الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

الفن والجمال في الإسلام %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

الفن والجمال في الإسلام %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        الفن والجمال في الإسلام I_icon_mini_login  

 

 الفن والجمال في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جمال1982
مراقب عام
جمال1982


العقرب
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
العمر : 45

بطاقة الشخصية
المجلة: 50

الفن والجمال في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: الفن والجمال في الإسلام   الفن والجمال في الإسلام Empty2/25/2012, 13:26




معجزة الإسلام الخالدة التي تحدى بها رسوله صلى الله عليه
وسلم قريشا الذين وصلوا في البلاعة غايتها القصوى وفي الفصاحة حدها الأعلى
حيث وصفهم محمود محمد شاكر بأنهم "كانوا عبدة بيان قبل أن يكونوا عبدة
أوثان" هي معجزة القرآن الكريم بأسلوبه الساحر ونظمه الفريد المباين لكلام
البشر ما يدخل تحت طاقتهم، و القرآن الكريم وإن انطوى على جوانب لا حصر
لها من الإعجاز يكشف الزمن في كل حقبة منه عن جانب منها إلا أن جانب
الأعجاز الفني منه هو الذي تحدى الله به قريش والبشرية جمعاء { قل لئن
اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان
بعضهم لبعض ظهيرا} .




فما هي حقيقة الفن؟ وما هو جوهره؟ وما موقف
الإسلام منه؟

تعريف الفن



قد يكون من الصعب على الباحث أن يقدم
تعريفا دقيقا للفن؛ لسعة مجاله، وسرعة تطور حركته من جهة، ولتعدد المدارس
الفنية من جهة أخرى. ولكن لابد من محاولة إعطاء تعريف يجلي حقيقة الفن
ويقرب فهمه إلى ذهن القارئ.

الفن هو: تعبير عن الجمال يمتاز بالتنظيم
والتوازن المحكمين، وهذا التعبير يمثل استجابة وتجسيدا من الفنان لما ينفعل
به انفعالا وجدانيا عميقا، فالفن على رأي الفيلسوف "جود": "هو النافذة
التي يمكن أن نطل منها على حقيقة الجمال". وهذا ليس تعريفا لحقيقة الفن،
وإنما هو بيان لوظيفته. وهو على رأي "محمد قطب": "محاولة البشر لتصوير
حقائق الوجود وانعكاسها في نفوسهم في صورة موجبة جميلة".

ولكن الفن أوسع مجالا من تعريف محمد قطب؛
لأنه لا يقتصر على تصوير حقائق الوجود فحسب، بل يتعدى ذلك إلى تجسيد
انفعالات الفنان نفسه، والتعبير عن مشاعره وتصوراته وأحاسيسه، سواء أكانت
صدى لحقائق الوجود، أم تعبيرا عن رؤى خيالية تجول في ذهن الفنان، وليس لها
أي وجود في الخارج.

وأما الفنان فقد عرفه "محمد قطب" بأنه "شخص
موهوب ذو حساسية خاصة تستطيع أن تلتقط الإيقاعات الخفية التي لا يدركها
الناس العاديون، وذو قدرة تعبيرية خاصة على تحويل هذه الإيقاعات إلى لون من
الأداء الجميل، يثير في النفس الانفعال ويحرك فيها حاسة الجمال". وما دامت
هذه حقيقة الفن وذك جوهره؛ فإنه من المستحيل أن يحاربه الإسلام أو يعاديه؛
لأن الإسلام دين الفطرة السلمية التي تنجذب إلى الكون متناغمة معه، وإلى
الوجود مستأنسة به، مستبطنة كل معاني الجمال، جامعة لجميع أشتاته في الكون
والنفس، مؤلفة من ذلك نسقا متجانسا، يتواءم مع الوجود الذي أبدعه الباري جل
وعلا. فالإسلام لا يحارب الفن ولا يعادي الجمال؛ لأنه ـ الإسلام ـ الدين
الحق الذي أنزله خالق الكون ومصوره، وقد بلغ الإسلام المنتهى في الكمال،
وتجاوز المدى في الحسن، وبلغ نهاية الإعجاز في الجمال، شكلا وجوهرا.

