من أجمل نوادر العرب.
أبو بكر الصديق ودغفل ومحاورة بالنسب
هذه قصة طريفة أوردها صاحب كتاب (سبائك الذهب في أنساب العرب) وهي عبارة عن حوار دار، في صدر الإسلام ، بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وغلام من (بني شيبان) يقال له دغفلاً (أصبح فيما بعد نسّابة) . وكان أبو بكر رضي الله عنه عليماً بأنساب العرب وأحسابهم ، حتى أن حسان ابن ثابت رضي الله عنه عندما هجا قريشاً بالطعن في أنسابها وأحسابها ، قالوا : ذلك شعر لم يغب عنه أبو بكر .
تقول القصة أن أبا بكر رضي الله عنه مرَّ مع النبي صلى الله عليه وسلم في أول الالظلم والطغيانة ، بقوم من (بني شيبان) بالحرم فسألهم أبو بكر :
ممن القوم ؟ فقالوا من بني شيبان ،
فقال من أيهم ؟ قالوا من ذهل ،
فقال أمن ذهل الأكبر أم ذهل الأصغر ؟ قالوا بل من ذهل الأكبر
قال أمن هامتها أم من لهازمها ؟ قالوا : من هامتها .
قال : أمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك وسالبها أنعمها ؟ قالوا : لا .
قال أمنكم عوف الذي قيل فيه : لا حرَّ بوادي عوف ؟ قالوا : لا .
قال : أمنكم المزدلف الحر صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا : لا .
قال أأنتم أخوال الملوك من كِندة ؟ قالوا لا .
قال: أأنتم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا : لا .
قال فلستم من ذهل الأكبر …
عند ذلك قام له دغفل وقال : (إن على سائلنا أن نسأله .
فممن الرجل فقال أبو بكر : من قريش
فقال : دغفل بخ بخ أهل الرياسة والشرف!
فمن أي القرشيين أنت ؟ فقال أبو بكر : أنا من ولد تيم بن مرة ( وكان هذا الفرع من قريش الذي ينتمي إليه أبو بكر وطلحة رضي الله عنهما فرع قليل العدد جداً في قريش ) ،
فقال دغفل : والله لقد أمكنت الرامي من سواء الثغرة ،
وقال له : أمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من قريش وكان يقال له مجّمِعاً ؟ قال أبو بكر لا .
قال دغفل : أمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه وأهل مكة مسنتون عجاف قال : لا .
قال أمنكم عبد المطلب بن هاشم مطعم طير السماء ؟ قال : لا .
قال : أمن أهل الحجابة أنت ؟ قال لا
أمن أقل السقاية أنت ؟ قال لا
قال أمن أهل الرفادة أنت قال لا .
قال أمن أهل اللواء أنت قال لا ..
ثم انسحب أبو بكر رضى الله عنه . فقيل له لقد وقعت من الغلام على باقعة .
فأجاب : نعم كل آفةٍ لها آفة ، والبلاء موكول بالمنطق .
الطبع يغلب التطبع
حكى بعضهم قال : كنت في سفر فضللت عن الطريق ، فرأيت بيتاً في الفلاة ، فأتيته فإذا به أعرابيّة ، فلما رأتني قالت من تكون ؟ قلت ضيف . قالت أهلاً ومرحباً بالضيف ، انزل على الرحب والسعة . قال فنزلت فقدمت لي طعاماً فأكلت ، وماءً فشربت ، فبينما أنا على ذلك إذ أقبل صاحب البيت . فقال من هذا ؟ فقالت ضيف . فقال لا أهلاً ولا مرحباً ، ما لنا وللضيف ، فلما سمعت كلامه ركبت من ساعتي وسرت ، فلما كان من الغد رأيت بيتاً في الفلاة فقصدته فإذا فيه أعرابيّة فلما رأتني قالت من تكون ؟ قلت ضيف . قالت لا أهلاً ولا مرحباً بالضيف ، ما لنا وللضيف ، فبينما هي تكلمني إذ أقبل صاحب البيت فلما رآني قال من هذا ؟ قالت ضيف . قال مرحباً وأهلاً بالضيف ثم أتى بطعام حسن فأكلت ، وماء فشربت ، فتذكرت ما مر بي بالأمس فتبسمت . فقال مم تبسمك فقصصت عليه ما إتفق لي مع تلك الأعرابيّة وبعلها ، وما سمعته منه ومن زوجته ، فقال لا تعجب ان تلك الأعرابيّة التي رأيتها هي أختي ، وان بعلها أخو إمرأتي هذه ، فغلب على كل طبع أهله .
المهدي والأعرابي
خرج المهدي يتصيد , فغار به فرسه حتى وقع في خباء اعرابي , فقال : يا أعرابي هل من قرى ؟ فأخرج له قرص شعير فأكله , ثم اخرج له فضلة من لبن فسقاه , ثم اتاه بنبيذ في ركوة فسقاه , فلما شرب قال : أتدري من انا ؟ قال : لا قال : انا من خدم أمير المؤمنين الخاصة , قال : بارك الله لك في موضعك , ثم سقاه مرة أخرى , فشرب فقال : يا أعرابي : اتدري من انا ؟ قال : زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة , فقال : لا أنا من قواد أمير المؤمنين , قال : رحبت بلادك وطاب مرادك , ثم سقاه الثالثة , فلما فرغ قال يا أعرابي : اتدري من انا ؟ قال : زعمت انك من قواد أمير المؤمنين . فقال : لا , ولكني أمير المؤمنين : قال : فأخذ الأعرابي الركوة , فوكأها وقال : إليك عني , فوالله لو شريت الرابعة , لادعيت أنك رسول الله