السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صاحب الجنتين
قصة صاحب الجنتينورد ذكر القصة في سورة "الكهف"، بعد قصة أصحاب الكهف:
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا"[/size][/size]
مع جاريْن في الدنيا
كان عبد الله والحارث جارين متجاورين ، في السّكن والعمل.....أما عبد الله فقد كان رقيق الحال ، قليل العيال، شحيح الدَّخيل والمال، يسكن بناءًمتواضعا قد نآكلت جدرانه وانتخر سقفه، ورثّ أثاثه ...إلا أنه كان قانعا راضيا ،لاتفارقه الابتسامة ثغره ولاالبشاشة وجهه ولاالحمد أو الثناء لسانه ....آمن بالله ربا ، وبالإسلام ديناً وب محمد -صلى الله عليه وسلم- نبياّ...،يغدو على حرثه ،ويكد في سبيل رزقه ومعاشه....، ولايقصّر في سبيل الله....،فإذا ما دعا داعي الجهاد ،وأذن مؤذّن الغزو والكفاح وضع مسِحاته ومكتله جانبا ،ثم حمل سيفه أو انتضى رمحه وانطلق يخوض المعامع والمعارك.
وبإزاء سكن "عبد الله" المتواضع كانت تقوم دارٌ فخمة ، عالية البنيان ،متينة الأركان ، متعددة الحجرات ،واسعة الممرات.....،فاخرة الرياش ،قد ازيّنت بكلّ غالٍ ونفيس ..كان يسكنها "الحارث" مع عياله الكثثر،الذين يرفلون في الدمقس والحرير ، ويتطيبون بأغلى العطور وينعمون بالشهيّ من الطعام ، ويتمتعون بطيبات الحياة .
ولقد نَفَرَ "الحارث" وجَمَح عن دعوة الحق ،وآثر الضلالة على الهدى ،وظلّ على ولائه لجاهليته ....،يعبد الأصنام والأوثان ، ويستكثر من الرقيق ،ويستذل الضعفاء ويستغلهم ، ويستنبت الأرض بجهدهم وعرقهم......
كلتا الجنتين.....
كان الحارث يملك أرضا خصبة خيّرة ، قد وتعالى أدع الله سبحانه وتعالى -فيها ذروة العطاء ، تتدفق المياه فيها رقراقة غزيرة نميرة ......،وتمضي في قنوات ميسرة إلى كل أنحائها.... لتسقي تربتها وتغذي أصول شجرها من الأعناب والنخيل....
وكانت ثمارها تبدو على الأغصان كأنها القناديل المعلقة تشعّ نُضوجا وبهاءً ، مما يوحي إلى نفس الرائي الطمأنينة والرضى ،والحمد والشكر إن آمن واتّقى ....،اما من ضلّ وهوى فما تزيده إلا غرورا ونُكرا....
يتبع......