وقد أشاد الإسلام بالجمال ونوه به في مواضع
متعددة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، فورد في الحديث النبوي
الشريف: "إن الله جميل يحب الجمال". وقد خلق الله الكون في قمة الجمال،
وجعل الإنسان خليفته في الأرض، وخلقه في أحسن تقويم، قال تعالى: [لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ] (التين 4)، وبث في الكون من
آيات الجمال الباهرة ما يسبي الألباب ويدهش العقول، قال تعالى: [أَفَلَا
يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ
رُفِعَتْ] (الغاشية 18،17)، ودعا الناس إلى تأمل جمال السماء الدنيا فقال:
[إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ] (الصافات
6)، [وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا
لِلنَّاظِرِينَ] (الحجر 16). ولفت أنظار أبصار بني آدم وبصائرهم إلى جمال
الأنعام التي يرونها بكرة وعشيا، ويتمتعون بها، فقال: [وَلَكُمْ فِيهَا
جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ] (النحل6). وأمر المؤمن أن
يلتزم السلوك الجميل فقال: [فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ] (الحجر85)،
وغرس حب الجمال في أعماق الإنسان؛ حتى إنه لينجذب إلى كل الصور الجميلة
والمناظر البديعة، ويشعر وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد. وهذا الانجذاب إلى
الجمال هو الذي يمنح المرء الاستعداد لإدراك الجمال في أسمى صوره وأبين
معانيه، وهو جمال الله تعالى، وجمال دينه، والاستقامة على هديه.

موقف الإسلام من الفن



إن الفن لا يعدو كونه محاولة للتعبير عن
هذا الجمال والحسن الذي يتراءى في أرجاء الكون، وينبعث من داخل كل صورة في
الوجود، فيبهر الإنسان ويغمر وجدانه بالإحساس بوجود وشائج نسب خفية وأواصر
تناسب عميقة بينه وبين هذا الجمال، إلى حد الرغبة في الالتحام به أو
الذوبان فيه، فقد ينسى الإنسان نفسه وهو يتملى جمالا أخاذا، يقول سيد قطب ـ
رحمه الله ـ: ''الدين والفن صنوان في أعماق النفس وقرارة الحس''.

وقد يقال بأن هذا الحكم لا يقبل على
إطلاقه، وأنه لابد من تقييده بأن الفن الذي يلتقي مع الدين هو: الفن الذي
يقوم على التصوير الإيماني للوجود ـ كما قال محمد قطب ـ ولكن الصحيح أن أي
فن لا يصادم العقيدة الإسلامية يمكن أن يلتقي مع الدين في أعماق النفس، كما
تلتقي مناظر الطبيعة الجميلة معه.

الفن في الإسلام



لقد وجد فن إسلامي أصيل شمل مجالات واسعة في الحضارة الإسلامية
التي ملأ إشعاعها إرجاء العالم أربعة عشر قرنا، وكان فنا متميزا في شكله
وجوهره، ينبثق من رحاب المسجد، مستلهما عقيدة الإسلام الصافية، مرتكزا على
رؤية عقدية، تحكم صناعته ابتداء، وترسم مساره العام، وتحدد أهدافه الكبرى،
من غير أن تلزم الفنان المسلم بصيغة واحدة للتعبير الفني. تحكمه فلسفة
إسلامية صارمة تحدد هويته ابتداء وتوجه مساره نحو غايته وهي فلسفة يمكن أن
تلحظ في كون ا
لفن الإسلامي - والكلام لمحمد عبد
العزيز - ليس مرتبطًا بإطار مرئي دنيوي محدد. وإن وُجِد إطار مرئي فإنه
يكون ظاهرًا فقط؛ لأن الباطن يحيل إلى الله المتعالي. فالعمل الفني المجرد
في الإسلام يصبح دالا ذا مدلول غيبي؛ حيث يرجع المتلقي إلى غير المجسد وغير
المتخيل، وهو الله سبحانه وتعالى، مدبر الكون ومسيره. ويتحقق ذلك بصنع
دالٍّ مجازي بصري مرادف لمدلول الكلمة (النص) ".

