الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
مع باقة ورد عطرة منتدى الهندسة والفنون يرحب بكم ويدعوكم للإنضمام الينا

د.م. أنوار صفار

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم %D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%A9+%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9+%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9



الهندسة والفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهندسة والفنون

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل    دخولدخول        جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم I_icon_mini_login  

 

 جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بثينة الزعبي
المراقب العام المميز
المراقب العام المميز
بثينة الزعبي


الميزان
تاريخ التسجيل : 18/02/2012
العمر : 68
البلد /المدينة : النمسا / فيينا

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم   جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty5/26/2014, 20:48

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم
جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم 2Q==

لقد أعيت فصاحة القرآن الكريم وبلاغته كل الفصحاء والبلغاء الذين وقفوا وقفة إجلال وتعظيم أمام هذا الإعجاز المضطرد.
عن هشام الصحابي الجليل للإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب :

اجتمع في بيت الله الحرام أربعة من مشاهير الدهرية وأعاظم الأدباء وكبار الزنادقة وهم عبد الكريم بن أبي العوجاء وأبو شاكر ميمون بن ديصان وعبد الله بن المقفع وعبد الملك البصري فخاضوا في الحج ونبي الإسلام وما يجدونه من الضغط على أنفسهم من قوة أهل الدين ثم استقرت آراؤهم على معارضة القرآن الذي هو أساس الدين ومحوره. . فتعهد كل واحد منهم أن ينقض ربعاً من القرآن إلى السنة الآتية... ولما اجتمعوا في الحج القابل وتساءلوا عما فعلوا اعتذر ابن أبي العوجاء قائلاً أنه أدهشته آية:
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "
فأشغلته بلاغتها وحجتها البالغة.
وأعتذر الثاني قائلاً أنه أدهشته آية :
" ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) .
فأشغلته عن عمله...
وقال ثالثهم أدهشتني آية نوح:
(وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين) .
فأشغلتني الفكرة عن غيرها.
وقال رابعهم أدهشتني آية يوسف: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) .
فأشغلتني بلاغتها الموجزة عن التفكير في غيرها.
قال هشام وإذا بأبي عبد الله الصادق يمر عليهم ويومئ إليهم قائلاً :
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً "
كثيرا ما أدهشتنا آية توقفنا كثيرا أمامها وكلمات ،، تساءلنا لِم كانت هذه بذاتها ؟ مالسبب في أفضليتها ومالإعجاز فيها ؟
أو تأخير فاعل لم نعلم سببه وأهميته وبلاغته ؟..
سنأخذكم هنا مع جولة سريعة يسيرة ممتعة بالتأكيد
مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم

متابعتكم تسعدنا  Very Happy 
سأبدأ رحلتي قي رياض القرآن مع الآيات التي تقدم ذكرها, وسنبدأ بهذه الآية الشريفة :

(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
قال فيها طائفة من علماء العرب : إن هذه الآية تعد أفصح آيات القرآن وأبلغها, وإن كانت آياته جميعا في غاية البلاغة والفصاحة.
وروى أن أعرابيا سمع بهذه الآية فقال : هذا كلام القادرين.
في هذه الآية صور بلاغية في قمة الروعة والجمال.
لا عجب في ذلك, فإن هذه الآية مع قصرها قد احتوت على أكثر من خمسة وعشرين فنا بلاغيا, وقد ذكر ابن أبي الاصبع أن فيها عشرين ضربا من البديع.
هذه الآية تصور حدثا تاريخيا ثابتا بعبارات موجزة مختصرة, تحتوي على لمسات بلاغية في غاية الجمال.
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي"
فيه إشارة موجزة إلى اشتراك السماء والأرض في عملية إطغاء الماء بأمر الله سبحانه وتعالى.
قيل : كلمة تحتوي داحلها الشيء الكثير, أُريد منها التعبير على سبيل المجاز عن الإرادة.
ياأرض ... يا سماء...
الخطاب موجه إلى الجماد, مسبوقا بياء النداء .
كذلك تأملوا الترتيب في الجمل :
يا أرض ابلعي, وياسماء اقلعي.
تم تقديم أمر الأرض على أمر السماء, لأنها كانت ابتداء الطوفان.
لا حظوا الاستعارة في ( ابلعي ) و ( اقلعي)
تأملوا هذه المقاطع :
( قيل )
( قضي الأمر )
( قيل بعدا )
لم يُصرح باسم الفاعل في هذه المقاطع الثلاثة, بل جاءت الأفعال في صيغة المبني للمجهول, وذلك من باب التعظيم, حيث أن هذه الأحداث التي تمت إنما فاعلها واحد لا يشاركه في أفعاله أحد, وأنه فاعل قادر مكون قاهر.
تأملوا هذين المقطعين :
وَغِيضَ المَاءُ ( حذف الفاعل وهو الأرض )
وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ - ( حذف الفاعل وهو السفينة )
تأملوا التجانس اللغوي في الكلمتين ( اقلعي ) و ( ابلعي ).
( يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ )
أمر إلهي يصدر إلى الجمادات فتستجيب لأمره.
على ما ذا يدل هذا؟

يتــــبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بثينة الزعبي
المراقب العام المميز
المراقب العام المميز
بثينة الزعبي


الميزان
تاريخ التسجيل : 18/02/2012
العمر : 68
البلد /المدينة : النمسا / فيينا

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم   جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty5/26/2014, 20:59

قبل أن نكمل نشير إلى بعض معاني الكلمات في الآية

البلع : حقيقته اجتياز الطعام والشراب إلى الحلق بدون استقرار في الفم . وهو هنا استعارة لإدخال الشيء في باطن شيء بسرعة ، ومعنى بلع الأرض ماءها دخوله في باطنها بسرعة كسرعة ازدراد البالع بحيث لم يكن جفاف الأرض بحرارة شمس أو رياح بل كان بعمل أرضي عاجل ، وقد يكون ذلك بإحداث الله زلازل وخسفا انشقت به طبقة الأرض في مواضع كثيرة حتى غارت المياه التي كانت على سطح الأرض . ( إسلام ويب)
الإقلاع عن الأمر :الكف .
أقلع فلان عما كان عليه : أي كف عنه.
أقلعت السماء أي ذهب مطرها حتى لا يبقى منه شيء.
أقلع عن الأمر أي تركه.
غيض :
غاض الماء : نقص أو غار فذهب.
وفي الصحاح : قل فنضب
الغيض : النقصان, ومنه الآية القرآنية " وما تغيض الأرحام " أي تنقص.
الجودي:
ذكرت كتب التفسير موقع جبل الجودي في أماكن ثلاثة :
الموصل ، قرب الموصل ، بآمل بالشام
( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
الفائدة الأولى:
توجيه النداء الإلهي إلى السماء والأرض بخطاب كأنه موجه إلى العقلاء والمميزين ( اقلعي - بلعي ) , وتستمع السماء والأرض لهذا الخطاب فتستجيب له .
معروف أن السماء والأرض من الموجودات الضخمة جدا, ولذا فإن وجود متصرف وقادر يمتلك القدرة في أن تستجيب هذه الأشياء الضخمة لأمره, ليدل على عظمته اللامتناهية وقوته النافذة.
الفائدة الثانية :
إذا كانت القدرة الألهية تنفذ إلى الجمادات فنفوذها إلى الأحياء سيكون من باب أولى
من الجوانب البلاغية التي يلمسها المتأمل في هذه الآية :
- إفراد الماء, وفي ذلك إشارة إلى أن الماء لم يحصل من تكاثر المياه واجتماعها, بل هو نوع واحد حصل بأمر الله سبحانه وتعالى.
- إفراد أرض, وفي ذلك إشارة إلى شمولية هذا الماء كل الأرض.
- " ياسماء اقلعي "
في هذا المقطع القرآني مجاز مرسل , علاقته السببية, وتقديره يامطر السماء اقلع.
- " يا أرض ابلعي ماءك " :
في إضافة الماء إلى الأرض مجاز, تشبيها لاتصاله بها اتصال الملك بالمالك, كما أن فيه تنبيه على أن الأرض مصدر حدوث هذا الماء أيضا.
- في الآية فن بلاغي وهو الإرداف :
المقصود بالإرداف : وهو أن يريد المتكلم معنى ولا يعبر عنه بلفظ الموضوع له, ولا بدلالة الإشارة بل بلفظ يرادفه.
المثال الأول : ‏" ‏وقضي الأمر‏ "
والأصل‏:‏ وهلك من قضى الله هلاكه ونجا من قضى الله نجاته.
إن في استخدام لفظ الإرداف إيجاز وتنبيه على أن هلاك الهالك ونجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع وقضاء من لا يرد قضاؤه والأمر يستلزم آمرًا فقضاؤه يدل على قدرة الآمر به وقهره .
المثال الثاني : ‏" واستوت على الجودي‏ "
‏ حقيقة ذلك جلست فعدل عن اللفظ الخاص المعنى إلى مرادفه لما في الاستواء من الإشعار بجلوس مستقر لا ميل فيه وهذا لا يحصل من لفظ الجلوس.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
فن الاحتراس : ذكر معنى فيه غموض ثمّ الإتيان بما يزيل هذا الغموض.
ويسمى أيضا بالتكميل
( وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
في هذا المقطع جانب بلاغي - الاحتراس - ففيه إشارة إلى أن ذلك الطوفان بصورته المرعبة لم يكن عبثا, و إنما هو عقاب لأولئك الظالمين المكابرين, لئلا يتوهم أحد أن هذا العذاب جاء إلى من لا يستحقه, وفي هذا إشارة إلى عدل الله وأن أفعاله تصدر بحكمة, فهذا العذاب جزاء لهم على استكبارهم واستعلائهم على الله تعالى.

