مسجد صنعاء دليل على صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.

وكان فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان بصنعاء هو أول من تنبه إلى إمكان إقامة الدليل العلمي على الوحي في توجيهات النبي محمد عليه الصلاة والسلام بتحديد اتجاه الكعبة المشرفة بدقة بالغة باستخدام برنامج يصور سطح الأرض من الفضاء Google Earth حجة تعين غير المسلمين وتعالج المستريبين في سنة خاتم النبيين.  

وخلاصة ما قال فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني هو أن الله تعالى قد أمر المسلمين أن يتجهوا جميعا في صلاتهم إلى قبلة واحدة هي موضع الكعبة المشرفة بمكة المكرمة؛ فقال تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ" [البقرة: 144]؛ أي في اتجاهه، وعندما دخل اليمنيون في دين الله أفواجاً أرسل لهم معلمين يعلمونهم الدين كان منهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري، ووبر بن يحنس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبر بن يحنس الخزاعي الذي وجهه إلى صنعاء أن يبني لهم مسجداً، عرف بمسجد صنعاء، وحدد الرسول صلى الله عليه وسلم أوصاف المسجد، فحدد موضعه في صنعاء، وحدد لهم القبلة بجبل ضين الذي يبعد عن صنعاء حوالي 30كم، ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم من الخطأ هو الذي حدد اتجاه الكعبة، فلاشك أن هذا التوجيه سيكون دقيقاً، وهو ما أثبتته حديثا بالفعل صور الأقمار الصناعية شهادة له صلى الله عليه وسلم بالنبوة الخاتمة.

والمسافة بين صنعاء ومكة المكرمة تقارب ألف كم، وإذا أردنا رسم خط مستقيم بين مكة وصنعاء فلابدّ من وجود خريطة تعتمد على الصور الحقيقية لسطح الأرض، ولابد من معرفة خطوط الطول وخطوط العرض، والخريطة المسطحة للأرض لا تمثل الحقيقة لأن الأرض كروية وليست مسطحة، ولم يتمكن الإنسان من وضع الخرائط الدقيقة للأرض وتحديد خطوط الطول والعرض إلا في القرن العشرين بعد استخدام الأقمار الصناعية، ولم تكن هذه المعارف العلمية متوفرة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولا حتى بعده بعدة قرون، فأول خريطة للأرض وضعها الإدريسي عام 1154م بعد الهجرة النبوية بحوالي خمسة قرون ونصف، ووضع اليمن جنوب شرق الجزيرة، ووضع عُمان شمال شرق الجزيرة، وفي عام 1452م وضع جيوفاني لردو خريطة أخرى لم تكن بالمثل دقيقة، وكان أول قمر صناعي في تاريخ البشرية هو سبوتنك الذي أطلقته روسيا عام 1957م، وتلاه المستكشف عام 1958م، وهكذا بعد أربعة عشر قرناً من الالظلم والطغيانة النبوية في القرن السابع الميلادي جاءت الأقمار الصناعية لتشهد بالنبوة الخاتمة بدليل يشع باليقين لكل منصف فطين.

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم (فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين) يحدد زاوية ميل المسجد الدقيقة نحو الكعبة، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان) وما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى وبر (يبني حائط باذان مسجداً ويجعله من الصخرة إلى موضع جدره) هو تحديد دقيق لموضع المسجد ومكانه، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (واستقبل به الجبل الذي يقال له ضين) وقوله أيضاً: (واستقبل به ضيناً) هو تحديد دقيق لجهة قبلة مسجد صنعاء، وموقعه اليوم بين ساريتين من سواري المسجد تسمى أحدهما (المسمورة) والأخرى (المنقورة)، وبعض أهل اليمن كانوا يغالون في تعظيم مسجد صنعاء، فلا يقبلون اليمين من الخصم عند التنازع الشديد إلا عند المسمورة والمنقورة؛ أي في المسجد الذي وصفه رسول الله عليه وسلم وبيّن حدوده، ولو أخذت اليوم خطا مستقيما متتبعا صور الأقمار الصناعية وفق هذه الإحداثيات لقادك مباشرة إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وهو عليه الصلاة والسلام لم يزر اليمن، ولا رأى جبل ضين، ولا شاهد بستان باذان ولا الصخرة الململمة، ولا يعلم الناس في زمنه الاتجاه الدقيق من صنعاء إلى مكة المكرمة، كل هذا يشهد أن ما قاله خاتم النبيين ليس في مقدور بشر في عصره وحتى بعده بقرون، وإنما هو الوحي، وصدق الله القائل: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 3-4].

فتكون النتيجة هكذا 

خط مستقيم من قبلة المسجد الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببنائه ماراً بقمّة جبل ضين ليصل إلى وسط الكعبة المشرفة.