من الشعراء في الأدب الغابر او حتى الحاضر منه من كان حظه مقلا وحصيلته من القريض قصيدة واحدة يتيمة...ولكن على يتمها وغربتها سمت بصاحبها وقا~لها الى سماء الأبداع ..فسجل بها حضورا رهيبا بين شعراء لهم صولاتهم وجولاتهم في قول الشعر بل تراها رفعت اسمه من هامش ومجهول الى عناوين ادبية رفيعة المقام...ولم يتسن لي البحث مبدئيا عن هذه القصائد اليتيمة لضيق وقت وكثرة مشاغل ...وقد أراني أطرح الفكرة عليك با سودان وعلى اخينا الفاضلي وعلى المحبين للبحث والنبش في تاريخ وسجلات ادبنا الغابر لتقصي هذه القصائد اليتيمة...لتلسليط مزيد الأضواء على روعتها وندرتها والتعريف بقائليها وناظميها .... ولما لا البحث في اسباب يتمها وندرتها واكتفاء ناظميها
قصيدتنا اليتيمة التي عثرت عليها في هذا الغرض جاءت يتيمة بكل معاني اليتم فقائلها لم لم يكتب غيرها...وان صحت شرعيتها كابنة له فيرجحون انها لدوقلة المنبجي وقد قيل انه أغتيل لسبب ما قبل ان يحقق مراده من قول القريض.
وهي يتيمة ايضا من حيث معانيها...متفردة في وصف ما عاناه الشاعر الولهان من عذاب ...فهو لم ير حبيبته دعد قط في حياته ولكنه عشقها وهام بها...وقد كتب قصيدته في البحر الكامل
اليتيمة
هل بالطُّلول لِسائِلٍ رَدُّ؟.....أَمْ هل لها بِتَكَلُّمٍ عَهْـــــــدُ؟
دَرَسَ الجَديدُ جَديدُ مَعْهَدِها .....فَكَأنما هي رَيْطَةٌ جَرْدُ
مِن طولِ ما يَبْكي الغَمامُ على.....عَرَصَاتِها ويُقَهْقِهُ الرعْدُ
وتَلُثُّ سارِيَةٌ وغادِيَةٌ .....ويَكُرُّ نَحْسٌ بعدهُ سَعْــــــــــــــدُ
تَلْقى شآمِيَةٌ يَمانِيَةً.....ولها بِمَوْرِدِ ثَرِّها سَــــــــــــــــــرْدُ
فَكَسَتْ مَواطِرُها ظَواهِرَها .....نَوْراً كأنَّ زَهاءَها بُــــــــرْدُ
تَنْدى فَيَسْري نَسْجُها زَرَداً.....واهِِي العُرى ويَغُرُّه عَقْدُ
فَوَقَفْتُ أسألُها وليس بها......إلاّ المهَا ونَقانِقٌ رُبْدُ
فَتَناثَرَتْ دُرَرُ الشؤونِ على.....خَدِّي كما يَتَناثَرُ العِقْدُ
لَهْفي على دَعْدٍ وما خُلِقَتْ .....إلاّ لِطولِ تلَهُّفي دَعْدُ
بَيْضاءُ قد لبِسَ الأديمُ أديمَ.....الحُسْنِ فَهْوَ لِجِلْدِهاجِلْدُ
وَيَزيِنُ فَوْدَيْها إذا حَسَرَتْ.....ضافي الغَدائرِ فاحمٌ جَعْدُ
فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ .....والشَّعْرُ مِثْلُ الليلِ مُسْوَدُّ
ضِدَّانِ لمّا استَجْمَعا حَسُنا.... والضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ
وجبينُها صَلْتٌ وحاجِبُها .....َخْتُ المَخَطِّ أزَجُّ مُمْـــــــــتَدُ
وكَأنَّها وَسْنى إذا نَظَرَتْ .....أوْ مُدْنَفٌ لَمَّا يُفِقْ بَعْدُ
بِفُتورِ عَيْنٍ مابِها رَمَدٌ......بِها تُداوى الأعيُنُ الرُّمْدُ
وتُجِيلُ مِسْواكَ الأراكِ على ......رَتْلٍ كأنَّ رُضابَهُ شَهْدُ
