في غرفة الاستاذ الجامعي
العائد حديثا من الغرب جلس الطالب سعيد قلقا بانتظار راي الاستاذ في البحث
الاكاديمي الذي اعده لنيل شهادة الماجستير وعنوانه (العالم العربي مشكلات
الحاضر وتحديات المستقبل ) , اخرج الاستاذ غليونه من فمه وقال لسعيد بعربية
لاتخلو من لكنة اجنبية مصطنعة ( لزوم الوجاهة ) :
- ساكون صريحا معك ياسعيد
, بحثك اعجبني وهو يستحق ان يكون مشروعك لنيل الماجستير ولكن لدي عدة
ملاحظات عليه تجعلني مترددا في قبوله .
رد سعيد بلهفة :
- ماهي الملاحظات يا استاذ ؟ انا على استعداد لتصحيح اي اخطاء علمية او اقتصادية او تاريخية جاءت في الرسالة.
اجابه الاستاذ وهو يقلب الاوراق:
- في الحقيقة هي ليست اخطاء علمية بل هي اخطاء لغوية !!
تعجب سعيد من هذا الجواب
الغير متوقع فهو معروف عنه تمكنه اللغوي واجادته لقواعد اللغة العربية حتى
ان بعض اساتذته يسلمونه بحوثهم كي يراجعها لهم لغويا , ولكنه مع ذلك سال
بعفوية :
- ماهي هذه الاخطاء اللغوية استاذي ؟
- عندك اولا مصطلح ( الاحتلال الامريكي للعراق )
- مابه ؟
- في القاموس الحديث وفي زمن العولمة لايسمى مافعلته امريكا احتلالا بل هو فعل عسكري من اجل تحقيق الديموقراطية المدنية في العراق !!
حسب سعيد ان الاستاذ يمزح ولكن النظرة الجادة على وجهه جعلته يغير رايه واستمر الاستاذ قائلا :
- كما ان مصطلح الحكومات
العميلة لم يعد له معنى ويجب استبداله بعبارة الحكومات المعتدلة , وحركات
المقاومة لم تعد عبارة تتناسب مع العولمة ويجب استبادلها بالحركات
الراديكالية او الافضل تسميتها بالمنظمات الارهابية اما عبارة تحرير الارض
المحتلة فهي اليوم نكتة والافضل ان تقول مقايضة الارض مقابل السلام وماحدث
في غزة لايسمى حرب ابادة بل ردع عسكري اسرائيلي للصواريخ الفلسطينية
المدمرة اما عبارة حصار غزة فيجب ان تصبح الالتزام بمقررات الشرعية الدولية
حول المعابر , هذا على الصعيد السياسي.
ابتسم سعيد ساخرا وقال:
- وهل هناك المزيد استاذي في قاموس العولمة ؟
اجابه الاستاذ وهو ينتقل الى قسم اخر من الرسالة :
- طبعا , فيما يتعلق
بالجانب الديني فان عبارة اهانة مقدسات المسلمين لم تعد تصلح ويجب ان
تستبدلها بعبارة حرية التعبير الديني والانتقاد في الغرب , اما على الجانب
الاقتصادي فلا تستعمل عبارات مثل الانهيار الاقتصادي بل اعادة الهيكلة
الاقتصادية والديون تقول عنها التزامات مالية طويلة الامد وفي الجانب
الثقافي عيب ان تستعمل مصطلحات مثل راقصات ومغنيات بل سفيرات الفن والجمال ,
هذا اذا كنت انسانا متمدنا وتريد ان تعيش في زمن العولمة .
قال سعيد بعد ان استمع الى كل ماقاله الاستاذ :
- عفوا استاذ اريد ان اقول لك شيئا ولكني بصراحة لا اعرف كيف تكون عبارة لعنك الله بلغة العولمة فهل لك ان تخبرني ؟
وكل عولمة وانتم بالف خير
بقلم محسن صفار