الرمزية فى العمارة شيئ رائع ... فى دور العبادة والمتاحف ... فى المسارح ودور الأوبرا والمبانى الحكومية ... إن لها مفعول السحر فى إطلاق خيال وإبداع المعمارى عندما يستخدمها كمحرك لفكرته التصميمية ( Design Concept ), إلا أن الأفكار والفلسفات التصميمية وحدها لا تنفع ... فالمنتج المعمارى منتج فيزيائى يؤثر على الإنسان وظيفياً ونفسياً عبر أدوات فيزيائية. فيجب أن تستخدم عملية الفكرة التصميمية كمحرك للعملية التصميمية وليس كهدف.
فعندما يبدأ المعمارى فى تصميم مبنى ما فإن عقله يكون فارغ تماماً مثلما هو فراغ وفضاء المشروع الذى هو بصدده ... لذا فإن إجابات على اسأله من مثل ( ما وظيفة المبنى؟ , كيف أريد أن يكون شكله؟, وكيف سأنفذه ؟ ) تكون بداية جيدة لملئ هذا الفراغ ... المعمارى غير المبدع أو ( الحرفى ) يجد هذه الإجابات بالإستعارة من الذين سبقوه .. أما المبدع فإنه يستخدم عملية الفكرة التصميمية (Design Concept ) كأداة ليطلق منها إبداعاته .. ويجد بها ما يميز به مبناه ويجعله فريد.
لذلك دائماً نجد المعمارييون يحبون العمل فى مشاريع المساجد والكنائس والمتاحف ... لأن أياً من الأسئلة التى تطرحها على نفسك دائماً ما تحمل خلفها الكثير الأفكار الفلسفية الإنسانية والتاريخية .. وكذلك نجد تميز طائفة مثلاً مثل ما نجد فى العمارة الإسلامية أو أعمال البنائون الأحرار والمعابد البوذية وأشهر معمارى العالم الذين أنشاءوا المدارس والمذاهب الفكرية المعمارية ونحوه .. لأنهم ببساطة لديهم ما يقولوه وما يعبرون عنه.
وهذا مشروع جديد - من تصميم المكتب المعمارى الأندونيسى أربين ( PT. Urbane Indonesia ) - يحمل فى طياته هذا النهج ... وتعبيره عنه جاء من أفضل ما يكون مما يجد المعماريون دائماً المتعة فى قراءته وتحليله ونقده ... فالمسجد هو مكان للعبادة للمسلمين يمارسون فيه الصلاة من ركوع وسجود. وفي كثير من الأحيان, يستخدم كمكان للقاء للقيام يالأنشطة الدينية المختلفة من خطب وحلقات تحفيظ القرآن.
أول شييء يجذب انتباهك بهذا المسجد في مدينة كوتا بارو الأندونيسية هو عدم وجود قبة, والتي تكاد أن تكون دائما عنصر اساسى بالمساجد. ومع ذلك، فقد فلقد إستطاع أن يعبر المعمارى على أن القبة ليست هى الهوية الثقافية / الدينية للمكان، وبالتالي فهى كعنصر ليست ضرورية دائماً عندما يتعلق الأمر بتصميم مكان عبادة للمسلمين.
فالعمارة الموجودة بهذا المسجد فريدة من نوعها, فإستخدم المصمم الحجارة المرصوصة كما في الواجهة الرئيسية لإنشاء تأثير تكويني، في حين تتضمن الخطوط الإسلامية وفن الخط على الواجهات لإعطاء الشخصية للمكان.
الشكل الرئيسي للمسجد جاء على شكل مربع، والذي بدا من وجهة نظر المصمم أنه الأكثر كفاءة لأن المسلمون يصلون في صفوف تواجه اتجاه محدد فى إتجاه القبلة وبهذه الطريقة أراده المصمم وكأنه ليست مدعوماً بأى عناصر إنشائية فى ساحة الصلاة.
أما المئذنة، كعنصرا هاما لعمارة المساجد. والتى كانت تستخدم في الماضي ليقف عليها المؤذن ليدعوا المسلمين للصلاة في فى أعلى نقطة بالمئذنة كلما حان وقت الصلاة. اليوم، والمئذنة لا تزال تخدم نفس الوظيفة، إلا أنها أصبح يعلوها الأن مكبرات الصوت. فأصبحت رمزا للمساجد، ويدل أي شخص يبحث عن المسجد يمكنه من تحديده من بعيد.
القدرة الإستيعابية للمسجد بلغت ما يقرب من 1،000 شخص، كما أن تم تصميم المسجد حاول أن يمتزج مع الطبيعة. فالحجارة مرصوصة لتسمح للتهوية الطبيعية من دون الحاجة لإستخدام تكييفات الهواء. ويحيط به المياه، لتصبح درجة الحرارة المحيطة حول المسجد أقل من الخارج خاصة خلال المواسم الحارة. وبالداخل .. نجد الناس قادرون على النظر إلى الطبيعة والإستمتاع بها.