لا شك أن الله تعالى صاحب القدرة والعلم اللّذيْن لا حدود لهما هو الذي خلق جميع الكائنات التى تمتلك هذه الخصائص. وقد ذكر القرآن الكريم أن كل واحد من هذه المخلوقات يمثل آية من آياته سبحانه وتعالى. وفى الآية السابعة عشرة من سورة الجاثية ورت الإشارة إلى حيوان مثير للانتباه، وهذا الحيوان هو الجمل.
فهذا الأسلوب في التعبير ورد من أجل لفت الانتباه إلى الكيفية التي خلق بها الله تعالى الجمل .
إن الذى جعل الجمل مخلوقا متميزا هو كون جسمه قادرا على تحمل الظروف الطبيعية القاسية . فأجسام الإبل تستطيع أن تتحمل الجوع والعطش لعدة أيام، وتستطيع أن تحمل أثقالا كبيرة على ظهورها وتسير بها مسافات طويلة. إن الجمل، كما سنرى مخلوق سُخر لخدمة الانسان بفضل ما يتمتع به من قدرة هائلة على التحمل والصبر. فهو إذن عبرة لكل إنسان متفكر في خلق الله.
مخلوق متميّز تحت إمرة الإنسانللجمل قدرة غير عادية على تحمل العطش والجوع، فهو باستطاعته أن يبقى لمدة ثمانية أيام كاملة بلا ماء ولا طعام في بيئة درجة حرارتها 50 درجة مئوية. وخلال هذه المدة يفقد حوالي 22 كيلوغراما من وزنه.
ليس بإمكان الإنسان أن يستمر على قيد الحياة إذا فقد جسمه نسبة 12% من الماء الموجود فيه، أما بالنسبة إلى الجمل فإذا فقد حتى نسبة 40% من الماء الموجود في جسمه فإنه لا يموت. والسبب الآخر لتحمل الجملِ العطش هو أن جسمه يتمتّع بنظام يمنع صعود درجة حرارته أكثر من 41 درجة . ولهذا السبب، فحتّى فى الحرّ الشديد خلال النهار يحافظ جسمه على كمية الماء ولا يفقد سوى كمية قليلة. وفى الليل حيث تكون درجات الحرارة منخفضة تضل الحرارة في جسمه في مستوى معين ولا تنخفض أكثر من 30 درجة .
وحدة متكاملة فى استعمالها للماء
يستطيع الجمل فى 10 دقائق أن يشرب من الماء ما يقارب ثلث جسمه. فقد يصل هذا المقدار الذي يشربه إلى 130 لترا. وإلى جانب ذلك يعتبر الغضروف الموجود لديه أكبر بكثير بالمقارنة مع ما هو موجود لدى الإنسان، فحجم غضروف الانسان يمثل نسبة 1% من حجم غضروف الجمل. وهذه الخاصية تساعد الجمل على أخذ الرطوبة من الجو بنسبة 66 % .
الاستفادة من الغذاء والماء بأكبر قدر ممكنكثير من الحيوانات يموت عندما تكثر كمية الدم المنتجة من قبل الكبد، ولكن الكبد لدى الجمل يتدخل عدة مرات للاستفادة من الماء والغذاء بأقل درجة ممكنة. وتكوين الدم وخلاياه عامل مهمّ فى تحمل الجمل للعطش، أي بقائه بدون ماء لفترة طويلة. فجدار الخلية لدى الجمل لا يسمح بفقدان الماء الزائد، فهذا الجدار يتمتع بميزة مهمة، كما أن تكوين الدم - حتى فى حالة وصول كمية قليلة من الماء - يسمح بتدفقه بالقوة نفسها.
وبالاضافة إلى ذلك فإن الدم يحتوى على أنزيم البومين بنسبة أكبر مما توجد عند بقية الكائنات الحية، وهذا الأنزيم يزيد فى قدرة الجمل على مقاومة العطش. وهناك مساعد آخر هو السّنام (الحدبة)، ففى السنام نسبة واحد إلى خمسة من حجم جسم الجمل، وفيه مخزون من الدهون، وهناك دهون أخرى فى أكثر من منطقة من جسم الجمل تساعده على الحفاظ على كمية الماء لديه.