الفن الإسلامي والمسجد



علاقة الفن الإسلامي بالمسجد علاقة لا
انفكاك لها لأنه يحتضن هذه الفنون في حنو حيث العمارة وشكلها الهندسي
المتميز والخطوط وعالمها والزخارف المنسابة عبر جدران المسجد وقبابه وهو
ما جعل الفيلسوف "روجيه جارودى" يستنتج أن العامل المحرك للفن الإسلامي هو
المسجد وفن عمارته، ثم قال مقولته الرائعة: ''إن الفنون في الإسلام تفضي
إلى المسجد، والمسجد يفضي إلى الصلاة ''. وهذا يعني أن الفن الإسلامي يجذب
الإنسان جذبا إلى الله تعالى، فيتوق إلى عبادته ويستلذ مناجاته؛ رغبة في
التخلص من كل عبودية لسواه. إن الفنان المسلم لا يكون فنه أصيلا إلا إذا
عاش في رحاب المسجد، ووقف بين يدي الله في إخبات وخشوع، في أوقات الصلاة
المكتوبة على الأقل، يتأمل أسرار الوجود، وحقيقة الحياة والموت، ويتلقى
إيقاعات لا حد لها، تخاطب العقل والسمع، وتهز القلب والوجدان، وتناجى
الروح، وتحث الجسد على التسامي، ففي الصلاة يتساوق جمال الاستقامة مع جلال
الخشوع لله، ويتلازم انتظام أجسام المؤمنين في الصفوف مع قوة وحدة قلوبهم،
وصفاء أرواحهم، عندما تسمو في معارجها إلى الله تعالى، كلما سجدت لله أو
ركعت رغبة أو رهبة، أو محبة وتذللا، أو استمعت إلى القرآن يتلى متدفقا في
أسلوبه الآسر، الذي يفيض حسنا ويشع ألقا وسناء، يرشد الحائر، ويهدي الضال،
ويأخذ بيد من يستجيب له إلى سعادة الدنيا، ونعيم الآخرة، فيزداد قلبه صفاء،
وروحه طهارة، وحسه رهافة، ونفسه فهما للوجود واستعدادا لتقبل الخير
والتخلص من جواذب الأرض.

إن الصلاة في المسجد جديرة بأن تمد الفنان
المسلم بطاقة متجددة، تدفعه للإبداع والابتكار في عمله الفني، يقول "روجيه
جارودي" ـ عن المسلمين الذين يؤدون الصلاة مولين وجوههم شطر مكة المكرمة ـ:
"إن هؤلاء جميعا مندمجون في دوائر متراكزة، في هذا الانجذاب الروحي إلى
المركز الذي هو البيت العتيق". إن هذا الشعور هو الذي استولى على الفنان
المسلم فجعل عمله الفني تجسيدا للأخوة الإسلامية الجامعة.

لهذا فإن المسجد في الفن الإسلامي يمثل
البدء والمنتهى - كما قال الدكتور عماد الدين خليل ـ ولا غرو في ذلك؛ فهو
ركيزة الحضارة الإسلامية، وقلبها النابض بالإيمان والحياة، وقد أدرك هذه
الحقيقة جميع من ألفوا عن الفن الإسلامي من الراسخين في العلم، سواء في ذلك
المسلم منهم وغير المسلم، فجعلوا المسجد نقطة الارتكاز التي تدور حولها
بحوثهم العلمية.

