دكتورة.م انوار صفار Admin
تاريخ التسجيل : 04/04/2010 البلد /المدينة : bahrain
بطاقة الشخصية المجلة:
| موضوع: الاتحاد والترابط فريضة إسلامية 5/23/2013, 16:50 | |
|
المسلمون الحقيقين هم الذين يتحدون فيما بينهم ولا يفكرون بالطائفية
لماذا الحرص على الوحدة والترابط؟
لماذا حرص الإسلام كل هذا الحرص على الاتحاد والترابط، ولماذا حذر كل هذا التحذير من التفرق، والتشاحن؟
الواقع إن وراء الاتحاد منافع وآثارها في حياة الأمة لا تخفي على ذي لب.
(أ) ـ فالاتحاد يقوي الضعفاء، ويزيد الأقوياء قوة، على قوتهم، فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين، ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى، في تماسك نظام، أصبحت قوة أي قوة، وهذا ما أشار إليه الحديث الشريف بقوله: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه. ونبهت عليه الآية الكريمة، حيث يقول تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) (سورة الصف: 4). والقصة المشهورة التي علمها الأب لأبنائه تؤكد هذا المعنى، إذ لم يستطع أي واحد منهم، أن يكسر مجموعة العصي المتضامة على حين أمكن بيسر كسر كل منها على حدة، وقال في ذلك:
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحادا … تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا
(ب) والاتحاد كذلك عصمة من الهلكة، فالفرد وحده يمكن أن يضيع، ويمكن أن يسقط، ويفترسه شياطين الإنس والجن، ولكنه في الجماعة محمي بها كالشاة في وسط القطيع، لا يجترئ الذئب أن يهجم عليها، فهي محمية بالقطيع كله، إنما يلتهمها الذئب حين تشرد عن جماعتها وتنفرد بنفسها، فيجد فيها ضالته، ويعمل فيها أنيابه، ويأكلها فريسة سهلة. وفي هذا جاء الحديث “عليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار”. “إن الشيطان ذئب الإنسان، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية”. “عليكم بالجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد”. ومما له دلالته القوية في الحفاظ على وحدة الجماعة ما ذكرته في كتابي “بينات الحل الإسلامي” مما سجله القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام حينما ذهب لمناجاة ربه، استجابة لوعد الله تعالى، الذي واعده ثلاثين ليلة، ثم أتممها بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، وخلف في قومه أخاه وشريكه في الرسالة هارون عليهما السلام. وفي غيبة موسى فتن قومه بعبادة العجل الذي صنعه لهم السامري، فلما رجع موسى إلى قومه، فوجئ بهذا الانحراف الكبير الذي يتصل بجوهر العقيدة التي بعث بها هو، والظلم والطغيان بها كل الرسل من قبله ومن بعده. وهنا غضب موسى، وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، وقال: (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا، ألا تتبعن، أفعصيت أمري) (سورة طه: 92،93) فكان جواب هارون كما ذكر القرآن: (قال يا ابن آدم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين إسرائيل، ولم ترقب قولي) (سورة طه: 94).
وفي هذا الجواب نرى أن نبي الله هارون اعتذر لأخيه بهذه الجملة: (إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني إسرائيل، ولم ترقب قولي).
ومعنى هذا أنه سكت على ارتكاب الشرك الأكبر، وعبادة العجل، الذي فتنهم به السامري، حفاظا على وحدة الجماعة، وخشية من تفرقها، وهي ـ لا شك ـ خشية موقوتة بمدة غياب موسى، حتى إذا عاد تفاهم الأخوان الرسولان في كيفية مواجهة الأزمة.
من توجيهات القرآن
يجب أن يكون هدف الداعين إلى الإسلام والعاملين له: الاتحاد والألفة، واجتماع القلوب، والتئام الصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة، وكل ما يمزق الجماعة أو يفرق الكلمة، من العداوة الظاهرة، أو البغضاء الباطنة، ويؤدي إلى فساد ذات البين، مما يوهن دين الأمة ودنياها جميعا. فلا يوجد دين دعا إلى الأخوة التي تتجسد في الاتحاد والتضامن، والتساند والتآلف، والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في قرآنه وسنته.