والجِيدُ مِنْها جِيدُ جُؤْذُرَةٍ ......تَعْطو إذا ما طالَها المَرْدُ
وكأنَّما سُقِيَتْ تَرائبُها......والنَّحْرُ ماءَ الوَرْدِ والخَدُّ
وامْتَدَّ من أعْضادِها قَصَبٌ.....فَعْمٌ تَلَتْهُ مَرافِقٌ مُلْدُ
والمِعْصَمان فما يُرى لهما ......مِنْ نَعْمَةٍ وبَضاضَةٍ نِدُّ
ولها بَنانٌ لو أرَدْت َ له......عَقْداً بِكَفِّكَ أمْكَنَ العَقْدُ
قد قُلْتُ لَمّا أَنْ كَلِفْتُ بها.......واقْتادَني في حُبِّها الوَجْدُ
إنْ لم يَكُنْ وَصْلٌ لَدَيْكِ لنا.....يَشْفي الصَّبابَةَ فَلْيَكُنْ وعْدُ
قد كان أوْرَقَ وصْلُكُم زَمَناً ......فَذَوى الوِصالُ وأوْرَقَ الصَّدُّ
للَّهِ أشْواقٌ إذا نَزَحَتْ .......دارٌ بِنا، ونَبا بِكُمْ بُعْدُ
إنْ تُتْهِمي فتِهامَةٌ وطَني ......أوْ تُنْجِدي إنَّ الهوى نَجْدُ
وزَعَمْتِ أنَّكِ تُضْمِرينَ لنا .....وُدَّاً فهلاّ يَنْفَعُ الوُدُّ
وإذا المُحِبُّ شكا الصُّدودَ ولم ......يُعْطَفْ عَلَيْهِ فقَتْلُهُ عَمْدُ
ونَخُصُّها بالوُدِّ وهي على .......ما لانُحِبُّ ، وهكذا الوَجْدُ
أوَ ما تَرى طِمْرَيَّ بينهما......رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزْلِهِ سُهْدُ
فالسَّيفُ يَقْطَعُ وهْوَ ذو صَدَأٍ .....والنَّصْلُ يَفْري الهامَ لاالغِمْدُ
لاتَنْفَعَنَّ السيفَ حِلْيَتُهُ ......يومَ الجِلادِ إذا نَبا الحَدُّ
ولقد عَلِمْتِ بأنَّني رَجُلٌ .......في الصالحاتِ أروحُ أو أغْدوا
بَرْدٌ على الأدْنى ومَرحَمَةٌ .....وعلى المكارِهِ باسِلٌ جَلْدُ
مُتَجَلْبِبٌ ثَوْبَ العفافِ وقد ......وَصَلَ الحبيبُ وأسْعَدَ السَّعْدُ
ومُجانبٌ فعلَ القبيحِ وقد ......غَفَلَ الرقيبُ وأمْكَنَ الوِرْدُ
مَنَعَ المطامعَ أن تُثَلِّمَني .....أنِّي لِمِعْوَلِها صَفَاً صَلْدُ
فأظلُّ حُرّاً من مَذَلَّتِها ......والحُرُّ حين يُطيعُها عَبْدُ
آلَيْتُ أمدحُ مُقْرِفأً أبداً .....يَبْقى المديحُ ويَنْفَدُ الرِّفْدُ
يهات يأبى ذاك لي سَلَفٌ ......خَمَدوا ولم يَخْمَدْ لهم مَجْدُ
فالجَدُّ كِِنْدَةُ والبَنونَ همُ .....فَزَكا البَنونَ وأنْجَبَ الجَدُّ
فلَئِنْ قَفَوْتُ جميلَ فِعْلِهِمُ ......بِذَميمِ فِعْلي إنّني وَغْدُ
أجْمِلْ إذا حاولتَ في طَلَبٍ ......فالجِدُّ يُغْني عنك لا الجَدُّ
وإذا صبَرْتَ لِجَهْدِ نازِلَةٍ ......فكَأنَّما ما مَسَّكَ الجُهْد
لِيَكُنْ لديكَ لِسائلٍ فَرَجٌ ......انْ لم يَكُنْ فَلْيَحْسُنِ الرَّدُّ
وطَريدِ ليلٍ ساقَهُ سَغَبٌ .......وَهْناً إلَيَّ وقادَهُ بَرْدُ
أوْسَعْتُ جَهْدَ بَشاشَةٍ وقِرىً ......وعلى الكريمِ لضَيْفِهِ جَهْدُ
فَتَصَرَّمَ المشْتى ومَرْبَعُهُ ......رحْبٌ لديَّ وعَيْشُهُ رَغْدُ
ثمّ اغتَدى ورداؤهُ نِعَمٌ .......أسْأرْتُها وردائيَ الحَمْدُ