ومن شواهد الاحتراس الأخرى في القرآن الكريم :
" وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء"
(من غير سوء) احتراس من توهم البرص وغيره.
وقول المتنبي:
ويحتقر الدنيا احتقار مجرب
يرى كل ما فيها , وحاشاك, فانيا
فقوله ( وحاشاك) احتراس من دخوله في كل من فيها.
وقول طرفة بن العبد (4) :
فسقى ديارَك ـ غير مفسدها ـ
صوْبُ الربيع وديمة تهمي
فقوله (غير مفسدها) احتراس عن المطر المسترسل الذي يسبب الخراب والدمار.

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بثينة الزعبي
المراقب العام المميز
المراقب العام المميز
بثينة الزعبي


الميزان
تاريخ التسجيل : 18/02/2012
العمر : 68
البلد /المدينة : النمسا / فيينا

جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم    جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم Empty5/26/2014, 21:14

( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
حسن النسق :
يراد بالنسق أن تكون الكلمات المتتالية ذات تلاحم قوي ومحكم وسليم, بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها, واستقل معناها بلفظها عن الأخرى.
إن هذه الآية مثال قوي على تجسيد هذا الفن البلاغي, فجمل الآية الشريفة جاءت مترادفة بواو النسق, بترتيب في غاية الجمال, فالهدف الأسمى هو أن ينطلق أصحاب نوح من السفينة إلى الأرض, وذلك لا يتحقق إلا بانحسار الماء عن الأرض, فلذلك تم توجيه النداء إلى الأرض أولا حيث أُمرت بابتلاع الماء, ثم وجه النداء الثاني إلى السماء بالإقلاع, ثم تلى ذلك مجيء خبر ( غيض المااء ) حيث انحسار الماء, وأعقب ذلك بيان ( وقضي الأمر ) والذي يوحي بهلاك القوم العصاة ونجاة القوم المؤمنين, ثم الإشارة إلى استواء السفينة واستقرارها ليالظلم والطغيان الأمن في أنفس النجاة, ثم اختتام المشهد بالدعاء على العصاة المكابرين.
يوجد تناسق قوي بين هذه الجمل المعطوفة.
لا حظوا أن كل جملة قائمة بذاتها, وبمكن أن تعطي معنى مستقلا منفردة :
" قيل يا أرض ابلعي ماءك"
" يا سماء اقلعي "
" غيض الماء"
" قُضي الأمر "
" استوت على الجودي "
"قيل بعدًا للقوم الظالمين "
فن الإشارة :
يراد بفن الإشارة دلالة اللفظ القليل على معان كثيرة.
في المقطع القرآني {وَغِيضَ ٱلْمَاء } مثال قوي على فن الإشارة, فلقد عبر هذا المقطع عن معان كثيرة, فالماء لا يغيض حتى تكف السماء عن المطر, وتبلع الأرض ما يخرج منها فينقص ما على وجه الأرض من ماء.
الإيجاز:
التعبير عن المعنى الكثير بأقل لفظ دون أن يؤدي ذلك إلى فساد المعنى.
( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
كي نفهم بشكل أعمق جانب الإيجاز في هذه الآية الكريمة, تأملوا معي تركيب الكلم في هذه الآية العظيمة :
استخدم جل جلاله صيغة المبني للمجهول " قيل " " قُضي" " غِيض " وفي هذا إيجاز حذف, حيث حُذف الفاعل, للعلم به.
