هذا الطفلُ نهرُه بكل مليحٍ جارية، ولا يوجد لمثلِ فطنتِه مجارية، لفظُه شهدٌ، ولحظُه شفاءُ المفؤود، إن وُدِّع ودَّعَ وداعَ محافظ، وإن استودِع كان عنده خيرُ حافظ، تزايل أنسَه، لترى حبّه المؤانس، وتتبع ظلّه أينما انبعث، وتلتقط لفظَه كلما نفث.
حفظ القرآن الكريمَ وقد مضى من عمرهِ تسع سنين، وقاربَ على حفظِ الصحيحين حتى بهَر ومَهر شيوخه وأصحابه، وفاق أمثاله وأقرانه، كان مزدَهًى بين والديه وإخوانه بما وهبهُ اللهُ من سرعة البديهة إذا أجاب، وقوّة محفوظٍ بهمّته التي تُعانق السحاب، وهذا الأصل في كلّ شاب أن لا يلتفتَ إلى ما فات، ولا يأتيه الطِّماح لما قد طاح، بل همةً تصقُل الخاطر، وتنشِّط الفاتر.
فنضنَضَ (حرَّك) لسانُه بقراءةِ نصفِ حزبٍ من القرآن وهو نائم، وقرأ ما يقرُبُ عن عشرين حديثًا من وردِه من البخاريِّ ومسلم، وليس المعتادُ نومه حين الصباح، لكن مرضُه منعَه من الذهابِ إلى مدرسته الشرعيّة، فاضطجع بعد صلاةِ الفجرِ متفوِّها بسورةِ البقرة من قوله تعالى (أيودّ أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب ...) إلى قوله (وأزواج مطهرةٌ ورضوانٌ من اللهِ واللهُ بصيرٌ بالعباد) الصفحة الثانية من سورة آل عمران.
وأحاديث كتاب " الصلاة " من مختصر الشيخ يحيى بن عبد العزيز اليحيى مبتدئًا بأحاديث وقت الفجر حتى العشاء، والسماع يغني !
تُرى! من جعل فاهَ ينطقُ بمكنونِ صدرِه مع أنَّ عقلَه مرفوعٌ وقلمَه موضوع، كأنّهُ يصفُ لك المرء المختَمِ له بما عمِل في حياتِه، فمن عاش على القذى مات عليه، ومن رضعَ من أكفان الهوى فُطِم عليه، ومن حيِيَ بين أصداء قارئي القرآن وعلماء الشريعة توفاهُ الله عليهم.
هكذا أهلُ القرآن وأهلُ الحديث، شبُّوا وشابوا على ما تعلموه، نفعُوا وانتفعوا بما عرفوه، فلِمَ تفتأ هاجرًا للقرآن بإقامة حروفه وحدوده؟!.
قد تكون أعلمَ من هذا الطفل بالآيات والأحاديث التي ورد ذكرها في فضل القرآن وأهله، وأعلم بأحكام القرآن وأقوال العلماء في كل مسألة بأدلتها وتعليلاتها، ثم لا يكونُ لك وردٌ في قراءة القرآن والتدبر بما فيه؛ للأقفالِ المحكمة، والأغشية المغطاة على قلبك، فماذا نفعك هذا العلم؟ إلا أن يكون حجة علي وعليك!.
أسأل الله أن ينفعَ بما كتبت، وأن يجعلَها خالصًا لوجه، مخلِّصا لما شابَ كاتبَه من إرادةِ غير وجهه الكريم، وأن يجعل مثل هذه القَصص مانعةً لحفّاظ القرآن أن يلبسوا ثوبَ العصيان، فتذهبَ نضارتُهم، ورادعةً لمعاديهم، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، وأي أيمان أعظم من إقامة حروف القرآن وحدوده!
وأن يحفظ أهلَ هذا الطفل، ويجعلَ كل حرفٍ يقرؤه في موازين حسناتهم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم، ونرجو من الجميع الدعاء له بالثبات والتوفيق دنيا وأخرى.
فمثلُ هذه البضائع هي الأحقّ بأن تشتَرى، وأن تستَعَار عقولهم، وتؤجَّرَ أفكارُهم، وأن يوقَفَ أهلوهم لوجهِ الله ليكونوا من أهل القرآن وحاملي لواء الشريعة، وليكونوا وكلاء بحفظها أمناءَ في رعيِّتها، ومثل هذه السِّلع هي الأحقّ أن يُحوَّل لها من المدارس التي لا تسمنُ ولا تغني من جوع، لهذه المدراس الشرعية التي ينتفع بها صاحبُها وأهله في الدنيا والآخرة.
ألا يغني الإخبار عن العيان، وينبّئ عن النار الدخَّان؟ بلى يغني!
بثينة الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 18/02/2012 العمر : 68 البلد /المدينة : النمسا / فيينا
موضوع: رد: طفلٌ حافظ للقرآن وألفي حديث 3/13/2012, 01:26
أسأل الله أن يحفظ هذا الطفل وأهله. 1- شيْ رائع من طفل في التاسعة من عمره راقد مريضاً في فراشة يقرأ ماتيسر من القرآن الكريم وعندما زاد تعبه عبر عن هذا للشيخ (بقوله شيخي تعبت) ولكن صوت هذا الشيخ حثه على المثابرة في القراءة من غير رحمة وعطف لحالة الطفل المريض. رأي الشخصي أن الدافع لتصرف الشيخ هكذا هو غريزة الزهو والتباهي بنفسه.
2- منذ متى كانت من صفات الانسان المؤمن الحافظ للقرآن والأحاديث الشريفة بضاعة وسلعة نعروضة للبيع والشراء.
فمثلُ هذه البضائع هي الأحقّ بأن تشتَرى، وأن تستَعَار عقولهم، وتؤجَّرَ أفكارُهم، وأن يوقَفَ أهلوهم لوجهِ الله ليكونوا من أهل القرآن وحاملي لواء الشريعة، وليكونوا وكلاء بحفظها أمناءَ في رعيِّتها، ومثل هذه السِّلع هي الأحقّ أن يُحوَّل لها من المدارس التي لا تسمنُ ولا تغني من جوع، لهذه المدراس الشرعية التي ينتفع بها صاحبُها وأهله في الدنيا والآخرة.[/color] [/color]
عثمان محمد نائب المديرة
تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 42 البلد /المدينة : فلسطين
بطاقة الشخصية المجلة: 0
موضوع: رد: طفلٌ حافظ للقرآن وألفي حديث 3/13/2012, 17:20