عريب جارية المأمون كانت شاعرة مجيدة ومغنية محسنة ، قال إسحاق الموصلي : ما رأيت امرأة أضرب من عريب ، ولا أحسن صنعة ولا أحسن وجها ولا أخف روحا ، ولا أحسن خطابا ولا أسرع جوابا ، ولا ألعب بالشطرنج والنرد ، ولا أجمع لخصلة حسنة ، لم أر مثلها في امرأة غيرها ، ومن شعرها قولها :
لا غرني بعدك بعدك إنسان _*_ فقد بدت لي منك ألوان
وإن تغيرت فما حيلتي _*_ مالي على قلبك سلطان
أما المهدي ، فقد كان له جارية شغف بها ، وهي كذلك إلا أنها تتحاماه كثيرا ، فدس إليها من عرف ما في نفسها فقالت : أخاف أن يملني ويدعني فأموت ، فقال المهدي في ذلك :
ظفرت بالقلب مني _*_ غادة مثل الهلال
كلما صح لها _*_ ودي جائت باعتلال
لا لحب الهجر مني _*_ والتنائي عن وصال
بل لإبقاء على حبي _*_ لها خوف اعتلال
وذكر أبو نواس وصفا ممتعا لكتابة الشعر في الأشياء المحيطة بمجلس الأمين ، فيقول :
دخلت على الأمين أمير المؤمنين ، وهو قاعد في قبة له ، ومعه جارية لم أر قط أحسن منها ، قال : وإذا على جبين الجارية مكتوب : مما عمل في طراز الله ، وعلى رأسها إكليل مكتوب عليه :
والله ياطرفي الجاني على كبدي _*_ لأطفئن بدمعي لوحة الحزن
وفي حجرها عود مكتوب عليه:
يا أيها الزاعم الذي زعما _*_ أن الهوى ليس يورث السقما
لو أن مابي بك الغداة لما _*_ لمت محبا إذا شكا ألما
وبين أيديها صينية ذهب مكتوب عليها :
لا شئ أحسن من أيام مجلسنا _*_ إذ نجعل الرسل فيما بيننا الحدق
وغيرها من الأشعار المكتوبة على المغسل والكأس والجدران والستائر وغيرها .. بل وحتى على الدراهم العباسية ، فقد كان المتوكل ضرب دراهم وزن كل واحد عشرة ، وعلى جانب منه مكتوب :
أمازحها فتغضب ثم ترضى _*_ وكل فعالها حسن جميل
وعلى الوجه الآخر:
فإن غضبت فأحسن ذي دلال _*_ وإن رضيت فليس لها عديل