الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

2-الفصل الثاني %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

2-الفصل الثاني %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        2-الفصل الثاني I_icon_mini_login  

 

 2-الفصل الثاني

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتورة.م انوار صفار
Admin
دكتورة.م انوار صفار


تاريخ التسجيل : 04/04/2010
البلد /المدينة : bahrain

بطاقة الشخصية
المجلة:

2-الفصل الثاني Empty
مُساهمةموضوع: 2-الفصل الثاني   2-الفصل الثاني Empty2/3/2011, 23:05

الفصل الثاني


-القسم الاول






كان يوم لقائنا يوماً للدهشة..

لم يكن القدر فيه هو الطرف الثاني، كان منذ البدء الطرف الأول. أليس هو الذي أتى بنا من مدن أخرى، من زمن آخر وذاكرة أخرى، ليجمعنا في قاعة بباريس، في حفل افتتاح معرض للرسم؟

يومها كنت أنا الرسام، وكنت أنت زائرة فضولية على أكثر من صعيد.

لم تكوني فتاة تعشق الرسم على وجه التحديد. ولا كنت أنا رجلاً يشعر بضعف تجاه الفتيات اللائي يصغرنه عمراً. فما الذي قاد خطاك هناك ذلك اليوم؟.. وما الذي أوقف نظري طويلاً أمام وجهك؟

كنت رجلاً تستوقفه الوجوه، لأن وجوهنا وحدها تشبهنا، وحدها تفضحنا، ولذا كنت قادراً على أن أحبّ أو أكره بسبب وجه.

وبرغم ذلك، لست من الحماقة لأقول إنني أحبتك من النظرة الأولى. يمكنني أن أقول إنني أحبتك، ما قبل النظرة الأولى.

كان فيك شيء ما أعرفه، شيء ما يشدني إلى ملامحك المحببة إليّ مسبقاً، وكأنني أحببت يوماً امرأة تشبهك. أو كأنني كنت مستعداًَ منذ الأزل لأحبّ امرأة تشبهك تماماً.

كان وجهك يطاردني بين كلّ الوجوه، وثوبك الأبيض المتنقّل من لوحة إلى أخرى، يصبح لون دهشتي وفضولي..

واللون الذي يؤثّث وحده تلك القاعة الملأى.. بأكثر من زائر وأكثر من لون.

- هل يولد الحبّ أيضاً من لونٍ لم نكن نحبّه بالضرورة!_

وفجأة اقترب اللون الأبيض منّي، وراح يتحدث بالفرنسية مع فتاة أخرى لم ألاحظها من قبل..

ربَّما لأن الأبيض عندما يلبس شعراً طويلاً حالكاً، يكون قد غطَّى على كل الألوان..

قال الأبيض وهو يتأمل لوحة:

- Je prefere l'abstrait..!

وأجاب اللون الذي لا لون له:

- moi je prefere comprendre ce que je vois.

ولم تدهشني حماقة اللون الذي لا لون له، عندما يفضّل أن يفهم كلّ ما يرى..

أدهشني اللون الأبيض فقط.. فليس من طبعه أن يفضّل الغموض!

قبل ذلك اليوم، لم يحدث أن انحزت للون الأبيض.

لم يكن يوماً لوني المفضل.. فأنا أكره الألوان الحاسمة.

ولكنني آنذاك انحزت إليك دون تفكير.

ووجدتني أقول لتلك الفتاة، وكأنني أواصل جملة بدأتها أنتِ:

- الفن هو كل ما يهزنا.. وليس بالضرورة كلّ ما نفهمه!

نظرتما إليّ معاً بشيء من الدهشة، وقبل أن تقولي شيئاً، كانت عيناك تكتشفان في نظرة خاطفة، ذراع جاكيتي الفارغة والمختبئ كمّه بحياء في جيب سترتي.

كانت تلك بطاقة تعريفي وأوراقي الثبوتية.

مددت نحوي يدك مصافحة وقلت بحرارة فاجأتني:

- كنت أريد أن أهنّئك على هذا المعرض..

وقبل أن تصلني كلماتك.. كان نظري قد توقَّف عند ذلك السوار الذي يزين معصمك العاري الممدود نحوي.

كان إحدى الحليّ القسنطينية التي تُعرف من ذهبها الأصفر المضفور، ومن نقشتها المميزة. تلك "الخلاخل" التي لم يكن يخلو منها في الماضي، جهاز عروس ولا معصم امرأة من الشرق الجزائري.

مددت يدي إليك دون أن أرفع عيني تماماً عنه. وفي عمر لحظة، عادت ذاكرتي عمراً إلى الوراء. إلى معصم (أمّا) الذي لم يفارقه هذا السوار قط.

وداهمني شعور غامض، منذ متى لم يستوقف نظري سوار كهذا؟

لم أعد أذكر.. ربَّما منذ أكثر من ثلاثين سنة!

بكثير من اللباقة سحبت يدك التي كنت أشدّ عليها ربَّما دون أن أدري، وكأنني أمسك بشيء ما، استعدتِه فجأة.

