عندما يجتمع الإبداع والعبقرية.. والخط العربي معاً !
من البديهي أن لكل منا اهتماماته الخاصة وذوقه المميز عن الآخرين نتيجة لطباع شخصيته.. هذا أكيد نتيجة للوسط الاجتماعي و الثقافي الذي نشأ فيه كل منا وهذا ينعكس بالطبع على أذواقنا في الأكل واللباس والموسيقى وميولاتنا العلمية و الأدبية وغيرها في الكثير من المجالات… ربما الذي يثير اهتمامك و يسحرك غير الذي يثير اهتمامي ويسحرني، ولكننا سنلتقي بلا شك في مجالات مشتركة فيما بيننا نشأنا و كبرنا على حبها، وأنا على يقين بأن الخط العربي هو أحد الفنون التي تهفو إليها نفس كل عربي في كل مدينة عربية من المحيط الى الخليج…
قائمة الخطاطين العرب طويلة بلا شك وأعمالهم عديدة ورائعة ولكن اسماً محدداً شد انتباهي بشكل خاص رغم أنه لا يعرٌف نفسه كخطاط أو حروفي بل كرسام وفنان تشكيلي يعشق الخط العربي ويوظفه في أعماله العديدة… هو فنان ذاع صيته من المحيط إلى الخليج ومن طوكيو إلى نيويورك مروراً بباريس. حاز على جوائز عديدة عربية وعالمية … لا تدل أعماله على موهبته فحسب بل على عبقرية فريدة تمكن من خلالها من فرض نفسه وأسلوبه الخاص كأيقونة في الفن التشكيلي العربي المعاصر.
هو الفنان التشكيلي نجا المهداوي الذي ولد بتونس العاصمة سنة 1937 ودرس في أكاديمية الفنون سانتا أندريا بروما ثم في مدرسة اللوفر بقسم الآثار الشرقية القديمة وهو يعمل ويعيش في مدينة تونس، وقد استضافته العديد من المتاحف و أروقة الفنون العالمية عبر تنظيم معارض فردية فيها مثل المتحف البريطاني والمتحف الافريقي بلندن ومتحف الفنون الشرقية بموسكو ودار الفنون بالكويت بالإضافة إلى متحف لودفيغ بألمانيا والقائمة تطول…
سيرته الذاتية زاخرة جداً بالجوائز فقد حاز على الكأس الذهبية في مهرجان مدينة كان الفرنسية للفنون المرئية سنة 1968 كما حصل على الجائزة الدولية الكبرى للفنون ببغداد سنة 1986 وعلى الجائزة الكبرى للفنون والآداب من وزارة الثقافة التونسية سنة 2005 وليس هناك من دليل على إبداعاته سوى أعماله المميزة العديدة…
مجموعة من أروع لوحاته:
و هذه بعض أعماله على الجلود: و للزرابي أيضا نصيب… ما لفت انتباهي حقاً في هذا الفنان التشكيلي أن أعماله تجاوزت المجالات التقليدية للحروفيين فقد وظف الخط العربي في تصميم المباني والديكور بشكل عصري رائع و متفرد يوحي بثقافة المكان من أول وهلة، ومن أشهر أعماله في هذا المجال جناح الاستقبال الملكي في مطار الملك عبد العزيز بجدة سنة 1981، وقد حصل سنة 1984 على ميدالية مدينة جدة الذهبية وعلى الميدالية الشرفية للملك السعودي تتويجاً لعمله في مطاري جدة و الرياض:
كما قام بتصميم الواجهة البلورية لمبنى “قبة البحيرة” في ضفاف البحيرة بمدينة تونس و قد حصل من خلال هذا العمل على جائزة اليونسكو (المنظمة الدولية للتربية و الثقافة و العلوم) الكبرى لفنون الحرف في العالم العربي لسنة 2005 :
و هذا أحد طوابق المبنى من الداخل…
من الجميل حقاً أن نجد في وطننا العربي شركات تولي أهمية لجمالية المبنى… هنيئا للموظفين بهذا المكان الرائع للعمل !
وفاز نجا المهداوي كذلك في مسابقة تصميم المقر الرئيسي للألكسو (المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم) في تونس سنة 2005 بالتعاون مع مكتب الهندسة “فاخر و فاخر” ولكن للأسف وقع إسناد المشروع إلى جهة أخرى!! التصميم في نظري أكثر من رائع ويعطي بعداً جديداً ومتفرداً للمعمار العربي المعاصر ولا أدري حقاً لمَ تم الاستغناء عنه رغم فوزه!!…
كما قام بتزيين طائرات لشركة طيران الخليج (مقرها البحرين) سنة 2000 بمناسبة مرور خمسين سنة على تأسيسها…
الفكرة جميلة جداً ومبتكرة وقد كان الهدف من خلالها تسويق الثقافة العربية في مختلف أرجاء العالم أينما تحط طائرات طيران الخليج الرحال!
كما قام أيضا برسم العديد من أغلفة الكتب و الدوريات العربية و الأجنبية:
صورة من معرض آرت دبي 2011: صور من معرض دمشق 2011:
لوحة جدارية في غرفة الجلوس:
من الجدير بالذكر أيضاً أن نجا المهداوي هو عضو في لجنة التحكيم الدولية لجائزة اليونسكو للفنون بالاضافة إلى عضويته في لجنة التحكيم في عدة تظاهرات عربية و أجنبية في مجال الخط العربي و فنون الحرف.
نجا المهداوي أمام إحدى لوحاته: أرجو أن أسهم قليلاً بهذه التدوينة في تعريف الشباب العربي بهذا المبدع العبقري الذي يحظى بشهرة عالمية أكثر منها في العالم العربي ربما!!
و هنا لا يسعني أن أختم حديثي بأفضل مما قاله الشاعر الكبير نزار قباني (في لندن 17-5-1994) “نجا المهداوي، ليس رساماً مبدعاً فقط ولكن خلاصته الشعر، والرسم معاً…لوحاته لا تشبه لوحات الآخرين وألوانه أغنى من ألوان قوس قزح… باسم الشعر أحييه وأحيي أصالته وتفرده…إنه بكلمة واحدة خرافة…”
لموقع الرسمي للرسام نجا المهداوي: nja-mahdaoui.com
صفحة الفايسبوك الخاصة بمحبي الرسام: facebook.com/pages/Nja-Mahdaoui
الكاتب: محمد أسعد