الايات القرآنية :
يقول الله تعالى في سورة آل عمران: (يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم. يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) (سورة آل عمران: 100ـ 107).
نقل الحافظ السيوطي في “الدر المنثور” في سبب النزول هذه الآيات جملة آثار عن بعض الصحابة والتابعين، أكثرها تفصيلا: ما أخرجه ابن اسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: مر شاس بن قيس ـ وكان شيخا قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من إلفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا معه من يهود، فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعة، وغضب الفريقان جميعا، وقالوا:
قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة ـ والظاهرة الحرة ـ فخرجوا إليها، وانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض، على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال: ” يا معشر المسلمين الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ أبعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم لهم، فألقوا السلاح، وبكوا، وعانق الرجال بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس، وأنزل الله في شأن شاس بن قيس، وما صنع: (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون). إلى قوله: (وما الله بغافل عما تعملون) وأنزل في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما، من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) إلى قوله: (وأولئك لهم عذاب عظيم).
والآيات الكريمة دعوة قوية إلى توحيد الكلمة، واجتماع الصف المسلم على الإسلام، وقد تضمنت:
التحذير من دسائس غير المسلمين، ومن طاعتهم فيما يوسوسون به، فليس وراءها إلا الارتداد على الأعقاب، والكفر بعد الإيمان.
هذا وقد أكد القرآن أن المسلمين ـ وإن اختلفت أجناسهم وألوانهم وأوطانهم ولغاتهم وطبقاتهم ـ أمة واحدة، وهم الأمة الوسط الذين جعلهم الله (شهداء على الناس) (سورة البقرة: 143) وهم كما وصفهم القرآن (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) (سورة آل عمران الآية: 110). وأعلن القرآن أن الأخوة الواشجة هي الرباط المقدس بين جماعة المسلمين وهي العنوان المعبر عن حقيقة الإيمان (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) (سورة الحجرات: 10). وجاءت الآيات بعد هذه الآية تقيم سياجا من الآداب والفضائل الأخلاقية يحمي الأخوة مما يشوهها ويؤذيها، من السخرية، واللمز، والتنابز بالألقاب، وسوء الظن، والتجسس، والغيبة (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم) (سورة الحجرات: 11،12). وحذر القرآن من التفرق إيما تحذير. ومن ذلك قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يالظلم والطغيان عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا، ويذيق بعضكم بأس بعض) (سورة الأنعام: 65). فجعل تفريق الأمة شيعا، يذوق بعضها بأس بعض، من أنواع العقوبات القدرية التي ينزلها الله بالناس إذا انحرفوا عن طريقه، ولم يعتبروا بآياته، وقرنها القرآن بالرجم ينزل من فوقهم، كالذي نزل بقوم لوط، أو بالخسف يقع من تحت أرجلهم، كالذي وقع لقارون. وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم كانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) (سورة الأنعام: 159). جاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى الذين تفرقوا واختلفوا في دينهم. وجاء عن غيره أنهم أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة. قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له، فإن الله الظلم والطغيان رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد، لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه (وكانوا شيعا) أي فرقا كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى، قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) (سورة الشورى: 13). وذم القرآن الذين تفرقوا واختلفوا في الدين من أهل الكتاب في آيات كثيرة سيمر علينا بعضها في موضعه من هذا البحث. | |
|
بختة المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 16/04/2010
بطاقة الشخصية المجلة: 50
| موضوع: رد: الاتحاد والترابط فريضة إسلامية 5/23/2013, 21:13 | |
| جزاك الله خيرا على الموضوع
| |
|
بثينة الزعبي المراقب العام المميز
تاريخ التسجيل : 18/02/2012 العمر : 68 البلد /المدينة : النمسا / فيينا
| موضوع: رد: الاتحاد والترابط فريضة إسلامية 5/23/2013, 22:40 | |
| ان الاعتصام بحبل الله من الجميع هو أساس الوحدة والتجمع بين المسلمين وحبل الله هو الإسلام، والقرآن. الله يهدي الشعوب العربية والاسلامية موضوع قيم وهادف جزاك الله خيراً | |
|