عثمان محمد نائب المديرة
تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 42 البلد /المدينة : فلسطين
بطاقة الشخصية المجلة: 0
| | صورة مشوهه | |
يقف هو في نفس الحديقة التي كانت لقاءهما الأول , وحيد في هذه اللحظة لا يحيط به سوى صخرة جلسا عليها , وزهرة بيضاء لامساها كثيرا ً تلاعبا باوراقها وكل مرة تزهر بأوراق جديدة فهي تشتاق الى لمسة من أيديهما , هناك في الحديقة وخلف أبوابها الزجاجية وقف حينها نصف ساعة من الزمن , يراقب عيونها التي رأها اخر مرة , الدمع يسكنه من كل جانب, تتسائل روحه إذا كانت هذه الدموع دموع فرح ام حزن بعد غياب طويل , تكاد تسمع دقات قلبه, صراخه الداخلي , فمنذ ان قررت الإبتعاد يعيش هو بعزلة كبيرة , يعشق صمتا ً لطالما لازمه , يعشق سكون حروف كان تخرج من بين ألامه , فمن هنا من هذه الحديقة رحلت عنه الحياة قبل أن يجتمعوا , رحلت ببهجتها , وفرحها , وصخبها , وآلمها , وكآبتها , رحلة بكل جوارحه ولم يبقى سوى جسد يملئه الألم , يسكنه البعد , يقتله الفراق , جاء ليستذكر روح أسعدته وسط ظلام أيامه , رسمت عليه ضحكة وسط دموعة المتساقطة , جاء ليطرح السلام لوحده يعلم أنها لن تجيب , يعلم بمكنونه أن من أبعدهم هي صورة صماء , تعبر عن ملامح إنسان , لا تعبر عن داخل إنسان , رغم شعوره بقسوة الطعنة , لا زال يلتمس لها العذر , فتشوهات الحياة جعلته هكذا , عبثت بوجهه , تلاعبت بملامحه , لكنها لم تتلاعب في داخله , سار بخطوات بطيئة الى زاوية الحديقة ملئ حافظته من الذكريات , وذهب بصمت , ليوقف قطار الوداع , ويركب فيه , أخذ قطار الوداع يسير وهو يجلس فيه صامتا ً , صمته يعبر عن آلم يفتك به , وضباب من الدمع تنطق بمرارة ما يشعر به , ستتجمد الحياة لعام أخر , لموعد زيارة أخرى , ستمر كل الفصول عليه دون رؤيتها , وسيكون فصل الربيع هو اللقاء , هو الحياة , ليجمع حافظة ذكرياته من جديد . يسير به القطار في طريق طويل تملئه الذكريات على حافتها , لا يقطع صمته سوى ضجيج أفكاره , ودموعه وصوت محرك القطار , فقبل الأن كانت اللحظات مليئة بها , بفرحها, بضحكاتها , وقصصها , برفقتها كانت الوقت يمر بسرعة , والأن ما أطول الطريق , وما أبطأ الثواني , وما أكبر الفراغ بحياته , إنه ضجيج الذكريات , وفوضى الفراق بعد السفر الطويل وصل الى غرفته , يرتفع صوت بكائه رغما ً عنه , هي ذكرى تكاد تخنق أنفاسة وغيمة من دموع , تحجب رؤيته , سار ليجلس على السرير , تعثرت أقدامه بلعبة صغيرة هي ل.............. , حملها بين يده وجلس على سريره , آه ما أقسى أشياء الغائبين حين تحضر بدلا منهم , يضمها الى صدره , يظهر نبضها واضحا ً على شرايين يديه المترهلة , فللحزن أيادي قاسية تعبثان بكل شيء , وللذكرى أجراس لا تهدأ , وللقدر قسوة لا ترأف بقلبه , يلقي بجسده على سريره , يطلب النوم , فلقد أرهقته الذكرى , لعله يجدها في رحاب حلمه , فهي تنكرت له , أستباحت دنياه ومشاعره , قتلته لقدره بأن تشوهه الحياه , لينهض من حزنة , ويسير بإتجاه النافذة ليسقي زهرة زرعها لها , لتبقى تفوح له بعطرها وبذكراها | |
|
3/1/2012, 15:11 من طرف دكتورة.م انوار صفار