الفن وسيلة اتصال بين الناس



إن الفن وسيلة اتصال بين الناس أحمعين،
يتحقق من خلالها نوع من الاتحاد العاطفي والتناغم الوجداني، بعيدا عن حواجز
اللغة والوطن والجنس والدين، "لأنه – والكلام لمحمد قطب - تعبير بشري عن
الإنسانية في أوسع مجالاتها ومفاهيمها". وهذا أمر لا يخفى على من له أدنى
ذوق جمالي، فالناس إذا ما نظروا إلى طلعة البدر ليلة تمامه استهواهم جماله،
وسحرهم بهاؤه، وكذلك إذا تأملوا غروب الشمس وبزوغها فإنهم يشعرون بجمال
المنظر، مع تعدد اللغات، وتباين العادات واختلاف الأديان وتباعد الأوطان،
وهذا الأمر ذاته يصدق على أي عمل فني في العالم من قصر الحمراء في الأندلس،
أو أي معلم من معالم الفن الإسلامي التي سكب فيها مهندسوها لمسات فنية
إسلامية عظيمة، أو أي أثر من الآثار الفنية العالمية الرائعة، إلا أن هذا
لا ينفي أن كل فن يستبطن في ثناياه وروحه الخفية رؤية أهله العقدية لله
تعالى والإنسان والكون والحياة، وهو ما يتجلى بشكل صريح في الفن الإسلامي،
الذي يقوم على عدة أمور منها:




  • التجريد الجمالي الخالص، الذي ينأى عن التشخيص، مستلهما ذلك من
    العقيدة الإسلامية التي تنزه الله عن التجسيد؛ لأن الله {... لَيْسَ
    كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى 11). وهو تجريد
    مغاير للتجريد الذي برز في العصر الحديث من خلال مدرسة التجريد التي تمثل
    إحدى التجارب الحداثية في الفن التشكيلي الغربي، يقول الأستاذ محمد عبد
    العزيز " مصطلح
    التجريد في الفن الإسلامي كأحد الدوال
    له مدلول يختلف كل الاختلاف والبعد عن مدلول نفس المصطلح في الحضارة
    الغربية؛ لذا فإن محاولة الربط والتقريب هذه ما هي إلا درب من المغالطة من
    المنادين بها. فنسيانهم أو تناسيهم ذلك التباعد والذي يصل إلى حد التضاد
    بين مدلولي المفهوم –كل في محيطه الثقافي والحضاري- مرجعه إلى الهيمنة
    الثقافية والحضارية الغربية على الأنساق المعرفية المغايرة. وقد أدى ذلك
    إلى قياس الثقافة الأصيلة على الأخرى الغازية، دونما النظر إلى مجموع
    الفوارق الثقافية والحضارية بينهما، حيث الاعتقاد في استخدام آليات التفسير
    والنقد الغربية كأحد الثوابت المعرفية" فالتجريد في الفن الإسلامي ينبثق
    من عقيدة الإسلام ذاتها ومن التصور الإسلامي للوجود فهو سمة ثابتة في هذا
    الفن تجسد فلسفة الإسلام وعقيدته وليس مجرد تجل من تجلياته. فالأشكال
    الفنية الظاهرة في الفن الإسلامي تنطوي على معان خفية تتستر وراء الشكل أما
    التجريد في الفن الغربي فهو كما يقول الأستاذ محمد عبد العزيز" يقدم دالا
    بلا مدلول اتفاقي محدد. فبالرغم من كمون المدلول داخل الشكل وخضوعه لشفرته،
    فإن تأويله وإدراكه تابع لمزاجية المتلقي النسبية. فكاندنسكي يقصد غاية
    مجهولة أشبه بالطيف، ويتوصل إليها بوسيلة مجردة هي أسلوبه الفني الباحث عن
    مساحة تأويل جديدة للعالم ورموزه، فهو يقدم عالما مؤولا غير معلومة حدوده
    الدنيا من الإدراك، أي إنه يقدم لغة جديدة للتعبير عن العالم ولكنها مفقودة
    الأبجدية"


أما في الفن الإسِِلامي فإنه محكوم بمجموعة من القواعد والمنطلقات
التي تحدد وجهته وترسم مساره في اتجاه يفسح الطريق لإدراك الوجود من زاوية
إسلامية خالصة.

* عدم التفريق بين الديني والدنيوي، فالفن
الإسلامي لا يفرق بين الديني ولا الدنيوي؛ لأن الإسلام منهج كامل للحياة
كلها، يقول "روم لاندو": "وليس من ريب في أن حافزا لا واعيا نحو دمج
السماوات دمجا رمزيا في بيت العبادة، هو الذي قاد المسلمين إلى تبني القبة
وإلى إتقانها حتى الكمال". فقبة المسجد هنا رغم جمالها الظاهر، وتناسق
شكلها، إلا أنها نداء إلى جميع البرية بأن دين الإسلام يرفض فصل الروح عن
الجسد، والسماء عن الأرض، والدين عن الدولة ترفع بصرك عاليا تتأمل جمالها
فتجد روحك تحلق في ملكوت الله الواسع.

