فرصة أخرى

فرصة أخرى


عيناها تعاند النوم تأبى ألا تغمض و رجفة تعتنق شفتيها أما أنفها فهو يتحرك بطريقة عجيبة .
كانت تعاند ذاتها الا تنام لكن هو أقوى يشدها بقوة إليه , علت شهقاتها وهي على ذاك الفراش
يلتف حولها أناس يرتدون الزي الأبيض , تنازع تشهق وتتحرك كما الأفعى , حتى شهقت من شدة الألم ثم نهضت لمدة ثواني وسقطت
على سرير العمليات ..
مرت ساعات طوال حتى استفاقت من النوم , لتفتح عينيها وترى وجوهاً لا تألفها , عادت للنوم بعد همهمات غير مفهومة قالتها ...

-آممم آآآه هناك شيء مختلف بي .
-لا أعلم .
- آآه هناك ألم
تقلب عينيها نحو يديها , لترى المغذي يستولي على يديها الاثنتين , حاولت تحريك يديها لكن الألم لا يحتمل .
نظرت نحو قدميها .
- آآه ماهذا الدم الملقى بذاك الكيس به انبوب
بقيت تحاول أن تفهم ماجرى وتفهم كل هذه التغييرات
شعرت بشيء يخنقها اغمضت عينيها واستلسمت للنوم فهو كل ما تملكه الآن ..


بعد أسبوع ..

في عيادة الطبيب .
تنادي الممرضة على أسماء المرضى ..
- نوف عبدالله
لتقف فتاة ذات طول متناسق و جمال ملائكي طفولي وحجاب لف بعناية على شعرها الطويل .
تبتسم للممرضة ثم تطرق الباب وتدخل
كانت مشيتها تدل على إنها لا زالت مريضة من جراء تلك العمليه الجراحيه .
الطبيب : اوه هذه أنتي أيتها المدللة التي أتعبتي المشفى
نوف تبتسم للطبيب
الطبيب : حسناً اخبريني اليوم بما تشعرين
نوف : أيها الطبيب ان الألم ليس كما من قبل لكن هل ستظل مشيتي هكذا عرجاء ومتقوسة الظهر
الطبيب : بالطبع لا لكن يحتم عليكٍ الآن أن تقفي معتدلة أما هذا العرج فسببه الاستلقاء الطويل على الفراش
نوف: حسناً شكراً جزيلاً
الطبيب : أيتها الممرضة تعالي لنغير الضماد .

تلك الليلة سهرت نوف لوقت متأخر تفكر في حياتها وكيف اقتربت من الموت
تذكرت حينما كانت لاتستطيع الوقوف , لاتحتمل فكرة السير , كل تلك الأدويه والحقن التي تأخذها يومياً , تذكرت ثم بكت وبكت وبكت بشدة
- كم كنت مقصرة في حق نفسي .
- أشغلني العمل والوظيفة عن الاهتمام بنفسي .
- نسيت انني أنثى فلا يجب أن اعمل كالرجال وأحمل معهم تلك الاشياء الثقيلة
بقيت تعتذر لنفسها على ماوصلت إليه .




اليوم 29-9 - رمضان
استيقظت مبكراً وقد قررت أن تجعل هذا اليوم آخر يوم جميل فهي التي لم تهنأ بيوم من رمضان فقد قضته في المشفى

- دخلت الى المطبخ وجهزت مع خادمتها وليمة فخمة , غلفتها بعناية فائقة في كل طبق مما لذ وطاب
- حينما انتهت ذهبت للسوق بدأت في شراء أجمل الثياب , لكن المحير كلها للأطفال . و بطلتنا لم يكن لديها أطفال .
كانت تلك الوليمه للفقراء كان افطار المسجد القريب من منزلها من صنع يدها .
والثياب الجميله كانت لفقراء الحي أوصلتها لهم بنفسها .
لم تكن نوف من الفتيات الصالحات كثيراً لكن هو احساس الاقتراب الموت ثم النجاة منه .
هو مايالظلم والطغيان فينا الأمل
ذهبت لزيارة اقاربها قبل أن يبدأ العيد
قررت أن اليوم سيكون آخر يوم لها في هذه الحياة
تقربت الى خالقها بصلاتها وتلك الأعمال التي ستدخل البهجة لنفوس من حولها

لم يكن هناك صلاة تراويح في هذا اليوم كم حزنت نوف فقد تمنت أن تصليها ولو لمرة لكن لم يكتب لها الله .
أتت العاشرة وغلبها النوم فتوضأت ونامت وهي تحلم بالغد .
استيقظت في الرابعة
كم هي محظوظة فقد كتب الله لها عمراً جديداً
أصبحت تقدر نعمة أن تستيقظ من النوم ليوم جديد , يوم تقرره أنت كيف سيكون
أصلحت تجربة الموت من حياتها
اغتسلت وتوضأت ثم رتبت من نفسها وانطلقت لصلاة الفجر بعد أن سمعت الآذان
أصبحت تتلذذ بصوت الآذان
تتلذذ بكل شيء روحاني كانت غافلة عنه .


كانت هناك طفلة في المسجد تنظر لنوف في خجل ..
اقتربت منها ثم
- هل من الممكن أن اصلي بقربك .
نوف بابتسامته : نعم ياعزيزتي .
بعد أن انتهت الصلاة وكبر الامام لصلاة العيد وهنأ الناس بعضهم
الطفلة : هل تسمحي أن اخبركٍ شيء .؟
نوف : نعم أيتها الجميلة .
الطفلة : أنتي جميلة جداً . ثم مدت لها حلوى كانت تحتفظ بها .


تمت