خان أسعد باشا العظم 1167هـ.الموافق 1753 م.
صورة الوالي أسعد باشا العظم
يقع خان أسعد باشا العظم داخل أسوار مدينة دمشق القديمة في منتصف سوق البزورية على يمين الداخل إلى السوق من جهة سوق مدحت باشا يحده شمالا حمام نور الدين زنكي الملقب بالشهيد و دار القرآن و الحديث التنكزية / المدرسة الكاملية ، ويحده جنوباً خان الرز يفصل بينهما جادة سوق الصقالين ، و يحده شرقا زقاق السلمي و البيوت العربية القديمة ، و يحده غرباً خان العمود يفصل بينهما سوق البزورية الشهير .
وقد بناه والي الشام العثماني اسعد باشا العظم المنحدر من أصول عربية في العهد العثماني إبان خلافة السلطان محمود الأول ، واستغرق بناؤه عام ونيف من سنة 1166 للهجرة الموافق 1751 للميلاد إلى سنة 1167 للهجرة الموافق 1753 للميلاد وقد استخدم الوالي معظم الحجارة الموجود بدمشق للتفنن في بنائه ليكون أكبر محطة استراحة إستراتيجية على طريق الحرير وطريق قوافل الحج في الشام شريف ( دمشق ) ، وسوقاً كبيرة ليتبادل التجار القادمون إلى الشام بضائعهم الثمينة فيه ، وليصبح من أجمل و أعظم خانات الشرق قاطبة والتي تم بناؤها في أرجاء السلطنة العثمانية .
وصار لهذا الخان شهرة عظيمة ... وما زالت شهرته منتشرة في معظم أنحاء العالم لغاية اليوم ، وكان الرحالة وكل من زار دمشق ... لابد له من العروج للجامع الأموي الكبير و الى خان أسعد باشا ، لمشاهدة هذه التحفة المعمارية الفذة ، وعدم إخفاء إعجابهم بالفن المعماري المتمثل في هيكلة الخان .
ومن أشهر هؤلاء الرحالة .. الشاعر الفرنسي ( ألفونس دو لامارتين أحد زعماء المدرسة الرومانسية بفرنسا ) عند زيارته لدمشق سنة 1833 للميلاد ، وذكر في كتابه ( رحلة الى الشرق ) أن خان أسعد باشا من أجمل خانات الشرق و أن قبابه تذكره بعظمة و ضخامة قبة القديس بولس في روما .
وكذلك وصفه بركة الخان ونوه إلى أن غرف التجار كانت في الطابق العلوي من الخان ، وأن في جانب الخان من جهة القبلة يوجد إسطبل لخيول القوافل التجارية و كذلك إسطبل آخر للدواب و الجمال التي تأنف الخيول المبيت معها .في نفس الإسطبل ، و أبدى إعجابه الكبير بباب الخان والذي قاله عنه: إنه قطعة من العمارة الإسلامية التي لا نظير لها في العالم وأن شعبا فيه مهندسون لديهم الكفاءة لتصميم مثل هذا الخان وعمال قادرون على تنفيذ مثل هذا البناء لجدير بالحياة والفن و الاحترام .
تعرض الخان بعد بنائه ببضعة سنين إلى هزة أرضية ضربت دمشق و معظم مدن بلاد الشام في عام 1173 للهجرة الموافق 1759 للميلاد ، مما أدى إلى سقوط ثلاث قباب من أصل قبابه التسعة بحسب رواية الشيخ أحمد البديري الحلاق ، أو خمس قباب بحسب رواية أخرى للقساطي .
وقدر الدكتور عبد القادر الريحاوي مساحة الخان الإجمالية بحوالي 2500 متر مربع ، و تحتل واجهته الغربية المطلة على سوق البزورية بطول 47 متراً ، و تحتضن هذه الواجهة بوابة الخان الكبيرة الحجم ومسجد صغير ودكاكين ومخازن تجارية ، وتحتل واجهته الجنوبية المطلة على خان الرز و سوق الصقالين بحوالي 52 متراً تتوزع فيها المحال التجارية . أما الواجهة الشرقية فهي سور أصم يطل على زقاق الحي المجاور ، أما واجهته الشمالية قيصل طولها الى 25 مترااً ولكنها محجوبة بالمباني كحمام نور الدين والمدرسة الكاملية التنكزية .