الفن ليس تمردا على العقيدة



إن الفن الإسلامي لم يكن نتاج تمرد على
العقيدة الإسلامية - كما يزعم بعض المغرضين ـ عندما وقفت أمام التعبير
الفني ومنعته من التحقق، مما حدا بالفنان المسلم إلى التمرد على أوامر
الإسلام، ومزاولة الفن رغم حظر الشريعة للاشتغال به، ولكن من خلال ابتكار
فن جديد، فيه شيء من الاستقلالية مرده إلى التمرد على شريعة الإسلام..!

هذا كلام ساقط لا قيمة له، وليس لقائله
سلطان شرعي ولا دليل تاريخي أو حجة عقلية، أو سند فني، فالحقيقة أن الفنان
المسلم لما حرم الإسلام عليه بعض صيغ التعبير الفني ـ لما فيها من مخالفة
للعقيدة الإسلامية والآداب الشرعية ـ استجاب لأمر الله أولا، ثم بحث عن صيغ
جديدة للتعبير الفني لا تصادم الشريعة، فأبدع فنا إسلاميا يستنير بشريعة
الإسلام ويلتزم بعقيدته، له مميزات علمية دقيقة، وخصائص فنية جميلة، يقول
روجيه جارودي: "إن جمالية الفن الإسلامي لا تعتبر مطلقا حيلا للالتفاف على
محرمات القرآن والحديث، بل تعبيرا عن رؤيا نابعة من العقيدة الإسلامية".
ولا يخفى ما بين التمرد على العقيدة الإسلامية وبين استلهام روحها من بون
شاسع.

أنواع من الفن الإسلامي



للفن الإسلامي أشكال كثيرة، وصور عديدة،
وقد صدرت موسوعات كبيرة بجميع اللغات الحية حول الفن الإسلامي، وفتحت في
جامعة "أوتردام الإسلامية" بـ "هولندا" أول كلية متخصصة في الفنون
الإسلامية سنة 2001م حسب ما جاء في مجلة "العالم الإسلامي" (العدد 1700
الصادر بتاريخ 8/6/2001م) .

العمارة



لقد جعل الفن الإسلامي من العمارة عالما
يمور بالجمال والحركة، حيث أبدع الفنان المسلم في فن بنائها وشكل تصميمها
إبداعا شارف حد الكمال، وجمال العمارة الإسلامية رغم روعته، وتماشيه مع أدق
المعايير الفنية، إلا أنه يستلهم من شريعة الإسلام روحه الباطنة، فهو جمال
داخلي لا يراه إلا من ولج العمارة، أما من كان خارجه فلا يرى من هذا
الجمال إلا ما ظهر؛ فزينة البيت يتمتع بها من أعطي الأذن، وليست كلأ مباحا
لكل راتع!

كما أن الإسلام يوجب على المسلمين أن لا يفخر بعضهم على بعض فيوغر
صدره، بل يدعوهم ليكونوا سواسية، ظاهرا على الأقل، ثم إن أبواب العمارات
الإسلامية ونوافذها تنفتح إلى الداخل وليس على الطرق التي يم
ر منها الناس؛ تحقيقا لمعنى الستر، فالبيت ستر لأهله ولباس
يواري عوراتهم، وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت الأبواب والنوافذ تنفتح على
الداخل، لا على الخارج.

الخط



أما خطوط الكتابة فقد أبدع فيها الفنان
المسلم مفجرا منها عوالم ساحرة، تنطلق من الحقيقة التي يعبر عنها النص،
وتمتد لتستخرج كل طاقات أحرف هذا النص الجمالية، مما قد يحجب عن الناظر
العادي حقيقة كون النص ـ الذي تم اختياره بدقة ـ لم يقصد منه مجرد الجمال
الفني فحسب، بل إنه يجمع بين الفن شكلا والعقيدة مضمونا، فهو فن ورسالة.
يقول الأستاذ محمد عبد العزيز موضحا لهذا المعنى
"الخط فن ذو خصوصية فريدة بارتباطه
الوثيق بالحضارة الإسلامية نبع ونما من خلال تكرار عملية نسخ القرآن
الكريم، ولعل ذلك هو التفسير المبدئي لازدهار فن الخط حسب رأي جارودي. لكن –
والكلام دائما لمحمد عبد العزيز- لنا وجهة نظر تخالف رؤية جارودي. فظاهرة
فن الخط العربي تتعدى القيمة الجمالية إلى القيمة التفسيرية، فهي -إن جاز
الوصف- عملية من عمليات تعضيد وتدعيم مفهوم الإعجاز القرآني لدى المتلقي،
سواء أكان مسلمًا أو غير مسلم فالكلمة تكمن قيمتها في صورتها الذهنية لدى
المتلقي، لكن في حالة فن الخط فإنها ستكون محملة ببُعد شكلي يسهم في
إدراكها ذهنيًّا على مستوى التصور ومن ثم العقل، فهي عملية تخصيص وإفراد
لكلمة النص القرآني".

فن الزخرفة



يعد فن الزخرفة هو الآخر فنا إسلاميا
أصيلا يمور بعالم متحرك من الجمال الساحر والانسجام البديع يحكمه حسن
الإيقاع وتأتلف فيه الألوان المختلفة لتجسد شكلا واحدا يعبر عن وحدة
العقيدة ويوحي بتعدد مظاهر الحياة " نلمح ذلك - والكلام لمحمد عبد العزيز-
في طرحه لمفهوم التوحيد الذي يستشف من الوحدة الهندسية المتلاحمة بمثيلاتها
من باقي الوحدات أو المغايرة لها المكونة للسطح المرئي للزخارف يقدم عدة
مفاهيم مختلفة، ولكنها ممتزجة ومرتبطة ببعضها، فهو يقدم":

التفرد [في الوحدة الهندسية]

التنوع [في تعدد الوحدات والألوان]

التلاحم [في تداخل الوحدات مع بعضها]

التتالي [في تتالي الألوان والوحدات]

وبذا نجد أربعة مفاهيم متفرقة إلا أنها
تنسجم في إطار واحد عام، وذلك يجعلنا نصفها بأنها استعارة معبرة عن حركة
الكون والوجود. والاستعارة كما عرفها عبد القاهر الجرجاني "هي ضرب من
التشبيه، ونمط من التمثيل، والتشبيه قياس، والقياس يجري فيما تعيه القلوب،
وتدركه العقول، وتُستفتى فيه الأفهام والأذهان".

فنون إسلامية أخرى



ولم يقتصر الفن الإسلامي على ما سبق ذكره،
بل امتدت يد الفنان المسلم ليحكم سيطرته في ميادين أخرى لها أهمية كبيرة،
كفن المنمنمات وصناعة الخزف، والسجاد، والنقش، والحفر على الخشب، وقد أولى
الفنان المسلم هذه الفنون نصيبا وافرا من عنايته؛ ليجعل منها آيات خالدة
تشهد بعبقريته، وبعظمة الفن الإسلامي، وتنوعه وثرائه، في إطار وحدة جامعة
لهذا الفن، مهما تباعدت الأمكنة واختلفت الأزمنة.

سر تشابه الفن الإسلامي



إن تشابه الفن الإسلامي معجزة أخرى صنعتها
عقيدة الإسلام التي وحدت رؤى جميع الفنانين المسلمين على امتداد أزمان
متطاولة، وعبر أقاليم متباعدة، حيث صبغت إنتاجهم بصبغة واحدة، يقول روجيه
جارودي: "إن نظرة ـ ولو سطحية ـ على شواهد الفن الإسلامي في العالم تكشف
لنا عن أصالتها وجدتها العميقة، وتشعرنا بأن ذات التجربة الروحية تحيا في
أي مبنى روحي، أيا كان مكانه الجغرافي أو غايته، فمن الجامع الكبير في
قرطبة إلى الجوامع الصغيرة في تلمسان والقرويين وفاس وطولون في القاهرة،
والجوامع الضخمة في اسطنبول، والبصلات الفردوسية في مساجد أصفهان، أو منارة
سامراء الحلزونية، ومن قصور الحمراء في غرناطة إلى قصر علي... تولد لدي
شعور دائم بأن رجلا واحدا قد بناها جميعها، تلبية لنداء إله واحد".