وابتسمت لي..

رفعت عيني نحوك لأول مرة.

تقاطعت نظراتنا في نصف نظرة.

كنت تتأملين ذراعي الناقصة، وأتأمل سواراً بيدك.

كان كلانا يحمل ذاكرته فوقه..

وكان يمكن لنا أن نتعرف على بعضنا بهذه الطريقة فقط. ولكن كنت لغزاً لا تزيده التفاصيل إلا غموضاً. فرحت أراهن على اكتشافك. أتفحصك مأخوذاً مرتبكاً.. كأنني أعرفك وأتعرف عليك في آن واحد.

لم تكوني جميلة ذلك الجمال الذي يبهر، ذلك الجمال الذي يخيف ويربك.

كنت فتاة عاديّة، ولكن بتفاصيل غير عادية، بسرٍّ ما يكمن في مكان ما من وجهك.. ربَّما في جبهتك العالية وحاجبيك السميكين والمتروكين على استدارتهما الطبيعية. وربّما في ابتسامتك الغامضة وشفتيك المرسومتين بأحمر شفاه فاتح كدعوة سريّة لقبلة.

أو ربما في عينيك الواسعتين ولونهما العسليّ المتقلِّب.

وكنت أعرف هذه التفاصيل..

أعرفها.. ولكن كيف؟ وجاء صوتك بالفرنسية يخرجني من تفكيري قلت:

- يسعدني أن يصل فنان جزائري إلى هذه القمة من الإبداع..

ثم أضفت بمسحة خجل:

- في الحقيقة.. أنا لا أفهم كثيراً في الرسم، ولم أزر إلا نادراً معارض فنية، ولكن يمكنني أن أحكم على الأشياء الجميلة، ولوحاتك شي مميز.. كنّا في حاجة إلى شيء جديد بنكهة جزائرية معاصرة كهذه... لقد كنت أقول هذا لابنة عمي عندما فاجأتنا.

وعندما تقدمت تلك الفتاة مني لتصافحني، وتقدِّم لي نفسها، وكأنها بذلك ستصبح طرفاً في وقفتنا، وذلك الحوار الذي وجدت نفسها خارجه بعدما تجاهلتها منذ البدء دون أن أدري..

قالت وهي تعرّفني بنفسها:

- الآنسة عبد المولى. إني سعيدة بلقائك..

انتفضت لسماع ذلك الاسم.



ونظرت مدهوشاً إلى تلك الفتاة التي صافحتني بحرارة لا تخلو من شيء من الغرور..

تفحصتها وكأنني أكتشف وجودها، ثم عدت لأتأملك عساني أجد في ملامحك جواباً لدهشتي.

عبد المولى.... عبد المولى..

وراحت الذاكرة تبحث عن جواب لتلك المصادفة.

كنت أعرف عائلة عبد المولى جيداً.

إنهما أخوان لا أكثر. أحدهما (سي طاهر) استشهد منذ اكثر من عشرين سنة، وترك صبياً وبنتاً فقط.

والآخر (سي الشريف) تزوج قبل الاستقلال، و قد يكون له اليوم عدة أولاد وبنات..

فمن منكما ابنة (سي الطاهر)... تلك التي حملتُ اسمها وصية من الجبهة حتى تونس.. ونبت عن أبيها في دار البلدية، لتسجيلها رسمياً في سجلِّ الولادات؟

من منكما تلك الصغيرة التي قبّلتها نيابة عن أبيها، ولا عبتها ودلّلتها نيابة عنه؟

من منكما... أنتِ؟

وبرغم بعض الخطوط المشتركة لملامحكما، كنت أشعر أنَّك أنتِ.. لا تلك.

أو هكذا كنت أتمنى، وأنا أحلم قبل الأوان بقرابة ما تكون جمعتني بك.

وأندهش لهذه المصادفة، وأجد فجأة تبريراً لوجهك المحبّب إليّ مسبقاً. لقد كنت نسخة عن (سي طاهر)، نسخة أكثر جاذبية.

كنت أنثى.

ولكن.. أيعقل أن تكوني أنت الطفلة التي رأيتها لآخر مرة في تونس سنة (1962) غداة الاستقلال، عندما رحت أطمئن عليكم كالعادة، وأتابع بنفسي تفاصيل عودتكم إلى الجزائر؟ بعدما اتصل بي (سي الشريف) من قسنطينة، ليطلب مني بيع ذلك البيت الذي لم يعد هناك ضرورة لوجوده، والذي اشتراه (سي الطاهر) منذ عدّة سنوات ليهرّب إليه أسرته الصغيرة، عندما أبعدته فرنسا عن الجزائر في الخمسينيات، بعد عدة أشهر من السجن قضاها بتهمة التحريض السياسي.

كم كان عمرك وقتها؟

أيعقل أن تكوني تغيرت إلى هذا الحدّ.. وكبرت إلى هذا الحد.. خلال عشرين سنة؟!

