الاضطراب النفسي هو نمط سيكولوجي أو سلوكي ينتج عن الشعور بالضيق أو العجز الذي يصيب الفرد ولا يعد جزءًا من النمو الطبيعي للمهارات العقلية أو الثقافة. وقد تغيرت أساليب إدراك وفهم حالات الصحة النفسية على مر الأزمان وعبر الثقافات، وما زالت هناك اختلافات في تصنيف الاضطرابات النفسية وتعريفها وتقييمها. ذلك على الرغم من أن المعايير الإرشادية القياسية مقبولة على نطاق واسع.
في الوقت الحالي، يتم تصوير الاضطرابات النفسية على أنها اضطرابات في عصبونات الدماغ من المرجح أن تكون ناتجة عن العمليات الارتقائية التي يشكلها التفاعل المعقد بين العوامل الوراثية والتجارب الحياتية.[1] بعبارة أخرى، فإن الجينات المورثة للمرض العقلي أو النفسي يمكن أن تكون هي الجينات المسئولة عن نمو العقل، والتي من المحتمل أن يكون لها نتائج مختلفة، بناءً على المحيط البيولوجي والبيئي.[1]
وقد ذُكر أن أكثر من ثلث سكان معظم دول العالم تعرضوا للإصابة بأحد الفئات الرئيسية من الأمراض النفسية في مرحلة ما من حياتهم. وكثيرًا ما يتم تفسير أسباب ذلك من خلال نموذج الاستعداد-الضغط والنموذج الحيوي النفسي الاجتماعي. ويمكن أن يتلقى المصابون بأمراض نفسية الرعاية الصحية اللازمة في مستشفيات الأمراض النفسية أو في المجتمع أي خارج المستشفى. ويقوم الأطباء النفسيون أو الإخصائيون النفسيون الإكلينيكيون بتشخيص الأمراض النفسية بالاستعانة بأساليب متعددة، وكثيرًا ما يعتمدون على الملاحظة وطرح الأسئلة في المقابلات التي تتم مع المرضى. ويقدم العلاج للأمراض النفسية الكثير من إخصائيي الصحة النفسية.
جدير بالذكر أن العلاج النفسي وأدوية الأمراض النفسية خياران رئيسيان لعلاج المريض النفسي، شأنهما شأن العلاج الاجتماعي ودعم الأصدقاء والمساعدة الذاتية. في بعض الحالات، قد يكون هناك احتجاز إجباري للمريض أو علاج إجباري حيثما يسمح القانون. كما تزيد الوصمة الاجتماعية والتمييز ضد المرضى النفسيين من المعاناة الناجمة عن الاضطرابات النفسية، وقد أدت هذه السلبيات إلى الكثير من حملات الحركات الاجتماعية الداعية إلى تغيير هذه المفاهيم.
التصنيفات
إن تعريف وتصنيف الاضطرابات النفسية مسألة مهمة بالنسبة إلى الصحة النفسية وأيضًا من أجل متلقي خدمات الصحة النفسية ومقدميها. وتستخدم معظم الوثائق الإكلينيكية الدولية مصطلح "اضطراب نفسي". ويوجد حاليًا نظامان مشهوران يقومان بتصنيف الاضطرابات النفسية،ICD-10 Chapter V: Mental and behavioural disorders أحدهما جزء من التصنيف الدولي للأمراض الذي وضعته منظمة الصحة العالمية (WHO) والآخر الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية الذي وضعته الجمعية الأمريكية للطب النفسي(APA). ويضع النظامان قائمة بأنواع الاضطرابات ويقدمان معيارًا موحدًا لتشخيصها. وقد عمدا إلى التقريب بين قواعدهما في النسخ الأخيرة، وهذا ما جعل الأدلة متشابهة إلى حد كبير في معظم الأحيان. ذلك على الرغم من أنه ما زالت هناك اختلافات كبيرة بينها. ويمكن استخدام نظم تصنيف أخرى في الثقافات غير الغربية (انظر، على سبيل المثال، التصنيف الصيني للاضطرابات النفسية)، كما يمكن أن يستخدم أصحاب الآراء النظرية البديلة أدلة أخرى، مثل الدليل التشخيصي للأمراض النفسية الديناميكية (PDM). وبصفة عامة، يتم تصنيف الاضطرابات النفسية بشكل منفصل إلى اضطرابات عصبية أو صعوبات تعلم أو تخلف عقلي.وخلافًا لمعظم ما ورد في نظم التصنيف المذكورة سالفًا، فإن بعض طرق التصنيف لا تلجأ لوضع الاضطرابات المختلفة تحت فئات مستقلة أو استخدام تصنيفات ثنائية فاصلة تهدف إلى تمييز السلوك السوي من السلوك الشاذ. هذا ويوجد جدل علمي واسع حول سبل التصنيف المختلفة والمزايا النسبية للنظم التصنيفية في مقابل النظم غير التصنيفية (أو المختلطة)، مع العلم أن النوع الأخير يشتمل على نظام تصنيف طيفي أو تواصلي أو بُعدي.