ولا يمكن أن يقدر هذا التشابه حق قدره إلا
من قرأ قول لاند:" لو أن عشرة مصورين حاذقين وقفوا أمام منظر واحد، وصوره
كل واحد منهم؛ فإن صورهم العشرة لن تكون بينها صورتان متشابهتان، ولكن لو
أن واحدا من هؤلاء المصورين فقط صور عشرة مناظر مختلفة على التتابع، فإن
صور هذه المناظر العشرة ستكون متشابهة".

بيد أن الفن الإسلامي رغم تنوعه العظيم،
إلى حد أنه يصعب وجود تحفتين منه متماثلتين ـ كما يقول أحمد فكرة - إلا أنه
مع ذلك يمتاز بوحدته. إن سر تشابه الفن الإسلامي رغم تنوعه يرجع إلى صبغة
العقيدة الإسلامية التي أشربها كل فنان مسلم فسكبت في عقله ووجدانه رؤية
واحدة للكون والحياة، هي ذاتها الرؤية التي تنطبع في عقول ووجدان جميع
الفنانين المسلمين في أي زمان وأي مكان؛ فكان نتاجهم الإبداعي متشابها رغم
تنوعه وثرائه؛ لأن شعورا واحدا يسيطر عليهم جميعا، ويوجه فكرهم لتحقيق
الأهداف والغايات نفسها.

واجب الفنان المسلم




لقد هجر كثير من المسلمين ـ مع الأسف الشديد ـ الفن الإسلامي، حتى
كادت مظاهره تختفي ومنابعه تجف، أمام النموذج الغربي الوافد، وهو ما يحتم
على الفنان المسلم أن يعود بقوة إلى الفن الإسلامي الأصيل، مستلهما فلسفة
الإسلام، فيستمد منها غاية عمله، ثم ينطلق في معركة البناء الحضاري مستوعبا
تراث السابقين ونتاج المعاصرين استيعابا شاملا، ليفتح عوالم جديدة يثبت من
خلالها عظمة الإسلام وعبقرية الفنان المسلم المعاصر وقدرته على مواكبة
عصره، مع تميزه في عطائه وأصالته في إنتاجه الإبداعي؛ ليعود بالفن إلى رحاب
الإسلام، ملبيا رغبات المسلم الجمالية والروحية، ومؤسسا لفن إسلامي أصيل
يتناغم مع حاجات العصر، ويتفق مع الفطرة الإنسانية السليمة ويملأ الإحساس
والوجدان بمحبة الله


الفن والجمال في الإسلام Il_570xN.247150029
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

الفن والجمال في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفن والجمال في الإسلام   الفن والجمال في الإسلام Empty2/25/2012, 14:22

روعة جدا المقال جمال شكرا لاختيارك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
عثمان محمد
نائب المديرة
نائب المديرة
عثمان محمد


الجدي
تاريخ التسجيل : 22/12/2011
العمر : 42
البلد /المدينة : فلسطين

بطاقة الشخصية
المجلة: 0

الفن والجمال في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفن والجمال في الإسلام   الفن والجمال في الإسلام Empty2/25/2012, 14:33

تتبع جميل لمطلح الفن مع الشكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفن والجمال في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفن الهندي.. من معابد بوذا إلى حضارة الإسلام
» إن الدين عند الله الإسلام > الإسلام دين جميع الأنبياء عليهم السلام
» الفاكه والجمال
» فوائد قشر الرمان للصحة والجمال
» فوائد الزعتر للصحة والجمال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: الفنون :: --الفنون-
انتقل الى: