حاسة الشم عند الطفل ومتى تتكون؟
تتكون حاسة الشم لدى الطفل قبل أن يولد فعليا، فمنذ أن يكمل الجنين 28 أسبوعا، يصبح بمقدوره أن يشم داخل رحم الأم نفس الروائح التي تشمها هي في الخارج.
وقد توصل العلماء إلى النتائج الخاصة بقدر الأجنة على الشم من خلال بعض الأبحاث التي أجريت على أطفال ولدوا قبل إتمام فترة الحمل كاملة. وفي إحدى الدراسات التي أجريت وضعت بعض ورقات النعناع أسفل أنف أكثر من طفل ناقص النمو. لوحظ أن الأطفال الذين أتموا 28 أسبوعا أو أكثر في رحم الأم هم فقط من استجابوا وأبدوا رد فعل عند شم النعناع، فمنهم من ابتسم ابتسامة خفيفة أو حاول مص ورقات النعناع أو حتى حرك رأسه مبتعدا، أما الأطفال الآخرين الأقل عمرا من 28 أسبوعا فلم تصدر عنهم أي استجابة.
وتزداد حاسة الشم قوة لدى جنينك بفعل السائل الخاص الذي يسبح فيه داخل الرحم، نظرا لأن قدرتنا على الشم تصبح أقوى إذا انتقلت الرائحة عبر سائل (مثل مخاط الأنف).
وخلال الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل، تنتقل الروائح لطفلك بسهولة أكبر عبر الحبل السري، لذا فعندما تشمين الرائحة اللذيذة للدجاجة المشوية التي طهوتها على التو، تأكدي أن جنينك يشم هو الآخر نفس الرائحة.
إن حاسة الشم عند الأطفال على درجة عالية من التقدم, و هي ما يساعدهم على التعرف على أمهاتهم, و يفسر هدوء الطفل كلما أقترب من أمه بالرغم أنه لا يكاد يميزها شكلا بسبب بقائه مغمض العينين في أغلب الأوقات, فكيف تخزن رائحة الأم في عقل الطفل؟
تقول الدراسات أن الأطفال يستطيعون تسجيل و تميز الروائح التي يتعرضون إليها في أول ساعتين إلى 12 ساعة من الولادة بشكل كبير, و ذلك بسبب النشاط الهرموني المرتفع لديهم في هذه الفترة, و إن الروائح التي سيتعرض الطفل إليها في هذا الوقت ستخزن في ذاكرتة لفترة زمنية طويلة و ستكون قدرته عاليه على تميزها من بين جميع الروائح, و لذلك من المستحسن احتضان الأم لطفلها خلالها, و لكن ذلك لا يعني أن الطفل إذا لم يقترب من أمه خلالها لن يتعرف على رائحتها فيما بعد, و لكن ذلك سيحتاج إلى مدة زمنية أطول.
و الجدير بالذكر هنا أن الطفل لا يميز الروائح على أنها رائحة شخص أو ورد أو أي شيء أخر, و لكنه يربط الرائحة بالمشاعر التي يتعرض لها وهو يشتمها, فهو في الواقع في أيامة الأولى لن يميز أن هذه الرائحة هي رائحة أمه, هو فقط سيربطها إما بالمستها الحنونه, أو بالرضاعة و طعم الحليب الحلو, مما يجعله فيما بعد يستعيد هذا المشاعر كلما أشتمها, و هذا ما يفسر العلاقة القوية التي تنشأ بسبب الرضاعة الطبيعية بين الأم و طفلها, كما أن رائحة الأم لدى طفلها تعد من مسكنات الألم, مما يتوجب علينا استثمارها في حال التجارب الضرورية المؤلمة للطفل, مثل المعاينة الطبية أو وخر الإبر, و اللقاحات, فإن وجود الطفل قريب من أمه في هذه اللحظة سيخفف من الألم الذي قد ينتج عنها.
إن الأطفال يبكون عادة عندم يقترب منهم أي شخص غريب, و إن روائح الأشخاص الغرباء تولد لدى الطفل مشاعر الاستغراب و الخوف, و الخظأ الذي يقع فيه الأباء عادة, هو عدم اقترابهم من أطفالهم في الأيام الأولى بعد ولادتهم, مما يجعل الطفل يشعر بالاستغراب من رائحة الأب, و يتخذ معها نفس ردة الفعل تجاه روائح الغرباء, و هذا ما يزعج الأباء في كتير من الأحيان, لذلك يتوجب عليهم أيضا احتضان أطفالهم في ساعات الولادة الأولى بكل الحب و الحنان, حتى يكونوا على قائمة الروائح التي يشعر الأطفال بالامان كلما احسوا بها.