قال: فأنت عَتَّاب؟
قال: لا،
قال: إن اسمك لشَبِيه بذلك،
قال: أنا عتيبة فمن أنت؟
قال: أنا جَرْوَل،
قال: ومن جَرْوَل؟
قال: أبو مُلَيكة،
قال: والله ما ازْدَدْت إلا عَمًى،
قال: أنا الحُطَيئة،
قال: مرحَباً بك،
قال الحطيئة: فحدِّثْنِي عن أشعر الناس مَنْ هو،
قال: أنت،
قال الحطيئة: خالِفْ تُذْكَرْ، بل أشعر مني الذي يقول:
ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ من دون عِرْضِهِ *
يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشتمَ يُشْتَمِ
ومن يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضْلِهِ *
على قومِهِ يُسْتَغْنَ عنه ويُذْمَمِ
قال: صدقت، فما حاجتك؟
قال: ثيابك هذه فإنها قد أعجبتني، وكان عليه مُطْرَف خز
وجبة خز وعمامة خز (حرير).
فدعا بثيابٍ فلبسها ودفع ثيابه إليه،
ثم قال له: ما حاجتك أيضاً؟
قال: مِيرَةُ أهلي من حَبٍّ وتمر وكسوة، فدعا عَوْناً له فأمره
أن يَمِيرَهم وأن يكسو أهله،
فقال الحطيئة: العَوْدُ أَحْمَدُ ثم خرج من عنده وهو يقول:
سُئِلْتَ فلم تَبْخَلْ ولَمْ تُعْطِ طَائِلاً * فسِيَّانِ لا ذَمٌّ عَلَيْكَ ولا حَمْدُ.