جوامع "حمص" الأثرية.. ونفحات من مختلف العصور

جوامع "حمص" الأثرية.. ونفحات من مختلف العصور

الأربعاء 03 حزيران 2009

تضم "حمص" مجموعة من الجوامع الأثرية تعود لفترات تاريخية قديمة جداً يشهد على قدمها أسماء هذه الجوامع والقبور الموجودة فيها والتي يعود بعضها لفترة الفتوحات الإسلامية. وللتعرف أكثر على تاريخ هذه الجوامع وأمكنتها موقع eHoms التقى المهندس" محمد سعيد توكل" مدير جامع الصحابي الجليل "خالد بن الوليد"، الذي قدم لنا لمحة تاريخية عن هذه الجوامع وهو الذي أجرى في وقت سابق دراسة عن الجوامع الأثرية في "حمص".
يقول المهندس "توكل": «يعتبر جامع الجامع "النوري الكبير" جامع "حمص" الأول فقد بني في عام 15 هجرية، يقع هذا الجامع في صدر المنطقة الأثرية والاقتصادية وبمركز مدينة "حمص" وهو جامع "حمص" عند الفتح وقد اختطه "أبو عبيدة بن الجراح". الجامع له أربعة مداخل أهمها الغربي المزين بالنقوش والكتابات ويصل صحن الجامع والثاني خشبي ويصل إلى الحرم مباشرة والثالث بواسطة بهو مدرج موصل إلى الحرم أما الرابع يصل إلى صحن الجامع أيضاً ويتصل بالميضآت ويعد الجامع الأول في المدينة.

تبلغ مساحة الجامع مع الأبنية الملحقة به 5320 متراً مربعاً وهو يتسع لأكثر من سبعة آلاف من المصلين ويعتمد سقفه على 14 دعامة زينت في الوقت الحاضر بالرخام المزخرف حيث جرى تجديد لسقفه عام 1845.

أما محراب الجامع فقد حافظ على شكله القديم منذ القرن الأول الهجري على ما يظن لشبهه بمحراب "الجامع الأموي"، بالإضافة إلى ترميمه وتوسيعه زمن "نور الدين الشهيد" 511-596هـ بعد الهزة الأرضية التي لحقت "حمص" في 586 هـ، وفي المنبر كتابات تؤكد نسبه إلى هذه الفترة وتعد المئذنة أعلى واحدة في "حمص" وأدعمها بعدما جددها الملك "نور الدين". ومن المؤكد أنه لم يكن جزءاً من الكنيسة ومصداقية ذلك أنه وجدت بقاياها في القسم الشرقي. ويلحق بالجامع المكتبة ومركز المفتي والميضأة المتميزة والمصلى الصيفي المرتفع، وقد جرت فيه عدة إصلاحات في العهد العثماني والعصر الحديث».

وأضاف "توكل": «ويأتي جامع "كعب الأحبار" الذي بني حوالي عام 1700م في المرتبة الثانية من حيث القدم، ويقع في "ساحة باب الدريب" ويتألف الجامع من حرمين الأول بعرض 21 مترو الثاني 11 متر و سقفه عقد من ثلاثة أقسام أما الطول فيبلغ 23.5 مترو للجامع منبر بدرج جانبي والحرم الجديد من الإسمنت وتنتهي جدرانه بنافذتين منتهيتين بقوسين ويتصل هذا الحرم بالموضأ، أما الضريح فيقع في الجهة اليمنى وهناك امتداد للصحن من الجهة الشمالية.

وتتميز المئذنة بأنها من الحجر

جامع خالد بن الوليد

البازلتي المثبت بعضه بالطين والكلس وتنتهي المئذنة بقبة بشكل مخروطي تنتهي بهلال.

تقول وثيقة صادرة عن مديرية أوقاف "حمص" عام 1984 أن جامع "كعب الأحبار" أنشئ على الضريح قبل أكثر من 200 عام وجدد قبل 100 عام ورقم العقار 824 من المنطقة العقارية الثالثة والضريح ينسب إلى التابعي "كعب الأحبار"».

وأضاف "توكل": «إن هذان الجامعان يعودان لفترة الفتوحات الإسلامية ولعل أكثر الجوامع الأثرية في "حمص" تعود لفترة "الأيوبيين" و"المماليك" ومن أهمها:

جامع "الأربعين" ويقصد به جامع "الأبدال الأربعين" ويوجد مقام لأحد "الأبدال" و هذا الجامع هو الوحيد بالعالم الذي بنيت منارته على هذا البرج المستدير الذي يعود تشكيله على الشكل الحالي إلى زمن الحروب الصليبية أما حرم الجامع فقد كان مبنياً من الخشب والطين وكان يجاوره كتاب لتعليم الصبية مبادئ القراءة والكتابة وتعليم القرآن الكريم ولعل وجود المنارة على فسحة البرج المشكل من مداميك حجرية بركانية متنوعة حفظته هذه المنارة من عبث العابثين وعدد الدرجات الموصلة إلى سطح الحرم 20، والموصلة إلى المنارة 35 درجة ويقع قرب مبنى دار الحكومة ومبنى مجلس مدينة "حمص" في المنطقة الغربية.

وجامع "أبي لبادة" يعتبر أيضاً من الجوامع الأثرية في "حمص" حيث بني في القرن الخامس الهجري وهو جامع صغير في حي "ظهر المغارة "يتجه مدخله المجاور للمئذنة المتميزة من الشرق وهو من مساجد "حمص" القديمة يوجد في الجدار حجر بكتابة "هيلينية" مما يدل على أنه بني من حجارة مجمعة من مبان أثرية قديمة ولكن لا يوجد ما يدل عل أنها بنيت فوق أثر وثني أو مسيحي.

يعود بناؤه على الأرجح إلى القرن الخامس الهجري أما سقفه المؤلف من عقدين ثنائيين فيعود إلى العصر العثماني. تبلغ أبعاد الحرم (12× 7) م وخلف الحرم مقام بسيط ينسب إلى الصحابي "سبيع اليماني"، وأجمل ما في الجامع مئذنته "الأيوبية و"الشيركونية" وفي قاعدتها المملوكية المميزة في أعلاها و هي غريبة في شكلها

الجامع النوري القديم

و اسمها وقدمها و من الأمثال كان يقال "هادا أقدم من جامع أبو لباده".

ومن الجوامع التي تعود لتلك الفترة جامع "الملك المجاهد" وضريحه في العهد المملوكي ومدخل جامع "الملك المجاهد" يدل على المكانة المتواضعة التي أصبح عليها الجامع والمقام وكيف طبقت مساحته وخنقت هيبته وهو الذي ناضل ضد الغزو الإفرنجي وحارب مع خاله "صلاح الدين" في مصر.

يتألف الجامع من مستطيل طوله 14 متر وعرضه يقارب طول مدخل الجامع أما المقام ضريح "الملك المجاهد" فيقع في وسط المقام وسقفه بشكل عقد تزينات بعضه وهو يقع في العقار رقم 337 ويظهر في الجدار الشمالي أقواس تدل على أن قسماً من أرض المقام قد اختلف من لاتينة المجاورة.

ومن الجوامع الأثرية أيضاً جامع "أبي الفضائل" الذي يعود للعهد المملوكي ويقع في حي "بستان الديوان" يعود بناؤه إلى القرن الخامس الهجري ويعد من الجوامع القديمة في "حمص" يتميز بمئذنة مرتفعة ضمنها درج لولبي يتألف تاجها من شرفة يعلوها قبة بشكل تاج بثمانية طاقات وهي مجددة بأقواس جميلة وفيها حجر تأسيس ذكر فيها اسم البهادري

وفوق المدخل كتابات تدل على نسب آل "طليمات" ويدل تاريخ الكتابة على عام 472 هـ لحرم بشكل مستطيل بأبعاد (13.5× 5.5)م المحراب جُدد عام 1353م وعلى طرفيه عمودان رخاميان وفي الحرم لوحة زيتية من قبل المرحوم "محمد طليمات" عام 1936م المنبر من الخشب المنقوش ذي الدرج المتحرك أما السقف مجدد وهو من البيتون المسلح ويقع الموضأ في صحن الجامع وهو مسجل في المنطقة العقارية الثالثة».

ويختم المهندس "توكل" حديثه برمز مدينة "حمص" وهو جامع الصحابي "خالد بن الوليد" رضي الله عنه حيث قال: «إنه من أهم وأشهر جوامع "حمص" الذي مرّ بناؤه بمرحلة العصر المملوكي ثم العصر العثماني فقد تم البناء الأول للجامع عام 664هـ/ 1262م على يد القائد الفاتح "الظاهر بيبرس" وكان مستطيلاً ثم تم البناء الثاني الحالي بأمر من

جامع أبو لبادة

السلطان "عبد الحميد" في نهاية القرن التاسع عشر وانتهى من منبره 1912.

أما أروقته فتمت عام 1942 كما جرت له ترميمات وإضافات بشكل شرفات عام 1971 م في عهد الرئيس الراحل "حافظ الأسد" ليصبح آية في الجمال والأناقة. أبعاده (31×31) م وارتفاع قبته 31م جاء البناء بخصوصية متميزة خليطه من العهد العثماني في أبعاده المربعة ومن منارتيه المملوكيين وبقبته الكبيرة وبأنصاف قبابه وبحجارة "حمص" البركانية السوداء والزرقاء التي أعطته هيئة مميزة وفي الجهة الشمالية الغربية ضريحا الصحابي "خالد بن الوليد" رضي الله عنه وولده "عبد الرحمن "وقد زاره عظماء العالم من القارات الخمس بما يساوي 48 دولة وهو معلم متميز لمدينة "حمص"».