حرف الضاد بين الخلط والتغيير
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أما بعد...
فهذا بحث في الفرق بين حرفي الضاد والظاء ولم أكن لأبحثَ في هذا الموضوع إلا لعدة أسباب أذكرها باختصار:
1- كثرةُ الخلط بين الحرفين.
2- قلة المصادر التي تتحدث عن ذلك الموضوع من عدة محاور.
3- أهمية ذلك الموضوع.
وسوف يكون سير البحث على عدة نقاط:
* مخرجُ كلٍ من الحرفين.
* صفاتُ كلِ من الحرفين.
* التفصيل في مسألة إبدال حرف الضاد ظاءًَ في سورة الفاتحة.
* أمثلةٌ توضح اختلاف المعنى عند نطق الضاد ظاءً والعكس.
كتبه
عمر بن عبدالله
22/5/1424هـ
أولاً: مخرج كل من الحرفيناعلم أنَّ المخارج عديدةٌ منها: الجوف واللسان والخيشوم والحلق والشفتان. كما يجب عليك أن تعلم أنَّ هذه المخارج تنقسم إلى عدة مخارج فرعية وعددها 17 مخرجاً كما عدها ابن الجزري في منظومته.
مخارج الحروف سبعة عشر*** على الذي اختاره من اختبر
وكلا الحرفين يخرجان من اللسان ومخرجاهما متقاربان
فالضاد تخرج من إحدى حافتي اللسان مع أطراف الثنايا العليا وخروجها مع الجهة اليسرى أسهل وأكثر استعمالاً ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالاً ومن الجانبين معاً أعز وأعسر,فهو أصعب الحروف وأشدُّها على اللسان, ولا يوجد في لغة غير العربية ولذلك تَسمى لغة الضاد.
أما الظاء فتخرج من ظهر طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا.
انتهى الكلام عن المخرجين وننتقل إلى الحديث عن صفات الحرفين.
ثانياً:صفاتُُ كل من الحرفينصفات الظاء/(الجهر,الرخاوة,الاستعلاء,الإطباق,الإصمات)
صفات الضاد/(الجهر,الرخاوة,الاستعلاء,الإطباق,الإصمات,الاستطالة)
لعلك لاحظت أخي القارئ أنهما متفقان في جميع الصفات وتزيد الاستطالة على حرف الضاد.
والضاد باستطالة ومخرجِ *** ميز عن الظاء وكلها تجي
ولكي تعرفَ معنى كل صفةٍ انظر هذا الجدولثالثاًً : حكم إبدال حرف الضاد بحرف ظاء في سورة الفاتحةلابد أن تعلم أخي القارئ الكريم أن الفاتحة لا تصح عند إبدال حرف بحرف آخر وقد يتغير المعنى أيضاً ولكن...
هل تصح إذا قلبت الضاد ظاءاً في سورة الفاتحة في قوله تعالى ( ولاالضالين )؟
¨ قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله-في ذلك وجهان لفقهاء الحنابلة:
الوجه الأول: لا تصح؛لأنه أبدل حرفاً بحرف.
الوجه الثاني: تصح وهو المشهور من المذهب.
وعللوا ذلك بتقارب المخرجين وصعوبة التفريق بينهما, وهذا هو الوجه الصحيح,وعلى هذا فمن قال
(غير المغضوب عليهم ولا الظالين ) فصلاته صحيحة ولا يكادُ أحد من العامة يُفرق بين الضاد والظاء.
¨ قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-(وأما من لايقيم قراءة الفاتحة فلا يصلى خلفه إلا من هو مثله فلا يُصلى خلف الألثغ الذي يبدل حرفاً يحرف إلا حرف الضاد إذا أخرجه من طرف اللسان كما هو عادة كثير من الناس فهذا فيه وجهان:
الوجه الأول: منهم من قال لا يصلى خلفه ولا تصح صلاته في نفسه لأنه أبدل حرفاً بحرف لأن مخرج الضاد الشدق و مخرج الظاء طرف الأسنان فإذا قال: (ولاالظالين) كان معناه ظل يفعل كذا.
الوجه الثاني : تصح وهذا أقرب لأن الحرفين في السمع شيء واحد وحس أحدهما كحس من جنس الآخر لتشابه المخرجين...)
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية عن اللحن في التلاوة سئلت اللجنة الدائمة عن حكم العاجز عن أداء حرف الضاد من مخرجه وقد اختلف فيه الناس فمنهم من يقول على العاجز أن ينطق به ظاء ومنهم من يقول عليه أن ينطق دالاً فكانت الإجابة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد...
يجب على من لا يحسن إخراج الضاد من مخرجها أن يجتهد قدر طاقته ويبذل وسعه في تمرين لسانه على إخراج الضاد من مخرجها والنطق بها نطقاً صحيحاً فإن عجز بعد بذل جهده عن النطق الصحيح فهو معذور وما عليه إلا ينطق به كما تيسر له فلا يُكلف نطقه ظاء أو دالاً على الخصوص لقوله تعالى :
( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )البقرة 286 وقوله تعالى :
( وما جعل عليكم في الدين من حرج)الحج78
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ عبدالله بن منيع الشيخ عبدالله بن غديان الشيخ عبدالرزاق عفيفي
عضو عضو نائب الرئيس
رابعاً: أمثلةً توضح اختلاف المعنى عند نطق الضاد ظاءً والعكسسيكون التوضيح عن طريق جدول لكي يسهل عليك الوصول إلى الكلمة بسرعة
خاتمة البحثمما قدمناه لك أخي القارئ الكريم يتبين ما يلي:
1. صعوبة إخراج الضاد من مخرجها.
2. قلب الضاد ظاءً وهو الخطأ الشائع في نطقها.
3. أنه الحرف الوحيد الذي تتميز به اللغة العربية عن اللغات الأخرى.
4. عدم بطلان الفاتحة بقلب الضاد وظاءً في قوله (ولا الضالين)
وهذا رأي شيخ الإسلام وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.
فعلى القارئ الكريم أن يبذل جهداً في إخراج هذا الحرف والنطق به نطقاً صحيحاً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً,وأن يتلقى النطق به مشافهة ممن يُحسن النطق به,وأخيراً أدعو الله تعالى أن ينفع بكل ما جمعت وأن يجعله في ميزان حسناتي,وأن ينفع به كل من قرأه,إنه خير مسئول وهو نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.