قال الله تعالى " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي " ولم يقل " يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا سماء أقلعي أقلعت ", فالتقدير قيل لهما ذلك فامتثلا الأمر ونقص الماء,, وفي هذا إيجاز .
تأملوا هذا المقطع مرة أخرى, " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي " :
لم يذكر سبحانه وتعالى متعلق ( يا سماء اقلعي ) بغية للاختصار والإيجاز, وابتعادا عن حشو الكلام, حيث أن المراد هو ( أن تمسك السماء ماءها ), وذلك يفهم من سياق المقطع السابق ( يا أرض ابلعي ماءك ), فلم تعد حاجة لذكر الماء مرة أخرى.
كذلك قال " وغيض الماء " ولم يقل " وغيض ماء الطوفان
وقال " وقضي الأمر " ولم يقل " وقضي أمر نوح وقومه " فاستغنى عن ذلك بحرف التعريف ( أل).
وقال " واستوت على الجودي " ولم يقل " وسويت على الجودي "
نلاحظ أن هذه الأفعال في هذه الآية قد جاءت بصيغة المبني للمجهول– قِيل, قُضي, غيِض - بينما جاء الفعل الفعل ( استوت ) بصيغة الماضي, وذلك لأن استواء السفينة واستقرارها مقابلٌ للجريان المنسوب إليها في قوله تعالى :
وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ..." – هود : 42
وقال سبحانه " وقيل بعدا للقوم .. " ولم يقل " و قيل ليبعد القوم .. " طلباً للتأكيد مع الاختصار
- جاء سبحانه وتعالى بالمصدر " بعدًا" ليعطي نفس دلالة " ليبعدوا بعداً ".
- جاء بحرف اللام – للقوم - للدلالة على استحقاق أولئك العصاة الهلاك وما حل بهم من عقاب.
- جاء بالكلمة ( الظالمين ) دون تقييد بل بشكل مطلق, للدلالة والتأكيد على فظاعة سوء اختيار العصاة من قوم نوح حيث كذبوا نبيهم, وظلموا أنفسهم بإعراضهم عن دعوته.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) 44 هود
التسهيم :
المقصود من التسهيم هو دلالة الكلام المتقدم على الكلام المتأخر, أو بالعكس, و نجد ذلك في هذه الآية حيث أن أول الآية يدل على آخرها.
التهذيب:
ويراد منه أن تكون الألفاظ حسنة, وكل لفظة سهلة مخارج الحروف, بعيدة عن الغرابة والتنافر.
إن كل كلمات هذه الآية ذات تهذيب, فهي ألفاظ جميلة و سهلة النطق, وذات معان واضحة, فالسامع لا يشكل عليه شيء في استيعاب المعنى المراد.
ائتلاف اللفظ والمعنى :
قيل أن ألفاظ هذه الآية الشريفة تسابق معانيها ومعانيها تسابق ألفاظها, حيث يوجد انسجام قوي, وائتلاف محكم بين الألفاظ ودلالتها بحيث أنه لا يصلح في موضعها غيرها, وهذا يدل على حسن اختيار الألفاظ المعبرة عن المعنى المطلوب.
قال " يا أرض " ولم يقل " يا أيتها الأرض " قصداً إلى الاختصار واحترازا عن تكلف التنبيه المشعر بالغفلة غير المناسبة للمقام.
اختير لفظ الأرض والسماء - ولم يتم اختيار الألفاظ الأخرى الدالة عليهما كالمقلة والغبراء وكالمظلة والخضراء- لكونهما أخف وأكثر استعمالا.