صمم بناء الخان من طابقين اثنين استخدم الطابق الأرضي من الخان ليكون سوقاً للتجار يبيعون فيه بضائعهم وكمستودعات ومكاتب لسماسرة البيع ، في حين خصص الطابق الثاني للنوم ولراحة الزوار و تجارة القوافل . و يحيط بالبناء باحة مسقوفة بتسع قباب يدخل إليها من الباب الرئيسي عبر دهليز واسع .
البوابة فخمة جداً تلفت الأنظار بتصميمها وعناصرها المعمارية والزخرفية ، فهي تتألف من إيوان واسع يتقدم الباب ، يحتوي في جانبيه على مقعدين من الحجر ، معقود أعلاه بالمقرنصات ، والدلايات الحجرية ، تنتهي في أعلاها بشكل الصدفة على شكل نصف قبة ، ومما يروى أن ياقوتة ثمينة كانت موضوعة فوق الباب وأن ثمن الياقوتة هذه كان يكفي لإعادة بناء الخان لو تهدم
وهذا العقد مكون من ثلاث أقواس متراكبة ، القوس الخارجي الكبير مكون من سلسلة من المشربيات ، والقوس الأوسط مكون من حجارة مقولبة على شكل كعوب الكتب ، أما القوس الثالث الداخلي ، فيتألف من حجارة مقصقصة ، يتناوب فيها اللونان الأبيض والأسود. والعقد محمول على ثلاث سويريات أي أعمدة صغيرة في كل من جانبيه ، و منحوته بأشكال حلزونية وضفائر ، وتمثل هذه الواجهة أجمل وأضخم واجهات المباني الأثرية في دمشق وأغناها بالزخارف والتزيينات ، إذ يصل طول الواجهة إلى ما يزيد على أحد عشر متراً وبعرض يبلغ تسعة أمتار ونصف ،
وباب الخان مفتوح ضمن قنطرة تعلوها واجهة مؤلفة من خطوط هندسية تحتوي على نقش حجري كما ورد لدى الدكتور الشهابي ما نصه :
( لله خان للخير يقصد ) ، ( بالسعد واليمن قد تشيد ) ، ( وسامت النجم في سمو ) ، ( فالزهر عقد له قد تجدد )
( أنشأه صدر شهم كريم ) ، ( خدن المعالي الوزير أسعد ) ، ( تاريخه قد أتى ببيت ) ، ( باللؤلؤ الرطب قد تنضد )
( بني خان بني بيمن ) ، ( الأوحد الأسعد الممجد )
( سنة 1166 )
وعلى طرفي هذه القصيدة التي هي بالأصل على شكل نصف دائرة بعض العبارات :
يا مفتح الأبواب ، ، ، أفتح لنا خير الباب
أما الباب نفسه فيتألف من مصراعين كبيرين من خشب الجوز و مثبت عليها صفائح معدنية لحماية الباب من تحطيمه و مرسوم على تلك الصفائح أشكال خلية النحل و بداخل كل خلية نجمة كانت هذه النجوم وما زالت تغطي المسامير ضخمة المثبتة للصفائح المعدنية وهي شبيه بطراز أبواب جميع الخانات أو أبواب مدينة دمشق المصفحة بألواح الحديد .
يوجد في درفة الباب اليمنى باب صغير كان مخصصا لدخول الأفراد بالماضي ، وعند دخول القوافل و الجمال كانت تفتح الدرفتين على مصراعيه لسهولة دخول الجمال منه ، يدعى هذا الباب ( باب خوخة ) هذا المصطلح يطلقه أهل الشام من العوام على هذه الأبواب الصغيرة والتي كانت مخصصة لدخول الأفراد منه ليلا وكانت هناك مشكاتين كبيرتين على طرفي الباب لإنارة الطريق عند حلول الظلام و لسهولة دخول و خروج الناس من الخان ليلا .
يوجد لوحة رخامية على يسار الداخل الى الخان ما نصها : خان أسعد باشا
بناه والي دمشق أسعد باشا العظـم
سنة 1163 ـ 1749
KHAN AS'AD PACHA
Batic dar le gouverneur de Damas
ASAD PACHA AL-AZEM
1749 يتبع يتبع