رحت أتأملك مرة أخرى، وكأنني أرفض أن أعترف بعمرك، وربما أرفض أن أعترف بعمري وبالرجل الذي أصبحته منذ ذلك الزمن الذي يبدو لي اليوم غابراً.

ما الذي أوصلك إلى هذه المدينة.. وإلى هذه القاعة في هذا الزمن وهذا اليوم بالذات؟

يوم انتظرته طويلاً لسبب لا علاقة له بك..

وحسبت له ألف حساب لم تكوني ضمنه..

وتوقَّعت فيه كل المفاجآت إلا أن تكوني أنت مفاجأتي.

فجأة أذهلني اكتشافي، وخفت من مواجهة عينيك اللتين كانتا تتابعان بشيء من الدهشة ارتباكي. فقررت أن أطرح سؤالي بالمقلوب، وأنا أواصل حديثي مع الفتاة الأخرى التي قدّمت لي نفسها. كنت أعرف أنني إذا عرفتها سينحل اللغز، وأعرف تلقائياً من منكما.. أنتِ.

فقد كان لإحداكما اسم أعرفه منذ خمس وعشرين سنة، وعليّ فقط أن أتعرف على صاحبته.

سألتها:

- هل لديك قرابة بسي الشريف عبد المولى؟

أجابت بسعادة وكأنها تكتشف أن أمرها يعنيني:

- إنه أبي.. لقد تعذر عليه الحضور اليوم بسبب وصول وفد من الجزائر البارحة.. لقد حدّثنا عنك كثيراً. وقد أثار فضولنا لمعرفتك لدرجة قرّرنا أن نأتي مكانه اليوم لحضور الافتتاح!

كان كلام تلك الفتاة على تلقائيته يحمل لي جوابين. الأول أنها لم تكن أنت، والثاني سبب تخلف (سي الشريف).

كنت لاحظت غيابه وتساءلت عن سببه، هل كان المانع شخصياً، أم سياسياً.. أم تراه كان لسببٍ ما يتحاشى الظهور معي؟

كنت أدري أنّ طرقنا تقاطعت منذ سنين عندما دخل دهاليز اللعبة السياسية، وأصبح هدفه الوحيد الوصول إلى الصفوف الأمامية. ورغم ذلك لم يكن بإمكاني أن أتجاهل وجوده معي في المدينة نفسها. فقد كان جزءاً من شبابي وطفولتي.. وكان بعض ذاكرتي.

ولذا، ولأسباب عاطفية محض، كان الشخصية الجزائرية الوحيدة التي دعوتها.

لم ألتق به منذ عدة سنوات، ولكن أخباره كانت تصلني دائماً منذ عُيِّن، قبل سنتين، ملحقاً في السفارة الجزائرية، وهو منصب ككل المناصب "الخارجية"، يتطلب كثيراً من الوساطة والأكتاف العريضة.

وكان بإمكان (سي الشريف) أن يشق طريقه إلى هذا المنصب ولأهم منه بماضيه فقط، وباسمه الذي خلّده سي الطاهر باستشهاده. ولكن يبدو أن الماضي لم يكن كافياً بمفرده لضمان الحاضر، وكان عليه أن يتأقلم مع كلّ الرياح للوصول..

خطر ببالي كلّ ذلك، وأنا أحاول بدوري أن أتأقلم مع كل المفاجآت والانفعالات التي هزتني في بضع لحظات، والتي كانت بدايتها أنني وددت أن أسلم على فتاة جميلة تزور معرضي لا غير.. فإذا بي أسلّم على ذاكرتي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eng-art.yoo7.com
خالدفايز
المراقب العام المميز
المراقب العام المميز
خالدفايز


تاريخ التسجيل : 07/10/2010

بطاقة الشخصية
المجلة: 0

2-الفصل الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: 2-الفصل الثاني   2-الفصل الثاني Empty2/3/2011, 23:21

مساء الخير

للقرائه جمال ولروايه فصول جميله

اسعدني انني رايتها ها هنا في المنتدى علما جسدوها مسلسل في رمضان الفائت وكانت حقيق مسلسل جميل من بطول الفنان السوري جمال سليمان

شكرا دكتوره لما نثرتيه عبر الاثير من كلمات سجلها التاريخ في سجلات الجمال
هكذا الدنيا تسير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مها
عضوماسي
عضوماسي
مها


تاريخ التسجيل : 30/08/2010

2-الفصل الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: 2-الفصل الثاني   2-الفصل الثاني Empty2/4/2011, 15:30

شكرا دكتورة للنقل الرائعة لهذه القصة الرائعة ننتظر الباقي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
2-الفصل الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأربعة الكبار روايه للكاتبه اغثا كريستي
» رواية ( الميراث)
» ذكرة الجسد الفصل الثاني-2
» ذاكرة الجسد-الفصل الثاني
» ذاكرة الجسد الفصل الخامس -الجزء الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: الأدبي :: القصص والروايات :: قصص منقولة-
انتقل الى: