ان يكون الأب حازما وصارما مع أطفاله هو أمر ربما يكون مفيدا ومجديا للصغار في سن مبكرة، لكن ماذا لو ظل والدك شديد الصرامة والتشدد معك حتى بعد أن أصبحت على عتبات عالم الكبار، وربما تكونين قد التحقت بالجامعة بالفعل؟
الأمر يصبح أكثر صعوبة وتعقيدا في هذه الحالة، لأن الأب يصر على الاستمرار في معاملتك كما لو كنت في الخامسة من عمرك ولا يتقبل حقيقة أنك قد كبرت وأصبحت لك حياتك، ويجب أن تكون لك مساحة من الحرية والخصوصية والاستقلال، تحت إشرافه العام، ودون تدخلات سافرة وخانقة تزعجك.
كيف تتعاملين إذن مع مثل هذا الأب؟ سنخبرك فيما يلي:
اكسبي ثقته
حتى يبدأ والدك في التعامل بواقعية، ويدرك أنك بالفعل قد كبرت وأصبحت امرأة شابة، فيقلل من صرامته معك وشدته في معاملتك والتحكم في حياتك وتصرفاتك، لا تبدي له إحساسك بالضيق والمقاومة قدر الإمكان، بل حاولي أن تثبتي له عمليا أنك لم تعودي طفلة بعد الآن، بل إنسانة كبيرة ومسئولة يمكنها رعاية إخوتها الصغار، ومساعدة والدتها في شئون المنزل، ومساعدته هو نفسه في التخطيط لشئون الأسرة، والأهم إلى جانب كل ذلك، التصرف بمسئولية وعقلانية فيما يخص حياتك وعلاقاتك الشخصية وأداءك الدراسي.
كوني أمينة معه
إذا أصر والدك على مرافقتك يوميا إلى المدرسة أو الجامعة أو النادي، واصطحابك أيضا عند العودة، مما يحرجك أمام زميلاتك وزملائك، ويمنعك من الحركة بحرية أو الذهاب والعودة مع صديقاتك، وتناول وجبة خفيفة في منتصف اليوم بأي مكان عام، فحاولي التحدث معه، وأبلغيه أنك تقدرين للغاية تعبه وإصراره على الاطمئنان على ذهابك وعودتك بأمان يوميا، وأكدي له أنك ستكونين بأمان أيضا إذا ذهبت وعدت بصحبة صديقاتك في وسائل المواصلات العادية أو في سيارة أجرة حتى تقضي وقتا أطول معهن وتستمتعي بصحبتهن، وأنك ستحرصين على الاتصال به وإبلاغه بتحركاتك حتى لا يقلق. لا مانع أيضا من أن تقبلي بسعادة قيامه بمهمة توصيلك مرتين مثلا أسبوعيا، حتى لا يظن أنك ترفضين اهتمامه وتستبعدينه تماما من حياتك.
الدبلوماسية تفيد أحيانا
إذا كان والدك يصر دوما على شراء ملابسك وإكسسواراتك وكتبك بنفسه، ويختارها أيضا وفقا لذوقه الخاص، فأنت بالتأكيد ستضجرين من ذلك، لكن كيف تتواصلين معه بشكل لا يحرجه ولا يحدث طاغيةا بينكما؟ استخدمي القليل من الدبلوماسية، وأفهمي والدك أنك تشفقين عليه من التعب والإرهاق الدائم الذي يعانيه بسبب العمل وأيضا تحمل كل مسئوليات الأسرة والأبناء. اعرضي عليه اصطحاب إخوتك الأصغر لشراء مستلزماتهم من ملابس وخلافه، وأخبريه أنك ستشترين ما يخصك أيضا حتى تخففي عنه بعضا من أعبائه. كوني حريصة على الالتزام بالميزانية التي يحددها والدك للتسوق، وتجنبي تماما في المرات الأولى أن تصدميه باختياراتك الجامحة للأغراض، وتأكدي أنه سيترك لك الأمر بعد ذلك.
اصبري وكرري المحاولة
لو صدك والدك عند محاولة تطبيق أي فكرة مما سبق ذكره، ورفض الاقتناع بالتراجع وترك حرية التصرف لك، فلا تيأسي وتستسلمي سريعا، بل كرري المحاولة، واعلمي أن الأمر يحتاج إلى الصبر والمثابرة.
لا تبتعدي تماما عن والدك
لو تم لك ما تريدين، واستطعت في النهاية التخلص من سيطرة والدك وصرامته وتحكمه في كل تفاصيل حياتك، فلا تجعلي هذا بمثابة استبعاده تماما من حياتك، بل احرصي من وقت لآخر على اصطحابه في جولات التسوق مثلا، والأخذ برأيه في بعض الاختيارات والألوان، أو اطلبي منه مرافقتك وصديقاتك في نزهة ما، حتى يتعرف عليهن أكثر ويطمئن لمصاحبتك لهن. والأهم من كل ذلك، احرصي على قضاء بعض الوقت الخاص مع والدك بمفردكما، واتركيه يدلك ويصنع لك طعامك لو أراد، ويناديك باسم التدليل الذي يحبه، دون أن تتذمري وتذكريه بأنك قد كبرت على ذلك.