إن السّنام فى الظروف العادية يستطيع أن يستوعب 30 إلى 50 كيلو غراما من المواد الغذائية، ولكن فى الظروف القاسية لا يستوعب سوى كيلوين، وبإمكان الجمل أن يعيش بهذه الكمية من الطعام مدة 30 يوما .
إنّ الجمل بواسطة فمه وشفتيه وتركيب أضلافه (حافره) المتكونة من جلد مدبوغ بصلابة قادر على انتقاء غذائه من بين الأشواك .
وأما معدة الجمل فهي ذات أربع طبقات وجهازه الهظمي قوى بحيث يستطيع أن يهضم أيّ شيء إلى جانب الغذاء مثل المطاط، وهو يستفيد من هذه الخاصية في الأماكن الجافة .
قدرته على مقاومة الزوابع والأعاصيرلعيني الجمل رموش ذات طابقين مثل الفخ تماما بحيث تدخل الواحدة في الأخرى، وبهذا يستطيع أن يحمي عينيه، وفي هذه الحالات يستطيع أيضا أن يغلق أنفه لكي لا تتسرب إلى داخله الرمال.
تدابيره في البرد القارس والحر القائظجسم الجمل مغطى بشعر كثيف، وهذا العامل يحافظ على عدم نفاذ الحرارة إلى داخل الجلد، وفى الوقت نفسه يحافظ على درجة حرارة جسم الجمل فى أيام البرد. فالجمال التى تعيش فى الصحراء تستطيع أن تتحمل درجة حرارة تصل إلى 70 درجة، والجمال التى لها سنامان تستطيع أن تتحمل البرودة في درجة حرارة تصل إلى 52 درجة تحت الصفر. وهذا النوع من الحيوانات يستطيع أن يعيش في أراض جبلية على ارتفاع يصل إلى 4000 متر.
احتياطه للرمال الحارقةإن تصميم أضلاف الجمال بالمقارنة مع بقية الحيوانات تعتبر كبيرة جدا. وهذا الكبر يساعدها على المشي على الرمل دون أن تنغمس أو تغرق فيها. وأما الجلد الموجود في أسفل باطن أقدامها فسميك جدا، وبالتالي فهو يساعد الجمل على الوقاية من حرارة الرمال .
وفي ضوء هذه المعلومات علينا أن نفكر :هل الجمل هو الذي صنع هذا التلاؤم بين جسمه وبين البيئة التي يعيش فيها وهي الصحراء؟
وهل الجمل هو الذي ركب أنفه على هذه الشاكلة، وهل هو الذي أوجد السّنام الموجود على ظهره، أو ركب الرموش الموجودة حول عينيه، هذه الرموش التي تحفظ عينيه من العواصف الرّملية؟
هل هو الذي صمم الدم الذي يجري في عروقه، وبنى خلاياه؟ هل هو الذي أبدع نظام الاقتصاد في الماء بحيث لا يستهلك سوى القليل القليل عند الضرورة؟
هل هو الذي اختار نسج هذا الشعر الكثيف على جسمه، هل هو الذي جعل من نفسه سفينة الصحراء؟
فالجمل مثله مثل جميع المخلوقات لا يستطيع أن يفعل ذلك، أفلا ينظر الإنسان
(إِلَـى اْلجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ). وفي الحقيقة فالجمل ليس وحده دليلا على الله تعالى بل المخلوقات جميعها تنطق بعظمة الخالق سبحانه. ولقد خلق الجمل بجميع هذه الصفات والخصائص من أجل خدمة الإنسان، والأمر نفسه بالنسبة إلى جميع الكائنات الأخرى. وعلى الإنسان أن يتأمل ويتفكر فى صانع هذه المخلوقات .
(أَلمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى اْلأَرِض وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللهِ بِغَيْر عِلْمٍ وَلاَ هُدىً وَلاَ كِتَابٍ مُنيرٍ) ( سورة لقمان: 20)
من فوائد الجمل : الجمل حيوان عظيم النفع للإنسان فهو يستخدمه في أداء كثير من الأعمال الشاقة، فهو يقوم بحمل الركاب، ونقل الأمتعة من مكان إلى آخر، ويمكن للإبل التي تستخدم للركوب أن تقطع مسافة قدرها نحو (10) كيلومترات في الساعة تقريبًا، وأن تمشى في اليوم الواحد نحو (100) كيلومتر دون تعب أو كلل، أما الإبل المستخدمة في حمل الأمتعة فيمكنها حمل نحو (150) إلى (300) كيلوجرام، ومازالت الإبل تستخدم في بعض فرق الجيش والشرطة، وهو ما يعرف باسم فرق الهجانة، كما تستخدم بعض أنواع الإبل المعروفة بسرعتها وخفة حركتها في مسابقات الجري والتي تعرف باسم سباق "الهجن" .
وتعتبر الجمال من أهم الحيوانات التي يستفيد الإنسان من لحمها ولبنها ووبرها وجلودها، ويتميز لبن الإبل بجودته العالية، وحلاوة طعمه، وسهولة هضمه فهو قليل الدهون، خفيف على المعدة، غنى بالفيتامينات والبروتينات والمعادن خاصة الكالسيوم، كما يحتوى على مواد تقاوم السموم والبكتيريا، وبه مواد تقوى جهاز المناعة، ويستخدم في علاج كثير من الأمراض خاصة أمراض البطن والكبد وغيرها، وقد اشتكى بعض الناس إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- من مرض أصاب بطونهم، فأمرهم النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها ففعلوا، فشفوا بإذن الله .
أما وبر الإبل فيستخدم في صنع الثياب والأغطية والفرش والخيام، ويصنع من جلود الإبل الملابس الجلدية والأحذية والحقائب، ويتميز جلد الجمل بقوته وسماكته وجودته العالية .
معلومات وطرائف حول الجمل : -الناقة : هي الأنثى من الإبل ، والجمع نوق ، ويقال للذكر : جمل .
- الإبل : لفظ يطلق على الجمال والنوق معًا، وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه.
-البعير :ما صلح للركوب والحمل من الإبل، ويقال للجمل والناقة .
-السليل : هو ولد الناقة لحظة ولادته .
-الحوار : هو ولد الناقة قبل أن يفطم .
- الفصيل :هو ولد الناقة إذا فُطم وأبعد عن أمه .
- ورد لفظ الإبل في القرآن الكريم مرتين، والناقة (7) مرات، والعير ( 3) مرات، والبعير مرتين، والجمل مرة واحدة .
- يسير الجمل بطريقة تختلف عن طريقة سير الحيوانات الأخرى , إذ إنه يحرك رجلي الجانب الأيمن معًا، ويتبعهما برجلي الجانب الأيسر معًا، وينتج عن هذه المشية تأرجح كل من يعتلى ظهره بصورة كبيرة .
- يستطيع الجمل العطشان أن يشرب أكثر من (100) لتر من الماء دفعة واحدة دون أن يحدث له أي ضرر، ولا تبقى هذه المياه في أمعائه، ولكنها تنساب داخل أنسجة جسمه فورًا .
- الجمل شديد الاقتصاد جدًّا في الماء، ولا يفقد منه إلا أقل من لتر واحد في اليوم أو يزيد، وذلك عن طريق البول .
- حين يكون الجمل بحالة صحية جيدة نجد سنامه قائمًا ومكتظًّا، وحين يكون مريضًا أو تعرض لفترة جوع طويلة نجد سنامه ضامرًا، وقد يتلاشى .
- الجهاز الهضمي للجمل يخلو من المرارة .
- تلد أنثى الجمل وهى واقفة .