قصر الزهراوي في مدينة حمص.
قصر الزهراوي يعتبر من أهم المواقع الأثرية المستملكة والمسجلة لدى دائرة آثار حمص.
يقع قصر الزهراوي في حي الحميدية، حيث يعود تاريخ بنائه إلى عصور قديمة (بيزنطي) وعصور اسلامية(أيوبي- مملوكي- عثماني).
بناه أبو الفضل الأزهري وقسم القصر إلى خمسة أقسام حيث دلت التحريات الأثرية عام 1990 على وجود مدفن بيزنطي تحت الأقبية في الجناح الجنوبي من القصر كما يوجد قبوان تحت الأرض وفوقهما قبوان آخران يوجدان في الجهة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية بناؤهما بيزنطي أما القسم الثاني فهو بناء يعود للعهد الأيوبي وأوائل العهد المملوكي حيث تم بناء الأجنحة الثلاثة المطلة على الفناء الداخلي أما القسم الثالث فهو مملوكي في حين أن القسم الرابع عبارة عن بناء زاوية للشيخ موسى الزهراوي أما القسم الأخير فهو القصر الغربي العثماني الذي استعمله الشيخ عبد الحميد الزهراوي كمركز للتوعية الحضارية العلمية والسياسية ضد العثمانيين .
يتم الدخول إلى القصر عبر ممر يؤدي إلى فسحة سماوية هذا الممر عبارة عن بوابة تعلوها قنطرة ذات قوس من النموذج الثلاثي الفصوص وقد أغلقت تلك البوابة عند انهيار القسم الغربي في القصر وأقيم مكانها سبيل ماء واستعيض عنها بالمدخل الحالي على يسار البوابة الرئيسية.
أما المبنى فهو عبارة عن بناء مربع ذي طابقين يطلان على الباحة التي يشكل الإيوان ركنها الجنوبي حيث تعلوه قبة صدفية الشكل محاطة في أسفلها بمقرصنات حيث ترتكز أقواس السقف على الجدران.
ثم تتوزع أبواب الغرف على بقية جوانب الباحة.
أما الجناحان الشرقي والغربي فهما عبارة عن غرف مغطاة بعقود والجناح الشمالي عبارة عن قاعة رئيسية تعلوها قبة وتجاورها من الجانبين قاعتين أما الطابق العلوي فيتم الصعود إليه عبر درجين حجريين في الجهتين الشرقية والغربية ,ويشمل الطابق العلوي كامل المبنى عدا الجناح الجنوبي كما يوجد درج آخر يوصل للمئذنة وهو حجري أيضاً وقد بلطت أرضية الدار بالحجر البازلتي الأسود كما استخدم هذا الحجر في بناء الدار.
أما الجناح العثماني فيتألف من باحة وسطية وجناحين شمالي وجنوبي , والجناح الجنوبي مهدم ولم يبقى منه شيئ أما الجناح الشمالي فهو عبارة عن قاعة كبيرة تعلوها قاعة أخرى لها شرفة.
وأهم ما يتميز به القصر هو البناء المعماري المزخرف بشكل فني عالي الحضارة.
كما كشفت دائرة آثار حمص عام 1990 صهريجاً مائياً طوله 4أمتار وعرضه4 أمتار وعمقه 4أمتار كما بنت دائرة الآثار بركة الماء الحالية المثمنة الشكل من الحجر البازلتي المصقول مع خطوط بيضاء لامعة.
تتجلى في القصر تقاليد معمارية غنية تدلنا بشكل واضح على تعدد مراحل البناء في القصر وعلى عصور تاريخية متباعدة.
فالتأثير "الفارسي" يتضح بالأقواس المرتكزة على الجدران والتي تلتقي في الأعلى لتشكل قوساً كبيراً، كما أن الأقواس التي بشكل حدوة حصان هي من التقاليد المعمارية "العباسية"، وهناك المقرنصات "الأيوبية" والزخرفة "المملوكية"، وعلى أحد جدران القصر نجد كتابة تعود للعهد "الأموي".
كما نلاحظ وجود شعار "مملوك"ي يعود للملك "الظاهر بيبرس" وهو شعاره المشهور (السبعين المتقابلين)، وقد نقش على حجر ووضع على الواجهة الشمالية لباحة القصر.
كما يجهز القصر من قبل دائرة آثار حمص بتنفيذ الديكورات اللازمة ليكون متحفاً للتقاليد الشعبية.
حيث سيضم ضمن أجنحته وقاعاته جميع الصناعات اليدوية التي انقرضت، أو التي في طريقه للانقراض، وعدة نماذج للأساس المنزلي الريفي وأثاث المنزل الحمصي، فضلاً عن الألبسة المنزلية والأزياء التقليدية والأسلحة الشعبية، بالإضافة لتخصيص قاعة للأطفال تحتوي على مجموعة من الألعاب التي تخلى عنها الجيل الحالي.
واعتبر الاختصاصيون الآثاريون والسياح الأجانب الذين زاروا القصر وجالوا فيه بأن القصر يعتبر مدرسة تمثل روعة وجمالية عمل المهندس المملوكي.
وأشار المهندس فريد جبور -مدير دائرة الآثار والمتاحف في حمص- إلى أهمية هذا القصر في مدينة حمص والذي يؤمه السياح بشكل كبير لمشاهدة روعة بنائه وزخرفاته مؤكداً أنَّ المديرية أنهت حالياً بعض أعمال الترميم والتأهيل للقصر من أجل تأهيله ليكوّن متحفاً للتقاليد الشعبية في المدينة.