ياليتَ شِعْري، بعد ذلكمُ ......ومَحالُ كلِّ مُعَمَّرٍ لَحْدُ
أصَريعَ كَلْمٍ أم صَريعَ ضَنىً .....أرْدى؟ فليسَ منَ الرّدى بُدُّ
قصيدة من المرجح أنها قيلت في ملكة يمنية آلت على نفسها ألا تتزوج إلا بمن يقهرها بالفصاحة والبلاغة ويذلها في الميدان وكانت ذات جمال ساحر
كان اسمها ( دعد) فاستحث الشعراء قرائحهم ونظموا القصائد فلم يعجبها شيء مما نظموه وشاع خبرها في أنحاء جزيرة العرب وتحدثوا عن أخبارها
عرف دوقلة المنبجي بالقصة فأسره جمال الملكة فـ نظم لها قصيدة و شد رحاله قاصدا إياها و أثناء رحلته إليها مر ببعض أحياء العرب فأستضافه كبير الحي و سأله عن حاله فأخبره و أطلعه على القصيدة
و كان العرب من الذكاء بيث يحفظون القصيدة مهما بلغ طولها لدى سماعها للمرة الأولى و نادراً ما يخونهم ذكائهم فـ حفظها كبير الحي
أثناء إلقاء دوقلة قصيدته شعر بغدر مضيفه قد لمعت عيناه على قصيدته فكان من الفطنة حيث أضاف إليها في نهايتها بيتين إستدراكا منه و لثقته بفطنة دعد
وبالفعل قتل المضيف ضيفه وذهب إلى دعد ليخطبها لنفسه فلما مثل أمامها سألته من أي الديار أنت فأجاب من العراق فلما سمعت القصيدة رأت بيتاً يدل على أن قائلها من تهامة وما إن أنهى القصيدة بالبيتين المستدركين صرخت بقومها:أقتلوا قاتل زوجي.
وهي قصيدة مؤلفة من ستين بيت نذكر منها الآتي
لهفي على (دعد)وما حفلت..... بالا بحر تلهفـي (دعـد (
بيضاء قد لبس الأديم بهاء
الحسن،فهو لجلدها جلـد
ويزين فويديها إذا حس. . ضافي الغدائر فاحم جعـد
فالوجه مثل الصبح مبيض . والشعر مثل الليل مسـود
ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضـد
وكأنها وسني إذا نظـرت أومدنف لمـا يفـق بعـد
والمعصمان فما يرى لهما . من نعمة وبضاضة زنـد
ولها بنان لـو أردت لـه
.......... عقدا بكفك أمكـن العقـد
وكأنمـا سقيـت ترائبهـا
.......... والنحر ماء الـورد إذ يـبـدو
وبصدرها حقان خلتهمـا
......... كافوريتيـن علاهمـا نـد
والبطن مطوي كما طويت
.......... بيض الرياط يصونها الملد
ويخصرها هيـف يزينـه
.......... فـإذا تنـوء يكـاد ينقـد
ولها هـن راب مجستـه
.......... وعر المسالك حشوه وقـد
فإذا طعنت طعنت في لبـد
.......... وإذا نزعـت يكـاد ينسـد
والتف فخذاهـا وفوقهمـا
.......... كفل،يجاذب خصرها نهـد
فقيامها مثنـى إذا نهضـت
.......... من ثقله وقعودهـا فـرد
والساق خرعبـة منعمـة
.......... عبلت فطوق الحجل منسد
والكعب أدرم لا يبين لـه
..........حجم وليس لرأسـه حـد
ومشت على قدمين خصرتا
.......... والتفتـا فتكامـل الـقـد
ما عابها طـول ولا قـصـر
.......... في خلقها فقوامها قصـد
إن لم يكن وصل لديك لنـا
.......... يشفي الصبابة فليكن وعـد
القصيدة من ستين بيت وأعتبرها النقاد من أروع القصائد اليتيمة.
منقول