تأملوا اختيار الكلمة ( ابلعي ) بدلا من ( ابتلعي) رعاية للاختصار, وتحقيقا للتناسق اللفظي بينها وبين الكلمة ( اقلعي ).
لم يورد القرآن الكلمة ( غيض ) المشددة بدلا من ( غيض ) رعاية للاختصار.
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
رد العجز على الصدر :
يراد برد العجز على الصدر" أن تتكرر كلمتان متماثلتان : إحداهما في صدر الكلام, والأخرى في عجزه "
تكرر مجيء الكلمة ( قيل ) في بداية الآية وآخرها.
بداية الآية : " وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي "
عجز الآية : " وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "
من الشواهد القرآنية الأخرى حول هذا الفن :
" استغفروا ربكم إنه كان غفارا" – نوح : 10
جاءت الكلمة ( استغفروا ) في أول المقطع القرآني, و ( غفارا ) في آخره.
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
جاء التعبير بالكلمة ( قِيلَ ) على سبيل المجاز عن الإرادة من باب ذكر المسبب وإرادة السبب لأن الإرادة تكون سبباً لوقوع القول في الجملة.
في المقطع " يا أرض ابلعي " استعارة مكنية, حيث جاءت الكلمة (ابلعي ) للإشارة إلى غور الماء في الأرض.
في المقطع " يا سماء اقلعي " استعارة مكنية, حيث دلت اقلعي على احتباس الماء.
( وترى الناس سكارى وماهم بسكارى و لكن عذاب الله شديد )
النص قال لنا أولاً ( وترى الناس سكارى )قالها على نحو المجاز ، دون أن يفجأنا بعد ذلك بأنهم ليسوا بسكارى . فوضعنا أمام الإستعارة أولاً ، ثم نفاها عنّا ، وقال : بأن المسألة لا استعارة فيها ، و لكن عذاب الله شديد ، ولذلك ترى الناس وكأنهم سكارى .
هنا ينبغي أن نلتفت إلى هذا النحو من أساليب الفن المدهش الممتع ، فإذا كان الهدف من التشبيه أو الإستعارة ونحوها هو : تعميق المعرفة وتوضيحها ، فإن الفارق حينئذ ينتفي بين ما هو حقيقي و ما هو مجازي إذا قدر أن يستخدم نحو من التعبير الذي يحقق الهدف المذكور ، فإذا قال النص : " و ترى الناس سكارى " مكتفياً بذلك فإن السامع سيختلص سريعاً بأن السكر نابع من الهول ، فإذا قال النص : " ماهم بسكارى و لكن عذاب الله شديد " فإن السامع سيتضاعف إحساسه بهذا المعنى ، لا لأن الاستعارة لا تحقق له هذه المضاعفة ، بل لأنه - أي النص - قد لفت نظره مباشرة إلى أن السكر هو من الهول .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جولة ممتعة مع روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صور الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم
» الألوان في القرآن الكريم القرآن علم وبيان.
» من روائع القران الكريم
» مجلة الهندسة والفنون العد108
» روائع الإعجاز الغيبي في كلام نبيّ الرحمة صلى الله عليه وسلم.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهندسة والفنون :: الآسلامي :: --الأسلامي-
انتقل الى: