حكاية عجيبة تلك التي تملي نفسها علي , هي حكاية يتأمر بها العقل على قلبي , ليجعلني ألاطف النسيان , وكأني لم أكن يوما ً له الطفل المدلل , ذلك الطفل الذي لطالما أحتزن بين أوراق ذاكرته كل الذكريات , معركة أتسلح بها بداخلي , وبعضا ً من أسلحة أهدتني أياها يوما ً , عجيبة تلك الحكاية التي كلما حاولت مقاومة أحداثها القليلة لألقي بها في بئر النسيان،تتحداني تفاصيلها بقوة فاشتهيت كتابتها لعلي أغرقها في بحار السطور .نعم أشهيت كتابتها كما أشهيت تفاصيلها التي جاهدت كثيرا إسقاطها من الذاكرة ،فالعقل يعاتبني يقسوا على أطرافي وكل ما أملك , يتمم دائما وأنا اترنح بين يديه قائلاً لي مرددا له , عيونك الحنونة الباكية التي تتساقط الدموع منها لؤلؤً لتمسح روحك بكل هذه الرقة.
مابك ؟؟؟؟ , أحتاجك , أحتاج لوجدانك , لروحك ,خذني أليك , أحبك , أحب صوتك الملائكي أحب حنانك , أحب رقتك , روحك , أحب دمعك وحزنك ,أحب جمالك
كم أنت جميل بالحب , بالرقة ,بالحنان , بالصدق .
ظل يهمس ويهمس , ينزف وينزف ,وأنا أبكي وأبكي وابكي كان بكائي يلهبه شوقا وحنينا لعله كان يعزيه , يهمس ويبكي , كنت أيضا مثله أبكي و أنزف كان يظن بكائي لأجل رحيله وسفره ووداعه وصراعي ,ربما اعتقد رفقتي له موافقة , ولطفي معه محبة ,ودمعي ضعفا , وصمتي صراع, كان يحاول أن يأخذ مني صورة زرعتها بيدي في ذاكرته , يزيلها هو بممحاته كي أنسى , لكن هيهات كان قلبي يقاوم ,يطلق العنان لقذائف الوفاء والشوق .
مد يده نحوي باحثا عن دفء يدي , لأول مرة يفعلها , مدها بهدوء حذر باحثا عن شوق وحب ورغبة أشعلتها كلماتي , كنت أبكي وأنزف لجواره , لكن , شوقا إلى تلك الملامح , شوقا للآخر , وانتحر ألف مرة مع كل كلمة أنسى تخرج منه , لم يكن يدري أن صورتها لا تفارق خيالي لحظة وهي المعلقة على حائط ذكرياتي , حتى في تلك اللحظات التي كنت فيها معه ,لم يكن يدري أني لا أستطيع أن أنطق باعتراف حب مماثل أو شوق أو رغبة لغير تلك الصورة ، لأنها لم تزل بنبضي تسكن أحلام يقظتي ونومي .لم يكن يدري أنها لم تزل واقفة في المسافة الضيقة بيننا وهو يحاول أن يسمع الكلمة التي يشتهي سماعها مني , أن أنسى , مازلت أمارس صدقي الوحيد معه .في لحظة ما أخذ عقلي يدي إليه , سحبتها بسرعة , أخذها ثانية , سحبتها بسرعة , بكى هامساَ : حرام عليك , دعها ,ضمها لصدره بين محاولاتي لإفلاتها منه راح يقبلها عشرات المرات بشوق ورغبة يتنهد , يمحو بها دمعه
همس : أحبك لا تتخلي عني أحتاجك , أريدك أن تنسى , عندها شعرت بأن حديثه لم يكن صادقا ُ وهو من أراد مني أن أنسى , لم يكن في حديثه ولا صدقه ولا همسه ما يجعلني أن أنسى , ولا يغريني بالرحيل عن وطن نستنشق هواءه ونتقاسم شمسه وقمره ومطره وسماءه , سحبت يدي بتصميم , وحدها هي من كنت أحب تقبيل يدها الرقيقة .
بكى كثيرا ً
بكيت أكثر
نزف كثيرا ً
نزفت صمتاً وأوجاعا ًوذكريات ماثلة بعمق القلب
نزفنا معاً حرماننا
وبكينا معا ًعلى أطلالنا .
رحل باكياً
رحلت أبكي داخل أعماقي
فلم أكن أتوقع أن العقل سيأتي يوما ً يطلب النسيان
9/23/2013, 21:51 من طرف دكتورة.م انوار صفار