حوار بين اللؤلؤة و الوردة
…ذات يوم التقت وردة جميلة رائعة الجمال شذية الرائحة جذابة الألوان
بلؤلؤة لا يبدو عليها شيئاً من هذه الصفات فهي تعيش في قاع البحار
تعرفا على بعضهما
ودار هذا الحوار بينهما
فقالت الوردة في عجب و تفاخر أنا أجمل منك و أحلى فقالت اللؤلؤة كيف ذلك
قالت الوردة: أنا جميع الناس تهواني فهم يحبون شكلي و يستمتعون برائحتي
أنا هدية المحبين و تصالح المتخاصمين و زينة العرائس أمام الحاضرين
إذا رآني الحزين فرح و إذا شم رائحتي المكظوم إنشرح
أما أنتي فليس لديك روائح مثل روائحي و لا ألوان مثل ألواني
فقالت اللؤلؤة : أكملي إني أسمعك
قالت الوردة و هي تتمايل : إن روعة جمالي تظهر لكل الناس لذا يشترونني بشكل دائم حتى لا أغيب عن أنظارهم
يحكي عني الناس و يضربون بي الأمثال فيقال فلانه كالوردة و هل يقال عنك هكذا!!!
فالتفتت إليها بسخرية _و وضعت يدها على فمها و هي تحاول أن تكتم ضحكتها الصارخة_ لا أعتقد أن الناس يدرون عنك.
فلما رأت اللؤلؤة عجبها و سخريتها قالت لها سوف أسمعك حتى تكملي إلى أن تتعهدي لي بأن تسمعينني مثلما سمعتك
فردت الوردة و هي مستغربة : و أنا موافقة
فقالت اللؤلؤة : و الآن أكملي
قالت الوردة : انظري .. أنظري
فقالت الؤلؤة: أنظر إلى ماذا
فقالت الوردة : انظري إلى شدة حمرتي و تناسق جسمي كيف أخفي هذا الجمال !!!! بل كيف استعرضه!! بل كيف أجمله.
ما أجملني .. ما أروعني .. ما أبدعني
فقالت اللؤلؤة: هل انتهيت من كلامك
فقالت الوردة : نعم
فردت اللؤلؤة بكل ثقة و إعتزاز : الآن إسمعي
إن االله خلقني لأعيش في أعماق البحار و حفظني من وحوش البحار فأدخلني داخل المحار و أوصاه بي و أمره أن لا يفتح إلا لمن يعرف قدري و يعلم بقيمتي.
و لأني عشاق الذوق الرفيع و الطبع البديع جعلني هذا الإنسان زينة الملوك و عقد الحور و تحفة لا تزول و عقد يقلد في الصدور .
أما انت أيتها المسكينة فإنك موجودة في كل مكان. من وجدك قطفك و بعد أن انتهى منك و أخذ منك ما يريد كان مصيرك إما في الأرض أو في سلة المهملات أما أنا فأبقى مصونة إما في الخزائن و إما في التحف أو في أي مكان مصون.
ومن أراد أن يتمتع بجمالي: استأذن المحار
فإذا فتح المحار رأيت وجهه( الإنسان) يتلألأ من النور الذي ينبثق مني فلما رآني سبح الله على روعتي
و حمده لأنه رآني و وقف أمامي في دهشة لا يحركه شيء إلا عندما يغلق المحار
أما أنت فمعجبوك كثر حتى أن الواحد منهم أصبح يمل من كثرة ما رآك.
من أراد أن يمتلكني : فعليه أن يسأل صاحب المال لمن هذا الجمال .
فيرد عليه صاحب المال فيقول له : إنها اللؤلؤة المصونة ذو المحار حفظها ربها و ذكرها في القرآن و جعلها مكرمة محصنة حميدة الخصال.
فما أنت إلا حديث يقال، كتشبيه في كتب الأمثال، أو صورة تسري على الأطلال، فما بلغت حبة من خردل مثقال، كما ذكر اسمي من مالك الملك العزيز المتعال.
جسمك شائك و جسمي ناعم
لك بريق مؤقت و لي بريق دائم
إذا لم تسقي بالماء مُتي وذبلتي و أنا إذا أخرجت من الماء زدت جمالا و بريقا
فلما رأت اللؤلؤة حزن الوردة فالتفتت إليها و قالت:لا تحزني ولا تبتأسي فجميعنا من خلق الرحمن
و خلقنا لنسبح بحمده و نسجد له
فهيا بنا إلى دار القرار
حيث يمكث فيها المصطفين الأخيار