يعتبر بئر هداج من أهم معالم مدينة تيماء الأثرية الشهيرة في المملكة العربية السعودية، ورمزها التراثي القديم، وهو من أشهر آبار الجزيرة العربية وأغزرها وأعمقها، يبلغ قطره 50 قدما وعمقه 40 قدما، ذو شكل دائري غير منتظم، ضرب به المثل بالكرم فوصف الرجل المعطاء ب "هداج تيماء"، ويقع داخل إطار دائري من أشجار النخيل الباسقة.
يستمد بئر هداج أهميته من الدور الذي لعبه في حياه الأقدمين والمحدثين حيث جعل من مدينة تيماء مدينة رزاعية كثيرة النخيل، هائلة البساتين وذلك لسعتة ووفرة وعذوبة مائه، ويعتمد بئر هداج في مائه على إنتاجية العين الموجوده في زاويته الجنوبيه الغربية والتي لايزال ماؤها يتدفق حتى وقتنا الحاضروتنتقل المياه منه الى المزارع بواسطة احدى وثلاثين قناة تبدأ من حواف البئروتتفرع الى البساتين على مختلف مواقعها مما جعل تيماء جنة في الصحراء.
يعتقد أن بئر هداج حفر في منتصف الألف الأول قبل الميلاد، اي حوالي منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وذلك اعتمادا على مقارنة طريقة بنائها مع العديد من المعالم الاثرية المؤرخة مثل قصور الرضم والسور والحمراء التي تعود الى العهد البابلي بشمال السعودية.
ويعتقد خبير الآثار السعودي الدكتورعبد الرحمن الأنصاري أن أصل تسمية بئر هداج يعود إلى وجود صلة بين لفظ "هداج" وبين اسم "هددو" او "أدد" إله الماء لدى الساميين وخاصة الآراميين الذين استوطنوا تيماء في أوائل الألف الأول قبل الميلاد. وهذا هو الرأي الارجح عند الأثريين.
وقد ذكر بئر هداج في كثير من قصائد الشعر العربي وتغنى بها الشعراء قديما وحديثا، ونذكر هنا على سبيل الذكر لا الحصر، بيتا من شعر الصموءل حاكم تيماء في القرن الخامس الميلادي الذي يقول مفاخرا ببئر تيماء وحصنها: " بنى لى عاديا حصناً حصيناً وماء كلما شئت استقيـت".
وتهدد الجفاف بئر هداج خلال السنوات الماضية، حيث شهد تذبذبا ملحوظا في مستوى مياهه؛ بسبب قيام المزارعين المجاورين للبئر بحفر آبار ارتوازية داخل مزارعهم مما سبب انخفاض منسوب الماء فيها نوعاً ما. و شهد أسوأ حالاته عندما أقدم أصحاب الأملاك المجاورة بإنشاء مشاريع جديدة، أدت إلى طمر أماكن ورود وتصدير الجِمال والسواني، وأدخل إليها عناصر بنائية غير مماثلة لما هو مستخدم في بنائها؛ الأمر الذي أضر بالبئر كثيرا.
وقد لفت حال البئر نظر أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان آل سعود والذي أمر بمشروع الملك سعود لترميم البئر بتمويل ومبادرة منه، وأثمر ذلك عن قيام بلدية تيماء، وبمشاركة الأهالي وإدارة آثار تيماء، بإعادة الأجزاء المتهدمة منها بالأسلوب المتبع نفسه في طي البئر، ورُصفت حواف البئر، ثم وُضع سياج حديدي لمنع أي تعدٍّ أو رمي مخلفات فيها.
-